ارتياح عالمي بعد الإقرار المؤقت لرفع سقف الدين الأميركي
توقعات بأثر محدود للاتفاق على الأسواق العربية... ومحللون: المنطقة لم تتأثر
تستعد أسواق الأسهم العربية للعودة إلى التداولات مطلع الأسبوع المقبل، وسط حالة من التباين تجاه الاتفاق الذي تم التوصل اليه في الولايات المتحدة بشأن الموازنة ورفع سقف الدين الأميركي.
شهدت الأوساط الاقتصادية العالمية حالة من الارتياح، بعد تسوية أزمة المديونية الأميركية وتصديق "الكونغرس" على خطة رفع سقف الدين العام لتجنب أزمة مالية كارثية.ورحبت الصين بـ"التقدم" الذي أنجزه النواب الأميركيون بخصوص تسوية الميزانية ما أبعد خطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونينغ إن "الحل المناسب لهذه المشكلة لا يعود بالفائدة على المصالح الأميركية فحسب، بل على استقرار الاقتصاد العالمي وتنميته".وكان "الكونغرس" قد أقر قانونا لرفع سقف المديونية الأميركية الذي كان ثابتا عند نحو 17 تريليون دولار بشكل مؤقت حتى 7 فبراير المقبل. وأصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس الأول القانون الذي يبعد خطر تعثر البلاد في سداد مديونياتها، واضعا حدا لمعركة سياسية استمرت أسبوعين، ومبددا المخاوف التي عمت الأسواق.وأقر مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب على التوالي الأربعاء وبغالبية واسعة قانون التسوية، بعد مفاوضات مكثفة وأسابيع عدة من الخلافات في "الكونغرس".استثماراتوتسمح هذه التسوية للخزانة بالاقتراض حتى 7 فبراير المقبل، وتتيح تمويل وظائف الحكومة الاتحادية حتى 15 يناير. وكانت بكين، التي تعد أكبر مستثمر في سندات الخزانة الأميركية، قد كثفت في الأيام الأخيرة التحذيرات والدعوات إلى إيجاد تسوية لأزمة الميزانية، مشيرة إلى العلاقات "المتلازمة" التي تربط اقتصادي البلدين.وتمتلك الصين سندات في الخزانة الأميركية بقيمة تقترب من 1.3 تريليون دولار حسب الأرقام الأخيرة للحكومة الأميركية، لذلك أبدت قلقها من الصدمة التي قد تصيب الأسواق العالمية في حال تعثر واشنطن في سداد أرباح سندات خزانتها.من جانبها، شددت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد على الطابع المؤقت للاتفاق. وقالت في بيان إنه "من الضروري الحد من التشكيك المحيط بإدارة سياسة الميزانية، من خلال رفع سقف الدين بصورة أكثر استمرارية".في هذه الأثناء، أعلن بنك الاحتياط الفدرالي الأميركي أن اقتصاد البلاد واصل نموه بشكل "متواضع إلى معتدل" في سبتمبر الماضي ومطلع أكتوبر.وبحسب وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، فإن الأزمة الأخيرة ستكلف النمو الاقتصادي الأميركي ما يزيد نصف نقطة مئوية في الربع الأخير من العام، أي ما يساوي خسارة 24 مليار دولار من الثروة المنتجة خلال العام المالي. عودة التداولاتمن جانبها، تستعد أسواق الأسهم العربية للعودة إلى التداولات مطلع الأسبوع المقبل، وسط حالة من التباين تجاه الاتفاق الذي تم التوصل اليه في الولايات المتحدة بشأن الموازنة ورفع سقف الدين الأميركي، وهو التباين الذي انعكس على أداء الأسواق العالمية أيضا، حيث ارتفعت فور إعلان الاتفاق، لكنها سرعان ما عاودت الهبوط بعد سريان حالة من التشاؤم.واتفق الجمهوريون والديمقراطيون على إعادة تشغيل الحكومة الفدرالية بميزانية قصيرة الأجل حتى 15 يناير المقبل، إضافة إلى رفع سقف الدين الأميركي حتى 7 فبراير، وهو ما فهمه الكثير من المستثمرين والمحللين الاقتصاديين على أنه عملية تأجيل للأزمة وليس حلاً لها، بينما اعتبر آخرون أن مجرد التوصل إلى اتفاق ولو قصير الأجل مؤشر إيجابي على إمكانية التوافق.ودخلت كل أسواق الأسهم في دول الخليج والمنطقة العربية في إجازة منذ أيام بمناسبة عيد الأضحى المبارك، على أنها ستبدأ استئناف التداولات اعتبارا من الأحد المقبل.وتوقع المحلل المالي بشركة بايونيرز القابضة إسلام عبدالعاطي أن تتأثر أسواق الأسهم في المنطقة العربية إيجابا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في الولايات المتحدة، مؤكدا أن "كل الأسواق في العالم تدور حول الأسواق الأميركية وتتأثر بما يجري في الولايات المتحدة"، إلا أنه يبدي اعتقاده بأن التأثر سيكون محدوداً وليس كبيراً.حلول مؤقتةوقال عبدالعاطي لـ"العربية نت" إن "الحلول التي يتم التوصل إليها في الولايات المتحدة دائماً مؤقتة، وهذا واحد منها".واكد ان الركود الذي حصل سابقا في الأسواق العالمية كان مرده أداء الشركات في هذه الأسواق وليس أزمة الموازنة وسقف الدين في أميركا، لذلك فإن التجاوب الآن مع التوصل الى اتفاق يكون محدودا؛ لأن تأثير هذه الأزمة على الأسواق كان محدوداً منذ البداية.ولا يتوقع عبدالعاطي ان تشهد أسواق الأسهم العالمية أو العربية أي أزمة مطلع العام الجديد، حيث إن مشكلة الموازنة معروف من الآن أنها ستعود ومعها مشكلة الاتفاق على رفع لسقف الدين، مشيرا إلى أن ما يجري في الولايات المتحدة لا يبدو أنه خارج حسابات وتصورات المستثمرين في العالم.وعاد أكثر من 800 ألف موظف إلى أعمالهم اعتبارا من أمس الأول، بعد انتهاء أزمة الموازنة، إلا أن الولايات المتحدة تكبدت بإغلاق مكاتبها الفدرالية خسائر ضخمة، حيث كان الاقتصاد الأميركي يفقد 300 مليون دولار يوميا بحسب تقديرات مركز (IHS Global Insight) العالمي، ما يعني أن أزمة الموازنة وحدها كبدت الأميركيين 4.8 تريليونات دولار خلال 16 يوماً من وجودها.(بي بي سي، العربية نت)