سؤال مطروح لكثرة ما تردد في اعتصامي مفارق رابعة العدوية وميدان النهضة، والمسيرات التي خرجت منهما أو التي قدمت إليهما، حول عودة الشرعية، وما ردده الرئيس المعزول د. محمد مرسي، في آخر خطاب له بأنه يفتدي الشرعية بحياته، وما قاله د. محمد البلتاجي، من أن كل ما يحدث على أرض سيناء (قاصداً الإرهاب) سوف يقف في اللحظة التي يعود فيها د. محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، وما صاحب فض الاعتصامين من إراقة دماء، ومسيرات الإخوان التي خرجت في جمعة الغضب بعد فض الاعتصامين، تقتحم أقسام الشرطة وتستولي على ما فيها من أسلحة، وتقتل الضباط والجنود، وتقنص برصاصها الحي المدنيين الآمنين في بيوتهم والذين يطلون من الشرفات، وتحرق الكنائس والمؤسسات الحكومية والمتاحف.

Ad

سؤال مطروح، ولكن يحسن قبل الإجابة عنه أن نورد تعريفاً للشرعية، التي اختزلتها جماعة الإخوان في كرسي الرئاسة، وفي صندوق الانتخابات الذي يستمد الرئيس المخلوع شرعيته منه.

مبدأ الشرعية

مبدأ الشرعية، هو المبدأ الذي تستظل به الدولة القانونية، بسيادة الدستور، باعتباره القيد القانوني الأساسي لسلطات الحكم الثلاث، السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، حيث تسن الأولى القوانين، وتقوم الثانية بتنفيذها وإعمال أحكامها وتقوم الثالثة بالرقابة القضائية على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتتمثل بالرقابة القضائية على دستورية القوانين والرقابة القضائية على مشروعية القرارات التي تصدرها السلطة الأخيرة، فضلاً عن قيام المحاكم حصناً حصيناً لحقوق الأفراد وحرياتهم.

ويرتبط مبدأ الشرعية بالنظام الديمقراطي ارتباطاً وثيقاً، حيث السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً، وحيث تتداول سلطة الحكم في هذا النظام عبر صناديق الانتخابات.

اختزال الشرعية في الصندوق

ومن هنا اختزل الرئيس المخلوع وجماعته الشرعية في صناديق الانتخابات التي جرت في يونيو 2012، وهو ما يطرح سؤالاً هو، لماذا تمسك الرئيس المخلوع وجماعته بشرعية صندوق يونيو 2012، ورفضوا إضفاء الشرعية على الصندوق، الذي كانت سوف تجرى من خلاله الانتخابات الرئاسية المبكرة؟ وهو المطلب الذي قامت ثورة 30 يونيو لتحقيقه، ولماذا لم يقبلوا بشرعية صندوق سوف يجدد ثقة الشعب برئيسهم المعزول، حقناً لكل هذه الدماء التي أريقت؟

سؤال نحاول الإجابة عنه في ما يلي:

أولاً – شبهات حول صندوق 2012

1- أن الرئيس المخلوع لم يحصل في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة إلا على 5.764.952 صوتاً، وحصل منافسه في انتخابات الإعادة الفريق أحمد شفيق على 5.505.327 صوتاً، وحصل الثالث في هذه الجولة السيد حمدين صباحي على 4.820.273 صوتاً.

2- أن الأصوات التي حصل عليها الرئيس المخلوع في انتخابات الإعادة، والتي تزيد على الأصوات التي حصل عليها في الجولة الأولى، قد كشفت أكثر من عشرين لجنة فرعية تزويراً، أحدها وقع فى كل من المطبعة الأميرية ومطبعة الشرطة، لمصلحة د. محمد مرسي، أي أن التصويت لمصلحته كان سابقا التجهيز في المطبعتين الوحيدتين اللتين توردان لكل اللجان أوراق التصويت.

3- أن الذي حال بين اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة وبين إصدار القرار الصحيح بإعادة انتخابات الرئاسة بسبب هذا التزوير، أن جماعة الرئيس المخلوع، كانت تدبر الأمر بليل، عندما ضمنت قانون الانتخابات الذي أقره مجلس الشعب، بأغلبيته الإسلامية، إعلان النتائج من اللجان الفرعية، فور فرز الأصوات فيها، ليحولوا بين اللجنة العليا، وبين إصدار قرارها في ضوء ما كشفت عنه بعض اللجان الفرعية، من تزوير مسبق في المطبعتين المشار إليهما.

وهو تزوير كان يجب أن ينعكس على كل نتائج اللجان الفرعية الأخرى.

4- أن جماعة الرئيس المخلوع قد توعدت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ببحور من الدم، وحرب أهلية سوف تندلع في شوارع مصر إذا أعلن فوز الفريق أحمد شفيق.

وأن السفيرة الأميركية آن باترسون قد سوقت هذا الوعيد والتهديد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، على أن هذا هو ما تتوقعه الأجهزة المخابراتية الأميركية. أي أن شرعية صندوق الإخوان لم تكن هي الشرعية التي يعرفها الغرب لصناديق الانتخابات، بل كانت شرعية يفوح منها رائحة التزوير والدم وتنقصها الشفافية.

وهو ما سنتاوله في مقال قادم إن كان في العمر بقية.