أردوغان يهاجم أهل المال ويحض على مقاطعتهم
رئيس الوزراء التركي يوسِّع جبهة المواجهات
كان رجب طيب أردوغان يتحدث في أنقرة من على ظهر إحدى الحافلات إلى جماهير من أنصاره، حين هاجم ليس فقط المتظاهرين الذين احتلوا ميدان «تقسيم» في إسطنبول، ولكن كذلك من سماهم لوبي أسعار الفائدة، وهو يدعي أنها حركة تسعى إلى تعطيل نمو تركيا من خلال أسعار الفائدة العالية.
في أجواء المواجهات السياسية الجارية حاليا في تركيا، يعزف رجب طيب أردوغان بصورة متزايدة على نغمة اقتصادية، ويهاجم أهل المال ويحض على مقاطعة الأعمال الخاصة، ويَعِد بخنق المضاربين، في مسعى منه إلى حشد الرأي العام ضد المتظاهرين الذين هزوا البلاد.وتأتي ضغوط رئيس الوزراء التركي هذه رغم اعتماد تركيا على محافظ الصناديق الاستثمارية الأجنبية، التي تعمل على تمويل اقتصادها، وتعطي ضماناً للعجز الهائل في الحساب الجاري.كان أردوغان يتحدث في أنقرة مساء الأحد الماضي من على ظهر إحدى الحافلات إلى جماهير من أنصاره، حين هاجم ليس فقط المتظاهرين الذين احتلوا ميدان تقسيم في إسطنبول، ولكن كذلك من سماهم لوبي أسعار الفائدة، وهو يدعي أنها حركة تسعى إلى تعطيل نمو تركيا من خلال أسعار الفائدة العالية.قال أردوغان: «استغل لوبي أسعار الفائدة بلدنا سنوات طويلة، لكن ليس بعد الآن. أنا أقول هذا لكل من يهمه الأمر- ربما لبنك واحد، أو ربما لبنكين أو ثلاثة بنوك، أنتم من بدأتم هذه المعركة، وعليكم أن تدفعوا ثمن ذلك، وسنعمل على خنق كل الذين يعملون على الإطاحة بالبورصة».لست يسارياً ولا يمينياًوتناول أردوغان في خطابه جيم بوينر، وهو رئيس مجموعة من الشركات التركية، ظهر في حديقة جيزي حيث بدأت التظاهرات، وهو يحمل لافتة كتب عليها: «أنا لست يسارياً ولا يمينياً، لكني أعمل في السلب والنهب»، وهي العبارة التي يستخدمها المتظاهرون الآن في وصف أنفسهم على سبيل النكتة بعد أن استخدمها رئيس الوزراء في إدانته لهم.قال أردوغان وهو يشير إلى اللافتة: «لا تمنحوا محبتكم هؤلاء الذين يمارسون النهب، الذين كسبوا الأموال على ظهور الناس لسنين. من واجب الأمة أن تبين للناس الذين أهانوا الأمة مكانهم الحقيقي». أما إرغون أوزين، الرئيس التنفيذي لـ»غارانتي»، وهو واحد من أكبر المصارف التركية، فقد أعلن نفسه أنه «من أهل السلب والنهب»، الأمر الذي حفز أردوغان في ما يبدو لتوجيه نداء إلى أنصاره لـ»تلقين درس» لمديري المصارف الذين وقفوا إلى جانب «هذا التخريب».وظهر أردوغان يوم الأحد وكأنه يدعو إلى المقاطعة، إذ قال وهو يعلق على لوبي أسعار الفائدة: «آن الأوان لتلقينهم درساً. هناك مصارف حكومية، وأنتم تعرفون ما أعني». وتعتمد تركيا بصورة استثنائية على الأموال قصيرة الأجل، ويعود بعض السبب في ذلك إلى التسهيل الكمي والإجراءات المماثلة التي أدت إلى زيادة ضخ الأموال قصيرة الأجل إلى بلدان الأسواق الناشئة، وكذلك عملت الخطوات التنظيمية التي فرضتها اتفاقية «بازل 3» على زيادة صعوبة الحصول على رأس المال طويل الأجل.ويقول تيم آش، من ستاندارد بانك، في مذكرة له: «عند الأخذ في الحسبان أن تركيا تعتمد بشكل حاد على تدفق المحافظ الاستثمارية، نجد أن الهجوم على مستثمري المحافظ الأجنبية إلى حد ما غريب». وخلال السنة المنتهية في مارس بلغ صافي التدفقات الداخلة من المحافظ الاستثمارية الأجنبية 44.4 مليار دولار، وهو مبلغ يغطي 94 في المئة من العجز في الحساب الجاري البالغ 47 مليار دولار، بينما بلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر 7.6 مليارات دولار فقط، وفقا لـ»آش».ولا تدفع هذه التظاهرات وما تلاها من نتائج الاقتصاديين للتقليل من درجة توقعاتهم.ويقول جوفين ساك، رئيس مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية: «أنا لا أتوقع أي أثر مهم لهذه التظاهرات في الاقتصاد في هذه المرحلة، مادام في الإمكان حل القضية دون إيجاد أية مشاكل إضافية».مخاطر اقتصاديةولاحظت وكالة موديز لخدمات المستثمرين أن احتمالات «وقوع مخاطر اقتصادية (تؤدي إلى تخفيض التقييم الائتماني)» في تركيا ممكنة بدرجة عالية، مستشهدة ليس فقط بتمويل العجز في الحساب الجاري، ولكن كذلك بتراجع الطلب العالمي من بلدان الأسواق الناشئة كلها. وكانت الوكالة قد منحت تركيا في الشهر الماضي مرتبة ائتمانية صالحة للاستثمار، وقالت إن المخاطر المتزايدة احتُسِبت في تصنيفها الحالي لتركيا بمرتبة (Baa3) مع آفاق مستقرة.ويصف ظافر تشاجليان، وزير الاقتصاد، أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول في تركيا بأنها «ليست جذابة تماماً»، لكنه يضيف أن ما يرفع من الآمال هو أرقام الإنتاج الصناعي لشهر أبريل التي ارتفعت بنسبة 4.6 في المئة بالمعدل السنوي.وانخفض معدل النمو الاقتصادي في تركيا من 8.8 في المئة في 2011 إلى 2.2 في المئة في 2012. ورغم قول مسؤولين حكوميين إن القصد من التباطؤ هو الحؤول دون تسارع الاقتصاد فوق الحد، فإن المسألة تظل جدلية حول الكيفية التي سيعود بها الاقتصاد وموعد العودة إلى معدل النمو بنسبة 5 في المئة الذي تحتاج إليه تركيا لاستيعاب عاملين جدد في قوة العمل، خصوصا عند الأخذ في الحسبان مشاكل منطقة اليورو التي هي السوق الرئيسي لأنقرة.وأسفل السطح، توجد كذلك عوامل لبس تحيط بالعلاقات بين الحكومة وبين أكبر مجموعتين للشركات في تركيا، وهما كوتش وسابانتشي. وفي خطاب له ألقاه يوم الجمعة، انتقد أردوغان جامعتين تحملان اسمي كوتش وسابانتشي.* (فايننشال تايمز)