مليونية عزل القضاة

Ad

الحشود التي دعا إليها الحزب الحاكم في مصر، حزب العدالة والحرية، أمام دار القضاء العالي والتي أطلق عليها مليونية تطهير القضاء، هي خطوة على طريق عزل 3500 مستشار، التي كشف عنها حديث المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، والتي اعتبرها وزير العدل المستشار أحمد مكي رجماً بالغيب، وهو حصول هذا الحزب على أغلبية برلمانية في مجلس النواب القادم، تمكنه من تمرير قانون العزل.

فسارع النظام الحاكم إلى حشد أنصاره في هذه المليونية ليأتي هذا العزل سريعاً وعلى يد مجلس الشورى، الذي يملك الآن سلطة التشريع ليصبح عزل القضاة مطلباً من مطالب الثورة، وهو ما سبق أن برر به النظام عزل النائب العام السابق.

الدعوة إلى الانقلاب على الدستور

والمليونية تتم بالتنسيق مع دعوة أطلقها المهندس عاصم عبدالماجد، القيادي بمجلس شورى الجماعة الإسلامية، في مؤتمر جماهيري في أسيوط يوم الأربعاء الماضي، في خطابه الذي طالب فيه الرئيس محمد مرسي بالتخلي عن الدستور، وأن يخرج إلى الشعب ويصارحه بالقول إن الدستور الحالي يعيقه عن العمل، وإنه سبب كل الأزمات التي تمر بها البلاد، ويترك الخيار للشعب لتعود الثورة إلى الشارع لعمل دستور جديد للخروج من المأزق.

لا لمؤسسات الدولة الأخرى  

وقال عبدالماجد في خطابه الجماهيري إن التيارات الإسلامية قد خدعت وانساقت وراء عمل دستور يقلص صلاحيات السلطة التنفيذية وخاصة صلاحيات رئيس الجمهورية، وأضاف عبدالماجد أن الدستور الحالي اقتص الصلاحيات من الرئيس وأعطاها لمؤسسات الدولة الأخرى التي يتحكم بها الفلول، لذا فالرئيس لا يستطيع أن يحكم فهو لا يملك إلا نسر الجمهورية. وكنت قد تنبأت في مقال نشر لي على صفحات "الجريدة" يوم الأحد 6 يناير من العام الجاري، بأنهم لن يحكموا بالدستور، وأرجعت فيه فشل التيار الإسلامي في وضع دستور يليق بمصر، إلى أن الغاية التي وضعها الإخوان نصب أعينهم، هي تمكين الجماعة من كل مؤسسات الدولة، وأن يضمنوا أغلبية برلمانية مماثلة لتلك التي حصلوا عليها في مجلس الشعب المنحل، قبل أن تتآكل شعبيتهم تماماً، وهي غاية تبرر لهم التضحية بالدستور، وخصوصاً أنهم لن يحكموا به، فطيلة الثمانين عاماً يرفعون شعاراً واحداً: "القرآن دستورنا... والإسلام هو الحل"، فلم يهيئوا أنفسهم لوضع دستور وضعي للبلاد، ولم تكن لديهم الخبرات والدراسات التي تؤهلهم لوضع هذا الدستور.

المطالبة بدستور جديد

ومن هنا جاء الدستور مخيباً لآمالهم، ورغم كل الصلاحيات التي منحوها لرئيس الجمهورية والتي تفوق صلاحيات الرئيس المخلوع في دستور 1971.

ويبدو أن القوى السياسية والثورية، والتي تجمعها جبهة الإنقاذ لم تعد وحدها التي تطالب بدستور جديد، بل أصبح التيار الإسلامي كذلك يطالب بدستور جديد، ولكن شتان بين الثرى والثريا.

فالقوى الثورية والسياسية التي أشعلت الثورة، في غياب التيار الإسلامي، الذي امتطى صهوتها بعد أن شعر أنها توشك أن تنجح تريد دستوراً ديمقراطيا حقيقياً، وانتخابات نزيهة، يضمن دولة تكفل لأبنائها الكرامة والعدالة والرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية.

ولكنهم يريدون دستوراً، لدولة شمولية، يجمع فيها الرئيس بكل سلطات الدولة من تشريعية وقضائية وتنفيذية.

إنهم يريدون حجّاجاً آخر، ذلك أن الحجّاج لم يكن فرداً، بل كان نظاما استمر قروناً طويلة بعد موت الحجاج، يعذب ويشرد وينتهك الحرمات، رافعاً راية الظلم باسم الدين ثم باسم القانون، وقد قال الخليفة عمر بن عبدالعزيز "لو جاءت كل أمة بخطاياها يوم القيامة، وجئنا نحن بالحجّاج وحده لرجمناها جميعاً".

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.