تعجبت من بعض ردود الفعل تجاه الاقتراح الجديد بشأن اقتصار الترشح لعضوية مجلس الأمة على من ينحدر من آباء وأجداد استوطنوا الكويت قبل عام 1920، وخاصة تلك الغاضبة، ومن أخذ الأمر بجدية وراح يناقشه من منطلق سياسي وقانوني وفي إطار حقوق الإنسان والتطور الديمقراطي.
وعلى العكس تماماً فهذا القانون، رغم أنه لا يتعدى مجرد التحرش السياسي وبأسلوب لا يخلو من "اللقافة" الكويتية، فإنه يفتح قريحة النكتة السياسية لتعليقات جميلة وعفوية ومواكبة للتقنية العصرية لا بأس بذكر بعضها.ففي المقام الأول لم يحدد القانون التوقيت الدقيق للاستيطان الكويتي وليس الصيهوني على فكرة، واكتفى بما قبل عام 1920، فهل يقصد بذلك 31/12/1919؟ وأي ساعة؟ وإذا افترضنا وصول بعض المستوطنين في هذا الموعد، وعلى فرض أن الموظفين الكويتيين لا يداومون أو أن كمبيوتر الحدود كان معطلاً، فما ذنب من وصل في الموعد المحدد وظل على الحدود عدة ساعات؟ أتمنى أن يستثنى هؤلاء المساكين حيث لا ذنب لهم!ومن ناحية ثانية ما موقفنا من أحفاد اليونانيين الذين استوطنوا فيلكا قبل آلاف السنين إذا ما طالبوا بحقوقهم السياسية الآن؟ وتخيّل "لوية" عمل البصمة الوراثية لرفات مقابر فيلكا وتطابقها مع المدّعين أنهم نسل أولئك الكويتيين في عصر ما قبل الميلاد؟يكفي المواعيد التي تعطى للإخوة البدون لعمل البصمة الوراثية بعد سنة وسنتين من الآن، وحرام تأخيرهم أكثر لو فتحنا الباب أمام اليونانيين وعيال البريطانيين والهولنديين والبرتغاليين الذين استوطنوا عندنا من عام 1670 حتى الاستقلال؟والقانون أيضاً معيب لأنه لم يحدد إثبات استيطان الآباء والأجداد، وكان يفترض أن يطلب من كل مواطن تحديد بيته من خلال استخدام برنامج google earth أو عمل أنستغرام لصور الآباء والأجداد تحدد بوضوح معالم الكويت مثل الأبراج قبل 1920 أو المارينا القديمة أو سوق شرق القرن التاسع عشر أو صورة الجدة وهي "زانطة القدو" أو الجد وهو "يشفط بجيمس حمر موديل 1910 في البر"، أو على الأقل لو تكرم علينا مقترحو القانون وزدونا بإثباتاتهم الشخصية والتاريخية حتى نأتي بأفضل منها أو مثلها لنثبت أننا "عيال بطنها" ومن نسل القعقاع الكويتي!وهناك مشكلة عويصة أخرى غابت عن المشرعين "البدّع"، وهي الشهود، حيث إن كل الشهود على الببليوغرافية الكويتية في القرن الماضي قد توفاهم الله، الأمر الذي يضعنا أمام خيارين: إما أن ندخل عالم تحضير الأرواح لأخذ إفادتهم، وهنا نحتاج إلى إنشاء هيئة عليا جديدة لهذا الغرض، وإما ننتظر يوم القيامة لنسألهم مباشرة ونأخذ منهم الإجابات الصريحة، حيث لا كذب يومئذ في عالم اليقين.والخلاصة أن الكلفة المالية لتنفيذ هذا القانون سوف تكون كبيرة جداً، و"طفارة" الحكومة هذه الأيام من القوانين الشعبوبة التي تكلف ميزانيات إضافية، والخوف أن ينحل المجلس لهذا السبب وبعدها تسقط الحكومة، ويتهدد نظام الحكم وندخل في نفق مظلم آخر، ويمكن أن تكون هذه هي المؤامرة التي قال أحد النواب الحاليين عنها بأنها تُحبك لإسقاط المجلس والحكومة!
مقالات
«قانون ملقوف»!
25-01-2013