تقدم ستة أعضاء في مجلس "مصو" البرلماني (اختصار مجلس الصوت الواحد) باقتراح بقانون لتعديل نص المادة ٢٥ من جرائم الدولة "الطعن في حقوق الأمير أو سلطته"، بزيادة العقوبة إلى ١٥ سنة كحد أقصى، ولا تقل عن خمس سنوات كحد أدنى، وأضافوا إلى نص المادة عبارات تكاد تشق صدور خلق الله وتحاسبهم على نواياهم، لتشمل جرائم النشر الإلكتروني كافة، رغم أن نص المادة ٢٥ يعاقب كل صور الجريمة بعبارة "أي وسيلة كانت". مثل ذلك الاقتراح المقدم من نواب "مصو" يمكن عده صورة من الصور البشعة للتشريعات الدراكونية في دول الاستبداد، ودراكونية منسوبة إلى الفقيه والمشرع الروماني "دراكو" الذي جرم أبسط الجرائم بأشد العقوبات، ولم يبق غير أن يزايد بقية زملاء مجلس التابعين ليوم الدين للمطالبة بعقوبة الإعدام بالحرق للمتهم بمثل تلك الجرائم، على نحو ما فعلت بعض دول أوروبا في عصور الظلام للمتهمات بالسحر.

Ad

برافو لنواب "الليبرل" الدائرين في فلك السلطة على اقتراحهم الرهيب بتشديد العقوبات على جرائم الرأي، والضمير! اقتراح مخجل لا يهدف لغير تكميم الرأي المعارض للسلطة، وليس هناك أي غرض لنواب "مصو" الستة الذين قدموا الاقتراح غير البطش بالشباب المعارضين، وصلب النائب مسلم البراك الذي أقلق وجودهم وشرعيتهم في مجلس التبع. ماذا يهدف هؤلاء النواب من اقتراحهم غير إظهار أنفسهم على أنهم ملوك أكثر من الملك، حين ضربوا لنا أسوأ مثال في ممارسة التزلف للسلطة، ومثل اقتراحهم يسيء للدولة بالخارج بأكثر مما يسيء لهم، فالعقوبة المنصوص عليها في أصل المادة ٢٥ أكثر من كافية، وتعطي الخيار للقاضي للنزول بالعقاب للحد الأدنى متى رأى ذلك مناسباً لظروف التهمة، ولا أعرف اليوم أن هناك من قصد عامداً الإساءة لحضرة صاحب السمو أو الانتقاص من سلطته، وإذا تحدث بعض الشباب المعارضين بنبرة صوت عالية في تجمعاتهم أو عبر وسائل الاتصال الإلكتروني فلم يكونوا غير حسني النية في رفضهم لمرسوم الصوت الواحد، ولم يدر بخلد أي منهم المساس بسمو أمير البلاد، فماذا يبتغي نواب "مصو" الستة بعد كل ذلك؟! هل بلغت التشريعات الكويتية الكمال؟ هل انتهينا من عيوب لا أول ولا آخر لها في التشريعات الكويتية مثل حظر القضاء من النظر في مسائل الجنسية وقانون المحكمة الدستورية وغيرهما حتى يعرض نواب مصو سواد الوجه في اقتراحهم السابق؟ وهل أضحت التشريعات أداة انتقام وبطش لأصحاب الرأي الآخر؟ وهل من الحصافة التشريعية فرض سوء الطوية للمتهمين حين دس مقدمو الاقتراح كلمتي "الهمز أو اللمز" في اقتراحهم؟ أمن أجل ذلك انتخبوكم، وكأن البلد قد أفلس من دعاة الحق؟... يا خسارة الوطن بهذا المجلس البائس!