غداة سيطرته مع الجيش الفرنسي على هذه المدينة التراثية في شمال مالي التي أصبحت رمزاً لتجاوزات المتمردين، قام الجيش المالي بدوريات في شوارع تمبكتو أمس، بعد ليلةٍ خلت من الحوادث. وبعد غاو وتمبكتو، باتت الأنظار تتجه إلى كيدال في أقصى شمال شرق مالي قرب الحدود الجزائرية، وثالث كبرى مدن الشمال على بُعد 1500 كلم من باماكو.

Ad

وذكر مصدر أمني مالي أن المسؤولين الرئيسيين في المجموعات الإسلامية المسلحة لجأوا إلى الجبال في كيدال حيث تعرضت مواقعهم للقصف السبت الماضي، من قبل الطائرات الفرنسية.

وأكد متمردون طوارق من الحركة الوطنية لتحرير أزواد في بيان أن مدينة كيدال باتت تحت سيطرتهم. وأضافوا أنهم لا يريدون مواجهة مع الجيش الفرنسي ولا مع قوة التدخل الإفريقية بل انهم يريدون «حماية السكان من تجاوزات الجيش المالي». وبالعودة الى تمبكتو، كانت مجموعة رجال متجمعة فجر أمس، للاستماع إلى نشرات الأخبار على الإذاعات في الساحة الكبرى قبالة المجمع العسكري حيث أقام الجيش المالي مقره فيما كانت النساء تقوم بأعمالها اليومية لكن بدون أن ارتداء النقاب.

وكانت الكهرباء وكذلك شبكات الهاتف التي خربها الإسلاميون قبل فرارهم لا تزال مقطوعة عن المدينة التي قد تواجه أيضاً مشاكل إمدادات بالمياه لأن المضخات لا تعمل وحيث شحت المواد الغذائية.

وأعلن قائد العمليات المجوقلة في تمبكتو الكولونيل الفرنسي فريديريك غو مساء أمس الأول: «لم تحصل أي طلقة نار، ولم تُهدر أي نقطة دم، كما لم تحصل حتى مقاومة عبر الألغام».

وقال السكان ان الإسلاميين لاذوا بالفرار بعد الضربات الجوية الفرنسية التي تمت في الأيام الماضية. لكن الإفادات تكثفت حول إتلاف مخطوطات ثمينة تعود إلى عدة قرون في هذه المدينة التي كانت عاصمة ثقافية وروحية للإسلام في إفريقيا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.

أملاك العرب

من جهة أخرى، قام مئات الماليين صباح أمس، بنهب متاجر في تمبكتو يملكها على حد قولهم «عرب» متهمون بأنهم «إرهابيون» متحالفون مع المقاتلين الإسلاميين.

وقامت الحشود بنهب مخازن أكدوا أنها تعود لـ«عرب» و«جزائريين» و«موريتانيين» يتهمونهم بأنهم ساندوا الإسلاميين المتحالفين مع تنظيم القاعدة.

وكان البعض يتشاجر لانتزاع أغراض والبعض الآخر يخلع أبواب المحال التجارية ويفرغها من محتوياتها في دقائق.

وفي حي أباراجو أخرج حشد من الناس يحملون العصي رجلاً كان يقيم في مصرف سابق حوّله الإسلاميون إلى «مركز للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ونهبوا كل محتوياته. واضطر الجنود إلى تصويب سلاحهم إلى الحشود لمنعهم من قتل الرجل.

ووصلت دورية من الجنود الماليين إلى المكان وأوقفت عمليات النهب. وقال ضابط مالي: «لن نسمح للناس بالنهب. لكن تم فعلاً العثور على ذخائر في بعض المحال».

مؤتمر المانحين

في غضون ذلك، افُتتح مؤتمر للمانحين الدوليين في مقر الاتحاد الإفريقي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أمس، يهدف إلى تمويل نشر قوة افريقية في مالي وإعادة تنظيم الجيش المالي.

وشاركت دول افريقية وكذلك الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة والأمم المتحدة في اللقاء الذي افتتحه رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريم ديسالين الذي تولى للتو الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي.

وقدّر الاتحاد الإفريقي الذي أعرب رئيسه المنتهية ولايته البينيني توما بوني يايي عن أسفه للبطء في التحرك لمساعدة مالي، بحوالي 460 مليون دولار ميزانية عملية نشر البعثة الدولية لدعم مالي. ومن المقرر أن يساهم الاتحاد الإفريقي في هذه الميزانية بمستوى 10%، وستكون هذه أول مرة يمول فيها عملية لحفظ السلام.

من جهتها، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 69 مليون دولار لقوات التدخل في مالي، في حين أعلنت اليابان أنها ستقدم 120 مليون دولار لمساعدة اللاجئين وغيرهم من المتضررين من الأزمة. كما تعهدت كندا بتقديم 31 مليون دولار، وستقدم الصين مليون دولار فقط للاتحاد الافريقي. وتعتزم ألمانيا دعم المهمة العسكرية في مالي بـ20 مليون دولار.

(باماكو، أديس أبابا ـــــ أ ف ب، رويترز، يو بي آي)