تؤكد مصادر قيادية في تيار المستقبل أن عودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة في المرحلة الحالية أمر غير وارد في حساباته السياسية إلا في ظل شروط قاسية جدا على حزب الله وحلفائه التقيد بها والتعهد بالتزامها قبل البحث في أي تفاصيل أخرى. 

Ad

واوضحت المصادر أن الحريري يشترط للبحث في مبدأ العودة الى الرئاسة الثالثة اتفاقا سياسيا وطنيا شاملا، يضع حدا لكل الممارسات التي تصب في خانة مصادرة قرار الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية والشرعية الأخرى، ويعيد لبنان الى قلب الشرعيتين العربية والدولية، بعيدا عن أي محاولة لإلحاقه بسياسات إقليمية معادية للعرب والغرب.

وبحسب المعلومات التي يتم تداولها في أوساط تيار المستقبل فإن طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري ترشيح الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة هو طرح حق يراد به باطل، في ضوء التطورات اللبنانية الداخلية والإقليمية والدولية التي تشدد الحصار على حزب الله وحلفائه في قوى 8 آذار على نحو باتوا يحتاجون الى من يرمي لهم طوق الإنقاذ بعد وصول سياساتهم الى المأزق الجدي والحائط المسدود، خلافا لكل محاولات المكابرة والقنابل الدخانية الإعلامية والسياسية والعسكرية التي يطلقونها لإخفاء حقيقة واقعهم المأزوم والظهور بمظهر عدم المتأثر بسلسلة التدابير والمتغيرات العربية والدولية التي شهدتها الساحات من تركيا ومصر وتونس وسورية وقطر وغيرها، وصولا الى قرار الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الإرهاب.

ويشرح قيادي بارز في تيار المستقبل وجهة نظر الرئيس سعد الحريري وفريقه من طرح الرئيس نبيه بري بالقول: إن حزب الله وحلفاءه في قوى 8 آذار استشعروا في الايام القليلة الماضية الخسارة التي لحقت بهم نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي لعب في أكثر من مرة دور خط الدفاع عن حزب الله، ودوره وحضوره على الساحة اللبنانية، كما استشعروا الخطأ الجسيم الذي ارتكبوه بإبعاد الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل عن رئاسة الحكومة، ما جعلهم مكشوفين عربيا ودوليا ومستهدفين مباشرة من المجتمعين العربي والدولي دون وجود من يمكن أن يؤمن لهم الغطاء اللبناني في مواجهة العرب والغرب. 

وانطلاقا من هذا الواقع، أعاد حزب الله وحلفاؤه قراءة المعطيات، لكن المشكلة تكمن في أنهم توصلوا نتيجة هذه القراءة الى قرار مجتزأ يعتبر مجرد مناورة في الشكل لاحتواء الهجمة التي تستهدفهم، واعادة تكوين خطوط دفاعية متقدمة تحفظ حضورهم ودورهم، في حين ان المطلوب استخلاص العبر وبناء سياسة جديدة تقوم على الاعتراف والإقرار بأهمية الحاضنة الوطنية اللبنانية لحزب الله، وهي حاضنة لا يمكن ان تتأمن في ظل إصرار الحزب على سياساته السابقة القائمة على فرض شروطه على اللبنانيين بقوة السلاح.

والمطلوب من حزب الله في رأي تيار المستقبل وقوى 14 آذار التخلي عن الفوقية التي اعتمدها في التعاطي مع شركائه اللبنانيين منذ عام 2005، والتخلي عن سياسة الإقصاء والإبعاد والفرض والقهر والقوة والسلاح والتعطيل والفراغ، واستبدالها بسياسة تفويض الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية بكل المسؤوليات السياسات الوطنية من خارجية وامنية وعسكرية ودفاعية واقتصادية ومالية وتربوية وثقافية وعدلية وقانونية وغيرها، والمشاركة في اتخاذ القرارات أسوة بأي فريق لبناني آخر من مكونات المجتمع اللبناني.

وتخلص قيادات تيار المستقبل وقوى 14 آذار في ضوء هذا العرض الى تأكيد أن الحريري سيكون مستعدا للعودة الى رئاسة الحكومة في إطار استراتيجية انقاذ مقبولة سلفا، وفقا لضمانات غير قابلة للنقض، ولن يستدرج الى فخ جديد يسعى حزب الله وحلفاؤه لنصبه للحريري وحلفائه خصوصا، ولبنان عموما، بما يسمح للحزب باحتواء المرحلة وتجاوزها تمهيدا لانقلاب جديد يسمح له بالعودة الى الاستفراد بالقرارات الوطنية.

وتختم ان قوى 14 آذار، وفي مقدمتها تيار المستقبل والرئيس الحريري مستعدون لإنقاذ حزب الله من مأزقه في إطار خطة شاملة لإنقاذ لبنان، أما طرح ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة على نحو يجعل منه أسير حزب الله وسجين شروطه فمسألة مستحيلة ولا مجال لمجرد البحث فيها.