أدوية أميركية تغضب أوروبا لاستخدامها في عقوبة الإعدام
تخشى الشركة المنتجة لعقار البروبوفول أن يدرج، إذا استُعمل في عمليات الإعدام، على لائحة الاتحاد الأوروبي للمواد المحظور تصديرها بموجب ما يُدعى «قانون التعذيب»، ما يؤدي إلى الحد من قدرة أميركا على استيراد هذا الدواء الشائع الاستعمال هناك.
يسبب احتمال استخدام دواء مخدر شائع في تنفيذ عقوبات الإعدام قريباً في الولايات المتحدة المشاكل لشركات الأدوية الأوروبية، التي تخشى أن يفرض عليها الاتحاد الأوروبي العقوبات.لطالما كان مركب "البروبوفول" المخدر الأكثر شيوعاً في الولايات المتحدة، مع إعطاء المرضى أكثر من 50 مليون جرعة منه كل سنة في مستشفيات هذا البلد ومنشآته الطبية الأخرى، لكن بعض الولايات الأميركية بدأ يخطط لاستخدام هذا المركب في عمليات الإعدام، فأثارت هذه الخطط القلق في الاتحاد الأوروبي، حيث يُصنع نحو 90% من البروبوفول الذي يُصدر إلى الولايات المتحدة.
ونتيجة الخوف من أن تؤدي تنظيمات الاتحاد الأوروبي إلى فرض قيود حازمة على تصدير هذا الدواء.سارعت شركة الأدوية الألمانية، التي تُعتبر المصنع الأول للبروبوفول، فضلاً عن مجموعات ضغط في الولايات المتحدة، إلى منع استعمال هذه الدواء في الحقن القاتلة.أعلنت ولاية ميسوري يوم الأربعاء الماضي أنها ستعيد شحنة من البروبوفول كانت تنوي استخدامها في عمليات إعدام بعد أن عبر المصنع الألماني عن مخاوفه هذه، فقد أعلمت Fresenius Kabi، المورد الأكبر للبروبوفول إلى الولايات المتحدة، موزعيه في شهر أغسطس الماضي ألا يعطوا شحنات من هذا الدواء إلى أي دوائر إصلاحية في البلد، بعد أن كشفت ولايات عدة عن خططها لاستخدام هذا الدواء في الحقن المميتة. لكن Morris and Dickson LLC، شركة توزيع مقرها في لويزيانا، أرسلت خطأ شحنة إلى دائرة ميسوري الإصلاحية.يذكر ماتياس لينك، متحدث باسم Fresenius Kabi: "علمنا السنة الماضية أن بعض الولايات في الولايات المتحدة الأميركية تخطط لاستعمال البروبوفول في عمليات الإعدام. لذلك عمدنا إلى فرض ضوابط أكثر تشدداً على التوزيع". تخشى الشركة من أن يُدرَج البروبوفول، إذا استُعمل في عمليات الإعدام، على لائحة الاتحاد الأوروبي للمواد المحظور تصديرها بموجب ما يُدعى "قانون التعذيب"، ما يؤدي إلى الحد من قدرة الولايات المتحدة على استيراد هذا الدواء الشائع الاستعمال، خصوصا أن عقوبة الإعدام تُعتبر غير مشروعة في الاتحاد الأوروبي.إذا صُنف البروبوفول وأُدرج تحت "قانون التعذيب"، يعني ذلك كماً هائلاً من الأعمال البيروقراطية الإضافية وفترة انتظار تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر لكل شحنة. لذلك يضيف لينك: "سيؤدي استعمال البروبوفول في أي عملية إعدام إلى نقص كبير في السوق الأميركية".مراجعة الاتحاد الأوروبيأخبر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي شبيغل يوم الخميس الماضي أن المسؤولين في بروكسل "يواصلون مراقبة الوضع"، وأن الاتحاد يجري "مراجعة متواصلة باتت اليوم في مراحلها الأخيرة".تذكر ماجا كوسيانسيك، متحدثة باسم كاثرين آشتون، الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "أبلغتنا شركةFresenius Kabi ومصنع آخر، B Braun، بالتدابير التي اتخذاها السنة الماضية مباشرة بعد أن أعلنت ميسوري عن نواياها استخدام البروبوفول في عمليات الإعدام". وإذا أدت هذه المراجعة إلى إدراج البروبوفول تحت قانون التعذيب، تؤكد كوسيانسيك: "سنفرض على تصديره ضوابط عدة، فستحتاج إمدادات المستشفيات الأميركية (ومنشآت أخرى) إلى إذن تصدير، علما أن هذا لن يوقف عملية التصدير نهائياً".أشارت دائرة ميسوري الإصلاحية يوم الأربعاء في بيان صحافي أصدرته أنها ما زالت تحتفظ بمخزون من البروبوفول المصنع محلياً. وذكر حاكم ميسوري جاي نيكسون، الذي لم يرد مكتبه على طلب مجلة "دير شبيغل" الألمانية التعليق على هذه المسألة، في مطلع الأسبوع الماضي أن الولاية ستمضي قدما في عمليتَي إعدام من المقرر تنفيذهما في 23 أكتوبر و20 نوفمبر. تابع نيكسون موضحا أن أنظمة المحاكم الأميركية ، لا السياسيين الأوروبيين، تحدد سياسة عقوبة الإعدام في ميسوري، وعمليتا الإعدام هاتان هما المرة الأولى التي يُستخدم فيها البروبوفول لغرض مماثل.يذكر لينك، المتحدث باسم Fresenius Kabi: "نحن قلقون مع أن ميسوري أعادت الأدوية، فقد يؤدي ذلك إلى فرض قيود على البروبوفول، حتى لو استخدموا دواء تسلموه من مصادر أخرى... فمن وجهة نظر الاتحاد الأوروبي التنظيمية، لا فارق بين البروبوفول المستخدَم لغايات علاجية والبروبوفول المستعمل لإعدام المجرمين".خطأ في النظامجاء قرار دائرة ميسوري الإصلاحية إعادة شحنة البروبوفول بعد يوم من ردها على طلب مفتوح ودعوة قضائية تقدم بهما في 4 أكتوبر الاتحاد الأميركي للحريات المدنية.يحتوي أحد المستندات، التي قدمتها ولاية ميسوري للاتحاد الأميركي للحريات المدنية ونُشرت أخيراً، على رسالة بعث بها الموزع في 2 نوفمبر إلى مدير دائرة ميسوري الإصلاحية جورج لومباردي ذكر فيها أن "هفوة في النظام سمحت خطأ" بإرسال الدواء إلى ميسوري، وأدت إلى تعليق المصنع عمله مع الشركة.ثم أضاف: "من فضلكم، من فضلكم، من فضلكم ساعدونا. ستؤثر هذه الهفوة (خطأ واحد: كرتونة و20 عبوة) في حياة آلاف الأميركيين".كذلك عبرت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية وجمعية ميسوري لأطباء التخدير عن قلقهما من استخدام الولاية البروبوفول في عمليات الإعدام، وقد تقدم 21 سجينا محكوما عليهم بالإعدام بدعوة قضائية لا تزال عالقة تدعي أن حقنة الدواء تشكل عقابا قاسيا غير مألوف.يُعتبر البروبوفول المخدر الأكثر استعمالا في الولايات المتحدة، فيُستخدم في عدد من الجراحات في نحو 15 ألف مستشفى وعيادة طبية، وقد حظي باهتمام كبير عام 2009، حين اعتُبر من المواد التي أدت إلى موت نجم البوب الأميركي مايكل جاكسون.تبحث ولايات أميركية عدة عن بديل لأدوية الحقنة المميتة منذ بضع سنوات، بما أن ضوابط التصدير الأوروبية أدت إلى فرض شركات أدوية كثيرة حظراً على توزيع الأدوية لاستخدامها في عمليات الإعدام.Charly Wilder