نقطة الانكسار
هذا المقال ضد التيار "الفضائي والعنكبوتي"، فلا بأس إن غضب البعض أو رفض آخرون وقذفوا الحجارة، فمن يسبح ضد التيار فإن عليه ألا يشكو ارتفاع الموج وشدة التيار.يقول علماء الفيزياء والرياضيات "إن لكل منحنى نقطة انكسار يبدأ عندها بالهبوط"، فبداية يأخذ المنحنى اتجاه الصعود التدريجي إلى أن يصل إلى قمته، وبعد ذلك وعند نقطة الانكسار يبدأ بالهبوط إلى أن يصل إلى نقطة الصفر أو قبلها بقليل، وذات الحديث "حول نقطة الانكسار" يردده علماء الاجتماع والنفس حول بعض الخصائص النفسية والصفات الإنسانية، ويمكن تطبيقه كذلك سياسيا في بعض الأحيان.
لو نظرنا إلى المعارضة المصرية الآن لوجدنا أنها عند نقطة الانكسار، فقد بدأ منحنى المعارضة بالصعود مع تولي الرئيس مرسي الحكم مستغلة الأزمات التي تمر بها مصر والأخطاء التي تقع فيها الحكومة والرئاسة، وأخذ المنحنى بالصعود تدريجيا تارة وحادا مرات أخرى إلى أن وصل إلى قمته، واستنفدت المعارضة كل قوتها، ونالت أعلى قيمة سوقية، ولكنها الآن تعيش لحظة الانكسار أو تجاوزتها بالفعل، وبدأت بالهبوط التدريجي. والدلائل على ذلك كثيرة، فلو تساءلنا مثلا: هل الحشد الجماهيري والتأييد الشعبي للمعارضة الآن كما كان منذ 3 أشهر؟ بالتأكيد لا... ومن يعترض فإن عليه مراجعة أعداد المشاركين في المليونيات الأخيرة، واحتفال 6 إبريل بذكرى تأسيسها ومقارنة ذلك مع المليونيات السابقة. والسؤال هو لماذا؟ الإجابة ببساطة لأن المعارضة فشلت في إقناع الشعب بقدرتها على حل المشاكل والأزمات التي يعانيها– تماما كما فشلت الحكومة- وزاد على فشل المعارضة حكمتها الخالدة "دور المعارضة النقد وليس تقديم الحلول التي نحتفظ بها إلى أن نتولى الحكم"! وبالطبع لم تصدقها الجماهير وتقلصت المعارضة –أو كادت- إلى برامج "التوك شو" والتطاول والسخرية والتعليقات "الفيسبوكية" و"التويترية". ومن أخطاء المعارضة التي أدت إلى انفصالها عن البعد الشعبي والالتحام الجماهيري محاولتها استغلال الأزمات التي تمر بها البلاد بعيدا عن الحقيقة والواقع، فتسمم طلاب الأزهر تحول إلى محاولة لأخونته وجريمة الخصوص تحولت إلى فتنة طائفية ترعاها الرئاسة، وزيارة السودان لبيع الجنوب، وزيارة قطر لبيع القناة، وحضور نجاد لتشيع مصر... إلخ.كل ذلك أفقد المعارضة تماما مصداقيتها وتأييدها الشعبي الذي يجب أن يكون هدفها الأول فبدون الشعب لن تستطيع المعارضة فعل شيء ولو امتلكت كل الفضائيات وبرامج التوك شو والتطاول.الرأي المخالف لما أقول يدعي العكس تماماً، ويؤكد أن المعارضة تزداد التحاماً بالجماهير وتأييداً شعبياً، والدليل خسارة الإخوان لانتخابات الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية، وبعيداً عن الدخول في أسباب النجاح ونسب الفوز والخسارة وحقيقتها ودلالتها الفعلية، فما ذكرته المعارضة يؤكد عدم إقدام الإخوان على التزوير وانتهاء عصر الزيت والسكر، فيجب ألا تعود المعارضة إلى هذا الحديث مع انتخابات مجلس الشعب القادم... فهل تفعل؟أتمنى ألا يكون من الضروري تذكير البعض أن المقال يدور حول الانكسار الشعبي للمعارضة وليس الفضائي والعنكبوتي الذي هو على العكس تماماً يزداد صخباً وضجيجاً مع كل انكسار شعبي؛ لذلك فمن المتوقع المزيد والمزيد من الهجمات الفضائية والتطاول والسخرية.