تقرير برلماني: «التشريعية» وطلبات رفع الحصانة... للكيدية وجوه كثيرة
مع كل طلب جديد يناقشه مجلس الأمة محال من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية متعلق برفع الحصانة عن أي من نواب المجلس، تحدث حالة من اللغط حول مفهوم الكيدية، وهجوم على اللجنة من باب الأسباب التي بناء عليها انتهت الى توافر الكيدية في الدعوى المرفوعة ضد النائب، والتي قررت بموجبها رفض رفع الحصانة عنه.حسب الدستور واللائحة، فإن اللجنة التشريعية معنية فقط بنظر مدى توافر الكيدية في الدعوى من عدمها، لكن هذا الأمر يرفضه بعض النواب، باعتبار أن حق التقاضي يجب أن يكفله المجلس، ولا يجعل النائب يتغطرس وراء حصانته ويمنع المواطن من مقاضاته تذرعاً بالحصانة، فضلاً عن أنهم يرون أن النيابة عندما تحيل طلباً إلى المجلس من النيابة العامة، وهي خصم شريف، فيجب ألا يتم التدخل في اختصاصها ويوافق المجلس على طلبها، مادامت القضية المرفوعة غير متعلقة بالدرجة الاولى باختصاصات النائب.
البعض الآخر يرى أن المشرّع وضع المواد المتعلقة بالحصانة ليكفل للنائب الجو الملائم للقيام بدوره المتمثل في التشريع والرقابة دون تخوف، لذلك يجب ألا تتم الموافقة على رفع الحصانة عنه إلا في القضايا الاستثنائية، أما تلك المتعلقة بتصريحات ادلى بها او لقاءات تلفزيونية فيراها مؤيدو هذا التوجه من ضمن أعمال النائب، لذلك يؤيدون رفض رفع الحصانة.الملاحظ أنه لا يوجد مبدأ واحد تتعامل به اللجنة التشريعية مع طلبات رفع الحصانة على مر اغلبية الفصول التشريعية، فتجدها ترفض رفع الحصانة عن نائب لتوافر "الكيدية" في قضية مساس، على سبيل المثال، حدثت قبل دخول النائب مجلس الأمة بفترة، بينما توافق عليها في قضية لنائب آخر لعدم توافر الكيدية في قضية مشابهة، وهو ما جعل بعض النواب يتهمون اللجنة بأنها تتعامل بشخصانية مع طلبات رفع الحصانة.توافر الكيديةالجلسة الأخيرة للمجلس شهدت سجالاً بين مقرر اللجنة التشريعية، وعضو المجلس النائب عدنان عبدالصمد، الذي انتقد عدم تضمين تقرير اللجنة السبب الذي بموجبه رأت توافر الكيدية في شكوى مرفوعة ضد أحد النواب، فحصل عبدالصمد على وعد من مقرر اللجنة بتدارك هذا الأمر في التقارير المقبلة، بحيث يتضمن التقرير ذلك، دون أن يمس بسرية ما يدور في اجتماعات اللجنة، بحيث يشير بشكل عام إلى سبب توافر او عدم توافر الكيدية في الدعوى.وبعد اقتراح تقدم به عشرة نواب باصدار قرار باحالة المواد 108 و110 و111 من الدستور المتعلقة بالحصانة الموضوعية والاجرائية إلى المحكمة الدستورية للتفسير، كلف رئيس المجلس علي الراشد لجنة الشؤون التشريعية والقانونية والبرلمانية باعداد تقرير بهذا الصدد.وانتهى تقرير اللجنة إلى عدم الموافقة على الاقتراح الذي قدمه النواب نبيل الفضل وعادل الخرافي وهشام البغلي ومشاري الحسيني وعبدالحميد دشتي ومعصومة المبارك وبدر البذالي وفيصل الكندري ويعقوب الصانع ويوسف الزلزلة. وقالت اللجنة التشريعية في مقدمة تقريرها الذي رفعته إلى المجلس "لما كان يشترط في اللجوء إلى المحكمة الدستورية لتفسير نص دستوري وهو حق اصيل لكل من الحكومة ومجلس الامة ـ أن يكون هناك لبس او غموض حول نص دستوري معين على نحو يغم معه اعمال حكمه يستلزم اللجوء إلى المحكمة الدستورية لتفسيره وتجليه الغموض ضمانا لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره وليس يلازم وجود خلاف محتدم حول ذلك كفاية وجود اكثر من رأي حوله.وأشارت إلى طلب التفسير رقم "9" لسنة 2001 تفسير جلسة 30/1/2002 حيث جاء في حكم آخر للمحكمة الدستورية قالت المحكمة انه يتعين ان يكون النص الدستوري المطلوب تفسيره يغم في مدلوله ونطاقه في فهم النص مما يعني اختلاف الرأي في معاني النص ومراميه، طلب تفسير النص الدستوري انما يحمل في ثناياه وجود منازعة حوله وتباين وجهات النظر فيما تعنيه عباراته ويكفي في هذا الشأن ان يدور حول النص اكثر من رأي على نحو يغم معه اعمال حكمه سواء فيما بين الجهات المعنية (مجلس الامة او الحكومة) او في داخل اي منهما ليسوغ الاتجاه الى الجهة القضائية المختصة (المحكمة الدستورية) لتجلية غموضه وذلك ضمانا لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.طلبات التفسيركما تناولت اللجنة طلب التفسير رقم "3" لسنة 1986 تفسير جلسة 14/6/1986، مؤكدة انه لذلك يشترط للجوء الى المحكمة الدستورية لتفسير النص الدستوري ان يكون النص مشوبا بغموض او ابهام او شك في تفسيره، كما يشترط ان يكون لطالب التفسير مصلحة في تفسير هذه النصوص اما اذا كان النص واضح الدلالة فلا محل للتفسير، وبالرجوع إلى طلبات التفسير السابقة التي التجأ اليها مجلس الامة ان الحكومة يبين منها انه يطلب من المحكمة تفسير النص الدستوري لوجود خلاف حول وجهتي نظر ويبين في الطلب وجهتا النظر ويطلب من المحكمة الدستورية ترجيح اي من وجهتي النظر يمكن الاخذ بها.عدم الموافقةوأوضحت اللجنة أنه بالرجوع الى طلب التفسير المعروض المقدم من بعض اعضاء مجلس الامة المحترمين انه خلا من وجود خلاف او جدل حول تفسير النصوص الدستورية فلا توجد وجهتا نظر متعارضتان حول هذه النصوص بما يصبح معه الاتجاه الى المحكمة الدستورية لتفسيره وتجلية الغموض الذي شاب النص الدستوري، ولما كانت النصوص المطلوب تفسيرها واضحة ولا تحتاج الى تفسير وقد تضمن الطلب شرحا وافيا للمقصود منها بما يزيل عنها الغموض او اللبس او الابهام بحيث يغم معه اعمال حكمها، واختتمت اللجنة التشريعية تقريرها بالتأكيد على طلب التفسير يفتقد اهم مقوماته وهو وجود وجهتي نظر مختلفة حول تطبيقها، بالاضافة الى ان طلب التفسير جاء مجهلا في بيان المطلوب من المحكمة الدستورية تفسيره، وبعد المناقشة وتبادل الآراء انتهت اللجنة باجماع اعضائها الحاضرين الى عدم الموافقة على الاقتراح المشار اليه.