فجر يوم جديد: «الكاشف»... المتمرد
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
استرجعت شريط ذكرياتي معه لحظة أن أبلغتني زوجته الناشطة السياسية عزة كامل (والدة ابنته المخرجة عائدة الكاشف وابنه مصطفى) بأنها مُضطرة إلى مغادرة أروقة المهرجان ليلة الافتتاح للترتيب لمراسم إحياء ذكراه، وأكبرت فيها وفاءها النادر في زمن عز فيه الوفاء، وما لبثت أن عدت إلى ذكرياتي مع ذلك الشاب المفعم بالحيوية والنشاط، الذي كان بحق {ابن موت}، كما يصف {الصعايدة} الشاب الذي يسبق عصره، ويموت في سن مبكرة؛ إذ لم يضع دقيقة من وقته، وسابق الزمن ليحقق أحلامه العريضة، ومع فيلمه الروائي الطويل الثاني {عرق البلح} (1999) استلهم تراثه وكرس هويته وأكد خصوصية أسلوبه. لكن الشركة المنتجة للفيلم تآمرت ضده، ورفعت نسخ الفيلم من صالات العرض السينمائي، بعد أسبوع من طرحها، الأمر الذي أصابه بإحباط كبير، وجرح غائر أغلب الظن أنه لم يندمل حتى لحظة وفاته.حدث ذلك مع {عرق البلح}، الذي استمر عرضه في الصالات الفرنسية ما يقرب من ستة أشهر، واختارته إدارة مهرجان دمشق السينمائي الدولي عام 1999 ليكون فيلم افتتاح الدورة الحادية عشرة، وبعدها بعامين أنجز فيلم «الساحر» (2001)، الذي كان له الفضل في اكتشاف الوجه الجديد منة شلبي، وحصد جائزة أفضل فيلم عربي في الدورة الثانية عشرة لمهرجان دمشق السينمائي. كذلك افتتح مهرجان خريبكة المغربي في عام 2002، وشارك في مهرجان سينما العالم العربي الذي كان يُقام في باريس. وبعد عودة «الكاشف» من مهرجان روتردام للفيلم العربي في هولندا، والذي شارك فيه بفيلمه الأخير «الساحر»، داهمته أزمة قلبية تٌوفي على أثرها، عن عمر يناهز الخمسين.للمخرج رضوان الكاشف وجه آخر ناصع يتمثل في أبحاثه التي قدمها أثناء دراسته في كلية الآداب، وتناول من خلالها الفلسفة الصوفية عند «ابن عربي» و{ابن الفارض» و{الفارابي»، وبعد تخرجه ألّف كتابين؛ أولهما «الحرية والعدالة في فكر عبد الله النديم» عن خطيب الثورة العرابية عبد الله النديم، والثاني بعنوان «تجديد الفكر عند زكي نجيب محمود» تم نشرهما قبيل دخوله المعتقل في زمن السادات، وخرج منه ليلتحق بمعهد السينما؛ فقد كان مثقفاً وثائراً ومناضلاً سياسياً بامتياز مثلما كان مبتكراً ومُجدداً كصانع للأفلام، وصاحب قصيد سينمائي متميز ومتمرد، غير أن المفارقة المثيرة أنه كرس في فيلمه الأخير «الساحر» لنظرية البهجة ثم اختار الرحيل، في الذكرى الخامسة والثلاثين لهزيمة يونيو، من دون أن ينعم بشيء من تلك البهجة!