«الويك إند لدى بيرني»... وانتخابات 2013
في عام 1989، أنتجت هوليوود فيلما كوميديا بعنوان "Weekend at Bernie’s"- أي "عطلة الأسبوع لدى منزل بيرني"- وتتمحور قصة الفيلم حول شابين طموحين- لاري وريتشارد- يعملان في شركة يترأسها السيد بيرني وقد اكتشف لاري وريتشارد قضية اختلاس وقاما بتبليغ رئيسهما بيرني، مما جعل بيرني يكافئهما بدعوتهما لحضور حفلة صاخبة في منزله أثناء عطلة نهاية الأسبوع، ولكن ما لم يدر في خلد الشابين هو أن بيرني يقف خلف ذلك الاختلاس وهدفه الحقيقي من دعوة لاري وريتشارد لبيته هو اغتيالهما، إلا أن القاتل المأجور أصابه الارتباك وأغتال بيرني بالغلط.فلما وصل الشابان إلى منزل بيرني وجداه مقتولاً، "توهقوا الأبطال" فإن قاما بإبلاغ الشرطة، سوف يتم فركشة الحفلة الصاخبة التي ما زالا يتطلعان لمواصلة الاستمتاع بها، وإن لم يبلغا عن مقتل بيرني فهم سيقضيان "ويك إند" كاملة مع جثة هامدة لا قيمة لها سوى منحهم حق التمتع بالضيافة في بيت المرحوم بيرني. اختار لاري وريتشارد الخيار الثاني، وهو الادعاء أمام ضيوف الحفلة بأن بيرني- المتوفي- ما زال حياً وقاما بحمله على أكتافهما من مكان إلى آخر واستمتعا بحفلة "الويك إند لدى بيرني".
استحضرت هذا الفيلم الكوميدي حين تابعت حث البعض على المشاركة في الانتخابات الثالثة خلال أقل من سنتين، وكأن الانتخابات هذه ستضفي الشرعية المفقودة على نظام التصويت الحالي الذي يدرك المتابع للشأن السياسي بأن هدفه الحقيقي هو إضعاف المعارضة السابقة، فمبالغة البعض بالتفاؤل بانتخابات تجري للمرة الثانية عن طريق نظام الصوت الواحد وهو نظام أُبطلت فاعليته، تشابه محاولة لاري وريتشارد بحمل جثمان بيرني (المجلس القادم) من مكان إلى آخر، وكله في سبيل الاستمتاع بالحفلة في منزله، وما أشبه هذه الحفلة "بعرسنا الديمقراطي"... حفلة صاخبة دون لون أو طعم!أحترم حق كل من قام بالترشح وكل من يرغب بالتصويت، فهذا حق أصيل لا يمكن لي أن أنكر على الآخرين ممارسته وليس من الأخلاق أو الشهامة أن أطعن في المشاعر الوطنية لكل من يرى أن خدمة الوطن تأتي عن طريق المشاركة، وإن كانت مشاركة في تشكيل مجلس كل التوقعات تشير إلى أنه لن يكمل مدته.لكن يجب على الكل- مشارك ومقاطع- أن يدرك أن الانتخابات ليست مفتاح الفرج لمعالجة علاقة السلطة التنفيذية بالتشريعية التي تسعى الأولى لإضعاف الثانية عن طريق تحويلها إلى سلطة شكلية تتباهى بها أمام المتابعين الدوليين فقط دون النظر إلى ما هو مخفي تحت السجاد من تورط بعض المتنفذين بمساندة المرشحين وتمويلهم، وضخ المال السياسي، وتسهيل شراء الناخب بالمال أو بالتنفيع، وكذلك هذه الانتخابات لن ترغم السلطة التنفيذية على تغيير نظرتها للسلطة التشريعية كلجنة مؤقتة لتنفيذ الاحتياجات التشريعية للحكومة فقط، فبالرغم من مرور خمسين سنة على الدستور، ما زال البعض يرفض أن تكون الأمة مصدر السلطات.كم كنا نتمنى أن يكون لدينا مجلس أمة غير مطعون في شرعيته لكي يتعاون مع سلطة تنفيذية وضعت خطط للإنجاز يقودها قيادات فنية تحمل رؤى للتطوير وقادرة على التعاون مع مجلس أمة لن يستطيع أشرس رموز المعارضة فيه أن يمسك على الحكومة أي زلّة، تنفيذاً لمقولة "امشِ عدل، يحتار عدوك فيك". ولكن المشاركة في "العرس الديمقراطي" المتكرر ما هي إلا استمرار لفيلم كوميدي يتصدر بطولته شباب طموح بالمركز الاجتماعي المؤقت وإن كان عن طريق مجلس مؤقت، أما نحن الشعب- مشاركين ومقاطعين معاً- فكلنا ممثلون ذوو أدوار ثانوية.نصيحة أخيرة:أنت تريد أن يسير المركب وإن كان "يخر"وأنا أريد أن نصلح المركب قبل أن يغرقنا جميعاً.والله ولي التوفيق.