في يوم الاثنين 11 رمضان عام 1316 هجري، الموافق 23 يناير عام 1899 ميلادي، أرسل المقيم البريطاني في مدينة بوشهر الإيرانية العقيد (أو كيرنل) ميد رسالة إلى أمير الكويت الشيخ مبارك الصباح أكد له فيها للمرة الأولى موافقة الحكومة البريطانية على حماية الكويت حسب الشروط المتفق عليها، وأن الاتفاقية قد كتبت من ثلاث نسخ، وهي في طريقها إلى الهند للتصديق عليها من قِبَل نائب الملك في الهند اللورد كيرزون.
ونبه العقيد ميد الشيخ مبارك إلى ضرورة كتمان هذا الخبر وعدم الإعلان عنه، إلى أن يحين الوقت المناسب لذلك، كما أبلغه أن مبلغ 15 ألف روبية من الخزينة البريطانية سيتم دفعه للشيخ مبارك قريباً.وفي تاريخ 25 شوال 1316هـ (8 مارس 1899م) كتب المقيم البريطاني في بوشهر إلى وكيله الإخباري في البحرين محمد رحيم بن عبدالنبي صفر يطلب منه إبلاغ الشيخ مبارك الصباح أن يرسل شخصاً موثوقاً به من قبله إلى البحرين ليتسلم المبلغ.وقد كتب صفر إلى الشيخ مبارك يطلب منه إرسال مندوب عنه، ويبدو أن الشيخ مبارك تأخر في الرد على الكتاب، فاضطر الوكيل الإخباري في البحرين أن يرسل كتاباً بتاريخ 3 ذو القعدة 1316هـ (15 مارس 1899م) إلى المقيم البريطاني يفيده فيه بأنه كتب إلى الشيخ مبارك وأنه ينتظر منه الجواب.وبعد يومين كتب صفر رسالة أخرى إلى المقيم البريطاني أبلغه أنه تسلَّم من الشيخ مبارك رسالة، وأنها في طريقها إليه مع أحد رجاله، وأنه ينتظر الجواب لكي يقوم بعمل اللازم، وإليكم نص الرسالة الأولى:"من كرنل ميد باليوز وقنسل الدولة البهية القيصرية الإنكليزية في خليج فارس إلى جناب حميد السجايا والمئاب وعمدة الأصحاب الأحشم الأفخم الشيخ مبارك بن صباح حاكم الكويت المحترم، دام بقاه...بعد السلام والسؤال عن خاطركم الشريف، نعرف جنابكم بالنسبة الى المقاولة المنعقدة باليمن والسعادة فيما بين جنابك الشيخ مبارك بن صباح عن قبل نفسك وورثتك واخلافك، ونحن من طرف الدولة البهية القيصرية الانكليزية، فالآن لكونك شيخا للكويت نحن نصرح لجنابك باستدامة الاقدامات الحسنة من جانب دولة جلالة الملكة البريطانية العظمى بالنسبة إليكم والى ورثتكم واخلافكم، مادام جنابكم وورثتكم واخلافكم بالدقة والصداقة تراعون شروط المعاهدة المذكورة. ثلاث نسخ القرارات سترسل إلى الهند لأجل التصديق منطرف (من طرف) جناب عالي الجاه المفخم لورد كرزن اوف كرلستان وايران وجلالة الملكة القيصرية وكورنر جنرال الهندستان وفي رجوعها نسخة واحدة مصدقة سترسل إلى جنابكم وحينئذ يصير الإقدام منا لإرسال خمسة عشر ألف روبية سكة إليك من خزانة الدولة في ابوشهر، الشرط في تعمال هذا القرار هو انه يكون مطلقا محفوظا بالستر ولا يشتهر بغير تقدم قبولية من الدولة البهية القيصرية الانكليزية. هذا ودمتم سالمين، والسلام".أما الرسالة الثانية، وهي من المقيم البريطاني في بوشهر إلى الوكيل الإخباري في البحرين، فنصها كما يلي: "نعرفك بالنسبة لمحاورتنا معك في ايام الحضور بالبحرين المراد من مودتك ان تكتب... الى الصديق الذي بالمسرة تلاقينا معه نحن وأنت في شهر جنيوري الماضي، وخبره في جواب كتابه إليك المؤرخ في 7 رمضان مطابق 9 فبروري 1899 بان الأحسن والأولى ان يرسل على كل حال أو سرعة شخصا أمينا صاحب سر إليك في البحرين يتوقف لتحرير الذي هو منتظر ان يوصل إليه سرا منطرف المادة، وجنابك تقدر أن تريح خاطر صديقنا وإخوانه، ونفوض ذلك باقتضاء رأيك، ويكون تخبرنا بدون تأخير عن وصول طارش صديقنا اليك، فنحن نرسل إليك احكاما آخر. هذا حرر في 5 شوال الكريم 1316 مطابق 8 مارج 1899". وواضح في هذه الرسالة حرص البريطانيين على سرية الموضوع وعدم البوح بالأسماء، ولذلك استخدم المقيم البريطاني كلمة "الصديق" ليشير إلى الشيخ مبارك الصباح، واستخدم كلمة "مادة" ليشير بها الى اتفاقية الحماية.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ : اتفاقية الحماية البريطانية عام 1899م (1-2)
29-03-2013