هل آن الأوان لأن تصبح بقرة بريطانيا الحلوب مدينة دولة؟
المشهد غرفة طعام جنوبي لندن. وتتألف العائلة من ابنة في أواسط العشرينيات، وأمها وأبيها. إنهم يتمتعون بعشاء من اللحم المشوي.تقول الابنة وهي تبتسم ابتسامة خبيثة: «أعتقد أن عمدة لندن، بوريس جونسون، على وشك إعلان استقلال لندن».تتنهد أمها بحنان. وتقول: «الواقع يا حبيبتي أنك أحياناً تطلقين العنان لخيالك ليسرح بعيداً. لا بد أنك تشيرين إلى تقريره حول لجنة مالية لندن، لكنه لا يقول إنه يجب تفكيك بريطانيا».ويرى زوجها أن هذا نوع من ردود الفعل العادية على استفزاز ابنته بشأن اللجنة التي كان رئيسها توني ترافيرس من كلية لندن للاقتصاد. ويقرر مساندة زوجته، فيقول: «قامت اللجنة بما هو متوقع منها. أعدت تقريراً معقولاً من شأنه إعطاء لندن استقلالاً ذاتياً في المالية العامة، من الواضح أنه من النوع الذي ينبغي أن تتمتع به».تهز الزوجة والابنة رأسيهما علامة على الموافقة. ويواصل الزوج : «مع ذلك هذا الأمر يفوق كثيراً ما يمكن أن يمنحه السياسيون في بريطانيا. إنهم يشعرون بأنهم ملزمون بإعطاء استقلال أكبر للمناطق «السلتية» الطرفية، مثل اسكتلندا وويلز. أما لندن؟ إنها العاصمة والمحرك الاقتصادي. إذا لم تكن لندن خاضعة لحكم البرلمان والحكومة البريطانية، فما الذي يتبقى لهما؟ إن إدارة قصر بكنغهام لن تكون الشيء نفسه. بل إن التقرير يوصي بأنهما ينبغي ألا يفعلا ذلك».تهز زوجته رأسها. وتقول: «سيوضع التقرير على الرف. الاستقلال؟ فعلاً؟ دعك من هذا». تصمت لحظة ثم تضيف: «هذا أمر مؤسف. إن مركزية بريطانيا مذهلة. يقول التقرير إن 7 في المئة من جميع الضرائب التي يدفعها أهل لندن والشركات يحتفظ بها العمدة والمناطق. في نيويورك يبلغ هذا الرقم 50 في المئة. ونيويورك تقريباً مدينة دولة. إن لندن عبارة عن ملحق بالحكومة البريطانية. من المذهل تماماً أن أمورها تسير سيراً حسناً على هذا النحو».يوافق زوجها ويقول: «نعم. لكن هذا جزء من مشكلة أكبر».ويتابع: «الناخبون لا يحملون السلطات المحلية على محمل الجد، لأنهم يعلمون أنه ليس لديها استقلال ذاتي يذكر، والحكومة لا تعطي الحكومات المحلية استقلالاً ذاتياً، لأن الناخبين لا يحملونها على محمل الجد. في بريطانيا، تبلغ الإيرادات التي تحصلها الحكومات المحلية مجرد 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لكنها تشكل 4.6 في المئة من فرنسا ذات النظام المركزي التاريخي، و16.1 في السويد. وتسيطر الحكومة المركزية سيطرة قوية حتى على الضرائب التي تسمح بها. الحكومات المحلية مجرد فروع من دولة مركزية فائقة القوة.ثم يفاجأ الأب بأنه تحدث هذه المدة دون مقاطعة – وهي تجربة نادرة وبهيجة. ويتوقف ليفتح المجال أمام شخص آخر.وتسأل الزوجة: «حتى لو لم ينتج عنها أي شيء، ما هي في الواقع توصيات اللجنة؟».يجيب الزوج: «أن يكون العمدة والمناطق مسؤولين عن خطة الاستثمار ذات رأس المال العالي في المدينة».تقاطعه الزوجة: «ماذا؟ بوريس هذا خفيف الدم. هل تريده أن يتولى مسؤولية تطوير المدينة؟».يقول الزوج: «هذا ما ستظنه الحكومة كذلك. كين ليفينجستون وبوريس ليسا من الناس الذين تريد الحكومة نهائياً أن تراهم يتولون مسؤولية ميزانية استثمارية ضخمة. مع ذلك هذا ما يقتضيه الاستقلال الذاتي».ابتهج الزوج بهذا الموضوع، لذلك يتابع: «يتوقع التقرير أن يبلغ سكان لندن عشرة ملايين بحلول عام 2030. وهي بحاجة إلى استثمارات كثيرة في البنية التحتية، من أجل مساندة النمو. ويتحدث التقرير عن ضرورة السماح لها بالاقتراض بحرية».تسأله الزوجة: «وماذا عن الضرائب؟». يجيب: «هذا موضوع كبير. تجرأ التقرير على القول إن جميع الضرائب على العقارات ينبغي تحويلها إلى لندن. وستكون قادرة على التقرير بخصوص قيم العقارات، وهو أمر هناك حاجة ماسة إليه. كذلك ستذهب الضرائب على الشركات إلى لندن. بل إن التقرير يوصي بتحويل جزء من ضريبة الدخل ويوصي بأن يُسمح للندن بإدخال ضرائب أصغر خاصة بها».لكن الزوجة لم تقتنع. وتقول: «أفكار ذكية. لكنها لن تتحقق. كذلك هي لا تمضي إلى الحد الكافي. نحن بحاجة إلى ضريبة كبيرة على العقارات الخالية، خصوصاً التي يملكها أجانب أثرياء. إن لندن تتحول إلى مدينة أشباح مكلفة. لا بد أن يكون في مستقبلها ما هو أكثر من خدمة الأثرياء العالميين».يهز الزوج رأسه: «كذلك التقرير لم يوص بأفضل سياسة في المالية العامة، وهي فرض الضرائب على قيمة الموقع. من شأن هذا استعادة تكاليف البنية التحتية، على اعتبار أنها دائماً ترفع أسعار العقارات. فما الداعي لأن يحصل أصحاب المساكن على ثروة تهبط عليهم مجاناً؟».ترد الزوجة: «نعم يا عزيزي»، لأنها تعلم أن هذا هو الموضوع المفضل لدى زوجها. «لكن تنشأ مشاكل أخرى. البنية التحتية للندن هي كذلك من الموجودات المهمة للبلاد. ومن المفترض أن تساهم بقية بريطانيا فيها. ثم كيف يمكن تخطيط لندن من دون جنوب شرقي إنكلترا؟».يرد الزوج: «أنا متفق معك تماماً. ينبغي توسيع المنطقة التي تسيطر عليها لندن. يجب أن نبني فوق الحزام الأخضر بكامله ونحاول تخفيض أسعار المساكن المجنونة. لو أن الفكتوريين كانوا محافظين مثلما نحن الآن، فإن لندن اليوم لن يكون لها وجود. علينا أن نبني المزيد. لكن ما علاقة هذا بالاستقلال؟» ثم يستدير نحو ابنته، التي كانت تنتظر بصبر.تقول الابنة بنوع من اليأس: «لا أحد منكما يرى الصورة الكبيرة. حتى التقرير يضع اقتراحاته في السياق الأرحب لتفويض السلطات. فهو يضيف أن عدد سكان لندن أكبر من عدد سكان اسكتلندا وويلز مجتمعين. ولندن أغنى بكثير منهما، وتستطيع بكل بساطة أن تكون مستقلة في المالية العامة. إنها البقرة الحلوب للأمة. هذا هو عصر المدن، وليس عصر اقتصادات البلدان. آن الأوان لأن تصبح لندن مدينة دولة».يبتسم الوالدان بنوع من التأييد والمراعاة. إنهما يعلمان تماماً عدم اكتراث ابنتهما بأي شيء خارج مدينة لندن الكبرى. إنها لندنية من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.تتابع الابنة: «رأيت ابتسامتكما. أنتما تفتقران إلى الخيال بشكل واضح تماماً. خذا مثلاً ما حدث في اسكتلندا، فبدلاً من أن يعمل تفويض السلطات على تخفيف المطالب، زاد منها. مع شيء من الحظ سيحدث الشيء نفسه هنا. أنا أعلم أن التقرير يتحدث عن تحويل لندن إلى أنموذج للمدن الصغيرة المتقاربة الأخرى. لكن من الذي يكترث لذلك؟ ينبغي مقارنة لندن باسكتلندا. وصف أحدهم لندن بأنها: ُُمدينة من الطراز الأول، مرتبط بها بلد من الدرجة الثانية. لذلك دعونا نفصلها عن بريطانيا».انتهت الوجبة. تنهض الأم وتقول: «هذا كلام فارغ. لندن إنكليزية. فضلاً عن ذلك، بوريس لا يريد الاستقلال. إنه يريد أن يصبح رئيس وزراء بريطانيا، وليس رئيس وزراء دولة لندن».* فايننشال تايمز«ارنست آند يونغ»: التضخم كلف بريطانيا 10 مليارات جنيه في 3 سنواتكشف تقرير نشرته «ارنست آند يونغ» بلوغ التضخم في بريطانيا عشرة مليارات جنيه استرليني على مدى السنوات الثلاث الماضية.ويشير التقرير إلى أنه مع بقاء التضخم عند مستوى 3.5 في المئة في المتوسط مقارنة بالمستهدف من قبل بنك إنكلترا عند 2 في المئة، فإن التضخم سيظل لاعباً أساسياً بتأثيره.ويخلص تقرير «أرنست آند يونغ» إلى وجود تأثير «هدام» له على الاقتصاد البريطاني، فضلاً عن تأثيره السلبي على إنفاق الأسر، بينما لا تتوقع أن ينخفض معدله دون 2.5 في المئة قبل عام 2017.ويتوقع التقرير ارتفاع التضخم في أسعار المستهلكين إلى 3.0 في المئة خلال فترة الصيف، قبل أن تبدأ في التراجع إلى 2.5 في المئة خلال الخريف مع استقرار فواتير الطاقة وأسعار المواد الغذائية.يشار إلى أن حاكم بنك انكلترا الجديد مارك كارني يواجه تحدياً صعباً عند تولي المسؤولية في يوليو من «ميرفن كنغ»، حيث سيكون مطالباً بإبقاء التضخم تحت السيطرة بالتزامن مع امكانية حاجة الاقتصاد إلى التحفيز.كاميرون يحث مناطق تابعة للتاج على مكافحة التهرب الضريبيحث رئيس الوزراء ديفيد كاميرون جميع المناطق «الخارجية» التابعة للتاج البريطاني على ضرورة «ترتيب البيت من الداخل»، والتوقيع على المعاهدات الدولية الخاصة بمكافحة التهرب الضريبي.جاء ذلك من خلال ما كتبه كاميرون لعشر مناطق بما فيها جزر الكايمان، برمودا، جزر العذراء، وجزر تركس وكايكوس، التي تعد من الملاذات الضريبية الشهيرة في العالم.وأتى نداء كاميرون قبل عقد قمة مجموعة الثماني في شهر يونيو التي ستشهدها المملكة المتحدة، في ظل انتقادات متوالية للجزر والدول التي تحمل تهرب مواطنين حول العالم من دفع ضرائب لأقطارهم.ووفقاً للرسالة التي أتت من مكتب كاميرون فإنه أشار إلى ضرورة معرفة من يسيطر ويدير كل شركة.ومن المعلوم أن الرسالة تأتي أيضاً في الوقت الذي يستعد فيه قادة الاتحاد الأوروبي للقاء هذا الأسبوع لمناقشة التهرب الضريبي، حيث ستشهد العاصمة البلجيكية (بروكسل) هذا الاجتماع في الثاني والعشرين من مايو.(أرقام)
اقتصاد
حديث على العشاء... المكاسب الرأسمالية تثير أحلاماً بانفصال لندن
21-05-2013