وقع الصدمة جاء عنيفًا... ماذا تقول؟
أن تختار كلماتك لا يعني أن تخفي حزنك أو غضبك أو خوفك. ماذا عساك تفعل كي لا تغرقك أمواج هذه المشاعر؟ ابدأ بالسكوت...
انعقد لسانك، بدأت ساقاك ترتجفان، شعرت بحرقة في عينيك... كيف تخبر رئيسك أنه يخيفك أو الحبيب أنك تخشى الفراق من دون أن تغرق في الدموع؟ في الحقيقة، يصعب الكلام على المرء حين ينتابه الخوف أو الحزن أو الغضب. تشرح الطبيبة والمعالجة النفسية كاثرين إيموليه بيريسول، هذا الوضع فتقول إن المشاعر تتدفق كنظام دفاع في أوقات الطوارئ حين يشعر الإنسان بنقص مُلّح فيلوذ بالفرار أو يثابر لمكافحة الظرف أو ينطوي على نفسه. يبدو التراجع والعثور على إجابة واضحة ودقيقة أمرًا مستحيلا لأن الدماغ يميل إلى إعاقتنا عن الحركة ليحذرنا من هذا النقص ويدفعنا إلى إظهار رد فعل ما ولا يتوانى عن فعل ذلك والمبالغة في فعله ما دمنا لا نحرك ساكنًا لتلبية هذا النقص. ويبقى التزام الصمت خير بداية، إذ يبدو الطريقة الوحيدة التي تمنحنا الوقت لنعرف كيف نتصرف ونعي حقيقة ما نمرّ به. عندما يواجه المرء ظرفًا معينًا يشلّ مشاعره، تبقى هذه الأخيرة ذات معنى حتى وإن كانت عدائية. هنا لا بدّ من أن تعلم أن محدثك يتلقى رد فعلك تمامًا كما تمليه عليك مشاعرك لدرجة أنك قد تحوّله إلى رهينة معتقدًا أنك تمارس حقًا مشروعًا بالدفاع عن نفسك بينما يكون هو تحت تأثير صدمة كبيرة.
أما في حال عجزت عن التزام الصمت، فتحدث بروية. تشير آداب التواصل إلى أنه بعد الملاحظة والحديث عن الذات لا بدّ من طلب أمرٍ ما. غالبًا ما تتلاعب المرحلة الأخيرة بنا لأننا نشرك الآخر بمشاكلنا ونطلب إليه أن يجد لها حلا. لذلك من الأفضل أن تطرح سؤالا مفتوحًا يسمح للآخر أن يجيب عنه بحرية. وفي حال لم يجب أو لم يرغب في ذلك، اترك له هامشًا من الوقت قبل أن تعود وتطرح عليه حزنك في شكلٍ أكثر إلحاحًا.تشير كاثرين إيميليه بيريسول إلى أن المرء لا يختار مشاعره إلا أنه يمكنه أن يستمع إليها وأن يسعى إلى ملء الفراغ الذي تكشفه. بهذا يتحول كلّ حدث إلى فرصةٍ لتقديم إجابة مغايرة وإرسال رسالة أكثر صدقًا إلى الآخر.خائف حتى الشللتعتبر بيريسول الخوف الشعور الأول الذي ينتاب الإنسان عندما يحيط به تهديد معين. يكشف الخوف عن نقص في الأمان لدى المرء ويدفعه إلى ملء هذا النقص من خلال الاستعداد للهرب. عندما تشتد الأمور، يتفوق الشعور بالطمأنينة على ضرورة تفسير سبب تصرفاتنا من حيث الأهمية. عندما يحاصرك أحدهم بنظرةٍ أو بسؤال، حاول أن تستمد الطمأنينة من محيطك أو أن تمنح نفسك الدعم المعنوي أو تخفض نظرك لتستعيد حبل أفكارك وثقتك. أما عندما تسير الأمور بهدوء، فحاول أن تطوّر مشاعرك فهي تدفع خيالك إلى حالة من الغليان وعندما تعتاد على تقبلها ستغذي أمنك الداخلي لاستعماله في المستقبل. غاضبٌ حتى الجنونتكشف بيريسول أن المرء يميل إلى مواجهة ما يهدده حين يستحيل الفرار. يشير الغضب إلى نقص في الهوية ويجعلك تعتقد أنك مخدوع ومنبوذ وعديم الأهمية. ففي بعض المواقف، قد تعتقد أن صراخك يدل على قوتك وأن فرض احترامك على الآخرين يساعدك على تعويض النقص الذي تشعر به. توضح بيريسول أنه عندما تحتدم الظروف، يصعب على المرء أن يهدأ إذ يعتقد أن من الأفضل له أن يهدد من أن ينتقص وجوده. أما عندما تكون الأمور أكثر هدوءًا، فتراه يلجأ إلى مهاراته لمواجهة الظروف مما يساعده أيضًا على اكتساب فوائد إضافية كتطوير إصراره وواقعيته وقدرته على اتخاذ القرارات.حزين حتى اليأستقول بيريسول إننا نلجأ إلى الاختباء مما يهددنا حين يستحيل الفرار والمواجهة، فترانا نمتنع عن إزعاج الآخرين والتصرف بلطف وسرية. حتى إننا نتمنى الاختفاء في جحر فأر حيث نغرق في الحزن الشديد ونبكي بمرارة. في هذه الحالة، نفتقد إلى احترام وجودنا فيبدو البكاء الذي يمنعنا عن الكلام نافعًا وبهذه الطريقة نتخلص من الضغط فيما يساعدنا الانطواء على إعادة اتصالنا بإنسانيتنا وكينونتنا.عندما تحتدم الأمور، من الأفضل أن ننفرد بأنفسنا بدلا من الكلام بصوت منخفضٍ يكاد يوصلنا إلى عدم الجرأة على الكلام أصلا علّنا بهذه الطريقة نتمكن من استعادة رباطة جأشنا والكلام بصوتٍ واضح فيما نركز على نقطة معينة من جسد المحدث باستثناء عينيه، فنظرته قد تبعث مجددًا شعورًا بالخوف. أما عندما تكون الأمور هادئة فيمكننا أن نمارس أعمال البستنة أو اليوغا أو نلعب مع الأطفال أو أن نقوم بأي عملٍ يمنحنا الطاقة والمتعة ويشعرنا بأهميتنا في العالم ويعزز فخرنا بذواتنا وبقدراتنا.