مسلسلات رمضان 2013... تعثر وتدهور وأزمة رقابية
لن يحمل عام 2013 ازدهاراً للدراما العربية، فثمة مؤشرات بدأت تظهر معالمها تنبئ بأن الدراما ستواجه أزمة حقيقية، أبرزها تراجع المنتجين عن إنتاج المسلسلات لعدم تسديد الفضائيات مستحقاتها واكتفاء الشركات الكبرى بإنتاج مسلسل أو اثنين، ما يثير المخاوف على مستقبل الدراما في ظل وقوف الدولة موقف المتفرّج واستقطاب الدراما التركية الجمهور والشاشات على السواء لأنها توفر أرباحاً ضخمة.
حاول منتجون استحداث مواسم مرادفة لموسم شهر رمضان لتسويق مسلسلات أنتجوها في 2012 ولم ترَ النور، على غرار «على كف عفريت» (سيعرض على قناة «النهار») و{في غمضة عين» (سيعرض على قناة «أم بي س» مصر)، إلا أن هذه الخطوة لن تجعل المسلسلين يحظيان بنسبة مشاهدة مرتفعة، لأن الجمهور العربي اعتاد أن يكون شهر رمضان الموسم الأمثل لعرض مسلسلات ضخمة، بالتالي هو غير مستعد لمشاهدة مسلسل «في غمضة عين» بطولة أنغام وداليا البحيري على قناة واحدة وبشكل حصري، في وقت اعتاد متابعة المسلسلات المفضلة لديه على القنوات التي يرغب فيها وفي الوقت الذي يناسبه.
ديون ومستحقات تتبع شركات الإنتاج هذا العام سياسة جديدة وهي الاكتفاء بإنتاج مسلسل أو اثنين في الموسم الواحد، من بينها شركتا «العدل غروب» و{كينغ توت»، بالإضافة إلى المنتج اسماعيل كتكت المعروف بإنتاج مسلسلات السير الذاتية، والمنتج محمد فوزي الذي اعتاد إنتاج أكثر من ثلاثة مسلسلات في الموسم الواحد.يؤكد جمال العدل أن شركة «العدل غروب» تحضر لمسلسل واحد هو «سجن النساء»، ويعزو المنتج أمير شوقي أسباب الأزمة إلى عدم وجود سيولة كافية لدى القنوات الفضائية التي لم تستطع تسديد ديونها، بالتالي لن تتعامل شركات الإنتاج معها في حال لم تدفع مستحقاتها المالية.أما المنتج محمد فوزي الذي غالباً ما يدخل المنافسة الرمضانية بأكثر من ثلاثة مسلسلات، فيكتفي هذا العام بتقديم مسلسلين كان يفترض أن يعرضا في العام الماضي هما: «ميراث الريح» لمحمود حميدة وسمية الخشاب و{مولد وصاحبه غايب» لهيفا وهبي وفيفي عبده.يؤكد فوزي أنه غير مستعد لإنتاج مسلسل ثالث نظراً إلى الظروف الدقيقة التي يعيشها الوطن العربي، ويتمنى تعويض خسارة العام الماضي من خلال توزيع جيد للمسلسلين.أزمة رقابية ثمة مسلسلات تواجه أزمات رقابية ولم تجد لها حلا، مثل سيناريو «أولاد حارتنا» للأديب نجيب محفوظ الذي كان ينوي المخرج خالد يوسف خوض السباق الرمضاني 2013 عبره للمرة الأولى، إلا أن الرقابة تعتبر أن هذه الرواية غير صالحة للعرض على شاشة التلفزيون، كذلك الأمر بالنسبة إلى مسلسل «أسماء بنت أبي بكر» لصابرين، إذ كان يفترض بدء تصويره في العام الماضي إلا أنه واجه أزمات رقابية، أولها عدم إعطاء الأزهر الشريف موافقته النهائية عليه، لذا قد يؤجل إلى العام المقبل في حال وافقت الشركة المنتجة على الموازنة التي رصدت له وسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر.أما المنتج اسماعيل كتكت فيتردد في اتخاذ أي خطوة لإنتاج مسلسل ضخم خشية عدم القدرة على تسويقه كما حصل مع «فاروق» و{أسمهان» فيقع في خسارة كبرى، لا سيما أنه يخصص موازنة ضخمة لأعماله وتنتج شركته مسلسلاً واحداً في العام.بدوره يعبّر الفنان عمرو واكد الذي يشارك في إنتاج مسلسل «مداح القمر» (يروي سيرة الموسيقار بليغ حمدي الذاتية) عن خشيته من أن يفشل الموزع في تسويقه في القنوات العربية في ظل الظروف الضاغطة، رغم أن المسلسل يتمتّع بعناصر التشويق والنجاح، ذلك أن سيرة بليغ حمدي حافلة بأحداث لا تعرفها سوى قلّة وسيشاهدها الجمهور في سياق المسلسل، فضلاً عن أن معظم الشخصيات معروفة ومحبوبة.المنتج صفوت غطاس الذي قرر عدم إنتاج أي مسلسلات حالياً يوضح أن تدهور الأحوال الاقتصادية والسياسية في البلد، وعدم تسديد المحطات الفضائية والتلفزيون المصري المستحقات، دفعا المنتجين إلى الخشية والتردد في إنتاج مسلسلات جديدة، حتى لو جازفوا وأنتجوا أعمالاً جديدة فمن سيشتريها؟ يفترض أن تسدّد الفضائيات ما عليها من أموال خلال سنة ونصف السنة، وهو أمر يشكّ غطاس في إمكان تحقيقه، لذا يعتبر أن الانتظار سيد الموقف حتى تنقشع الرؤية على الساحة المصرية، سواء السياسية أو الفنية.ظروف سيئةيشير المنتج أحمد الجابري إلى أنه لا يصح إنتاج مسلسلات في هذه الفترة السيئة والمتعثرة وغير واضحة المعالم، مؤكداً أن الدراما التركية أحد أهم أسباب ضعف الإنتاج في مصر، لأنها المنافس الأقوى للدراما المصرية، والأسوأ من ذلك أن الدولة تقف متفرجة وتفضل المحطات الفضائية إنفاق أموالها على الدراما التركية التي تجلب لها أرباحاً أكثر من الدراما المصرية.يضيف الجابري: «لا يسمح الجو العام بالإنتاج بسبب التدهور في المجالات كافة والفوضى وعدم الانضباط، وأكثر ما يحزنني أن مدينة الإنتاج الإعلامي محاصرة، وثمة خشية من محاصرة الاستوديوهات من دون أن يعمد أحد إلى رفع الصوت في وجه هذه الممارسات، لذلك سنواجه في رمضان 2013 معضلة حقيقية في ظل عدم وجود شركات إنتاج مستعدة لتحمّل خسارة وافتقاد قنوات فضائية إلى سيولة تؤمن تسويقاً جيداً، بالإضافة إلى عدم وجود رعاة اعتدنا عليهم في الأعوام الماضية، وكان وجودهم وحده كفيلا بالتعويض عن أي خسارة قد تصيب محطة أو شركة إنتاج كبرى».