ما هو واضح هو أن التأثير على منطقة اليورو، لم يكن في أعلى قائمة مَواطن القلق بالنسبة إلى بن برنانكي، عندما بدأ الأسبوع الماضي بوضع خطط لبدء «الانسحاب التدريجي» من إجراءات التيسير الكمي لمجلس الاحتياطي الفدرالي في وقت لاحق هذا العام.

Ad

هذه المرة، لا يمكنك إلقاء اللوم على منطقة اليورو. الاضطراب الأخير في أسواق السندات العالمية، والتي عانت من عمليات بيع مكثفة وحادة عبر الاقتصادات الناشئة والمتقدمة، لم تكن مدفوعة بفعل التوترات في الاتحاد النقدي الأوروبي، على خلاف معظم الوقائع في السنوات القليلة الماضية. لكن المفارقة تكمن، في أنه يمكن للمنطقة أن تصبح واحدة من ضحاياها.

هناك ارتفاع في توقعات المستثمرين بشأن استجابة البنك المركزي الأوروبي، وهو ارتفاع له ما يبرره.

مع ذلك، وبما لديه من خيارات محدودة، قد يعمل ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، بكل بساطة على تفاقم التقلب الناجم بفعل قرارات مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي.

ما هو واضح هو أن التأثير على منطقة اليورو، لم يكن في أعلى قائمة مَواطن القلق بالنسبة إلى بن برنانكي، عندما بدأ الأسبوع الماضي بوضع خطط لبدء «الانسحاب التدريجي» من إجراءات التيسير الكمي لمجلس الاحتياطي الفدرالي في وقت لاحق هذا العام.

وكما قال ريتشارد فيشر رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في دالاس، لصحيفة فاينانشيال تايمز في لندن هذا الأسبوع: حتى المصارف المركزية التي يمتد نفوذها مسافة أبعد كثيراً من شواطئها، تبقى مسؤولة أمام الدوائر الانتخابية في بلادها. واعترف بأن هذا «أمر شاذ، بسبب كوننا في عالم معولم».

لكن ردود فعل السوق كانت شديدة في جميع أنحاء أوروبا هذا الأسبوع، فقد قفزت العوائد على السندات الحكومية الإسبانية والإيطالية لأجل 10 سنوات، والتي تتحرك عكسياً مع الأسعار، إلى مستويات لم نشهدها منذ فبراير عندما أسفرت الانتخابات غير الحاسمة، عن إلقاء إيطاليا في الحيرة والارتباك السياسي.

والخبر السار هو أن الفروق بين العوائد على السندات الإيطالية والإسبانية وبين السندات الألمانية، لا تزال أقل بكثير من تلك التي ظهرت عندما كانت أزمة السندات في منطقة اليورو على أشدها.

هذا يؤكد أن المستثمرين يأخذون وجهة نظر أكثر تفاؤلاً بخصوص المخاطر في البلدان الطرفية في منطقة اليورو، ولا سيما مقارنة بسندات الأسواق الناشئة. وقد وضعت احتجاجات الشوارع في تركيا والبرازيل الاضطرابات الاجتماعية في أوروبا الغربية، في سياقها المناسب.

والأهم من ذلك، لا يزال تعهد دراجي في يوليو الماضي للقيام «بكل ما يلزم» للحفاظ على سلامة اليورو ذا مصداقية.

كما أن أداء السندات الإسبانية والإيطالية يقترب أكثر من الأداء الذي ينبغي أن تكون عليه السندات الحكومية، ويقترب أقل من أداء أسواق الائتمان التي تميل للإعسار.

ومن أجل تقييد نطاق المزيد من عمليات البيع المكثفة، فرّ معظم المستثمرين الأجانب الطلقاء من أخطر السندات. صحيح أن البرتغال التي ضربتها الأزمة ستعاني من صعوبة في العودة إلى الأسواق، أكثر مما كان يُتصور قبل بضعة أسابيع، فحسب. لكننا بعيدون عن النقطة التي تغوص فيها سندات الأسواق الطرفية في نوع من دوامة الموت، التي شهدناها العام الماضي.

الخبر السيئ هو أن عائدات السندات الحقيقية ما زالت تشهد ارتفاعات لا يستهان بها، والتي فضلاً عن أنها تزيد الضغط على المالية العامة للحكومات، تعد بمثابة ضغط كبير على السياسة النقدية. وقد ارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات، لأكثر من 60 نقطة أساس في فترة تزيد قليلا على شهر.

مثل هذا التشديد يمكن أن يكون مؤذياً لاقتصاد منطقة اليورو الذي – على خلاف الاقتصاد الأميركي – ما زال يعاني من الركود وارتفاع البطالة، بما في ذلك البلدان الشمالية الأساسية، مثل هولندا.

أسعار الفائدة في الأجل الطويل واللازمة للاستثمار الرأسمالي لخلق الوظائف يتم تحديدها بحسب أسعار السوق، وليس عبر البنك المركزي. هذه الأسعار في حالة ارتفاع حتى قبل أن يبدأ برنانكي الحديث عن عزم مجلس الاحتياطي الفدرالي على الانسحاب التدريجي.

وحيث إن بلدان جنوب أوروبا تمر بعملية عميقة لإعادة الهيكلة، فإن خطر الانكماش الاقتصادي في منطقة اليورو أكبر منه في الولايات المتحدة. إجراءات التضخم الكامنة في منطقة اليورو تحوم حول 1 في المئة، وهي نسبة أدنى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي في تحقيق معدل سنوي «دون نسبة 2 في المئة ولكن قريباً منها». كل هذا يشير إلى الحاجة لتسهيل قوي في السياسة النقدية.

هناك مسار للهروب متاح للمركزي الأوروبي، وهو حدوث ضعف لا يستهان به في سعر صرف اليورو. لكن هذا لم يحدث حتى الآن. والذي حدث هو أن تفكيك تداولات التنويع يساند العملة.

منذ أن أصبح دراجي رئيساً للبنك المركزي الأوروبي في نوفمبر 2011، اتخذ منهجاً أساسه «الإيقاف – البدء» نحو إجراءات السياسة النقدية.

في لحظات الأزمة الحادة، دفع المجلس الحاكم للبنك، المؤلف من 23 عضواً، إلى اتخاذ إجراءات جريئة، مثل إعطاء سيولة رخيصة لمدة ثلاث سنوات في 2011، والتعهد الذي أطلقه في السنة الماضية «باتخاذ كل ما يلزم». لكن نلاحظ مع ذلك أنه اتخذ طابعاً أكثر حذراً، لأنه كان راغباً في طمأنة الجمهور الألماني المتوتر.

على سبيل المثال، أكد كيف أن ارتفاع العوائد على السندات «علامة مهمة للغاية» على التطبيع بالنسبة للمدخرين الألمان.

وفي حين قال دراجي إنه تجري الآن مناقشة إجراءات أخرى، إلا أنه متردد حتى الآن، على أمل أن الانتعاش الاقتصادي سيجنبه الحاجة إلى اتخاذ إجراء.

تشتمل الإمكانيات على عروض جديدة من السيولة لأجل ثلاث سنوات، وربما في ظل شروط أفضل حتى من عام 2011؛ وأسعار فائدة سلبية على ودائع البنوك الموجودة لدى البنك المركزي؛ وبرامج متنوعة لشراء الأصول بعضها مفصل على مقاس أسواق معينة، وبعضها على نطاق أوسع.

وفي ظل العوامل السياسية المعقدة والنظام المالي في منطقة اليورو، فإن جميع الخيارات المذكورة آنفاً لها إيجابيات وسلبيات. لكن قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي، يمكن خلال فترة قريبة أن يفرض على المركزي الأوروبي اتخاذ إجراء للتجاوب معه.

* (فايننشيال تايمز)