«العجلة من الشيطان»... شعار التنمية عندنا

نشر في 12-02-2013
آخر تحديث 12-02-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي بدعوة كريمة من أحد الأصدقاء من دولة الإمارات العربية المتحدة قمت بزيارة إلى مدينة "دبي" الساحرة الرائعة في كل شيء، فأينما نظرت فستبهرك بسحرها، إنها بالتأكيد ليست حضارة حديد وإسمنت، كما يحاول البعض تصويرها بحجة وجود بعض السلبيات التى لا تخلو منها الكثير من مدن العالم.

إنها حضارة إنسان آمن بهذه الأرض فحرص عليها، إنسان تميز بالعطاء والعمل المخلص الحازم، ونظرة مستقبلية أدت إلى نقل هذه البقعة القاحلة والنائية لتصبح قلب العالم واهتمامه ومهوى الملايين من البشر من كل أنحاء الدنيا، إما للراحة والاستجمام وإما لطلب الرزق.

فهناك الشوارع الرحبة الواسعة بنظام رائع، وخالية تماماً من الحفر، وخالية من أكوام القمامة، وخالية من المركبات المحطمة على الجانبين، ترى الساحات وقد فُرشت بالأشجار والزهور والينابيع والنوافير، وجسور تتشابك بالأدوار، ولتكتمل الصورة ترى "مترو دبي" ينساب في الأفق كالنهر بين المباني الشاهقة.

أما المطار الخاص بـ"طيران الإمارات" فإنه يشعرك بأنك في أحد مطارات حلقات الخيال العلمي، علما أن مطار دبي الدولي يحتل المركز الثالث عالمياً، وقد استقبل ما يزيد على 57 مليون راكب خلال عام 2012، وتتجه النية لإنشاء مطار جديد ضخم لاستيعاب الطائرات الضخمة الحديثة.

أضف إلى ذلك استيعاب الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية من خلال "مدينة دبي الإعلامية" و"مدينة دبي للإنترنت"، وفروع الجامعات العالمية، والمستشفيات الدولية، ومركز لإقامة المهرجانات والمؤتمرات العلمية. كما أصبحت دبي نقطة انطلاق للعديد من الماركات العالمية والمشاهير، ولعله من المصادفات الجميلة أن أحد مصممي البرامج الإلكترونية في اليابان وهو السيد هايديو كوجيما hideo kojima، قد أقام مؤتمراً صحافياً فى فندق "الجميرا بيتش"، حيث كنا نقيم ليعلن انطلاق برامج إلكترونية جديدة. ويكفي هذه الإمارة الرائعة فخراً أنها أصبحت تنافس مدناً عالمية ذات حضارة عريقة تمتد على مدى قرون من السنين، وهي التي لا يتجاوز عمرها أربعة عقود من السنين، وقد استقبلت ما يقارب المليون زائر خلال الأسبوع الأول من العام الحالي، كما بلغ دخلها خلال ذلك الأسبوع ما يتجاوز "المليار دولار"... علماً أن إنتاج دبي من النفط الخام يتراوح ما بين 50- 70 ألف برميل يومياً فقط.

عدت بالذاكرة إلى أول زيارة قمت بها إلى إمارة دبي، وكان ذلك عام 1972 وكانت عبارة عن شارع واحد وسوق واحد وبعض المساكن المتناثرة مع عدد محدود من المطاعم والمقاهي. لم يكن يخطر على بال أحد في ذلك الوقت أن تتحول هذه الأرض القاحلة الجرداء النائية إلى مدينة تزخر بالحياة، وتحتل مكان القلب والتفكير للعالم بأسره، ولا يشك أحد في أن وراء هذا الإنجاز رجالاً آمنوا بهذه الأرض وطناً، فأخلصوا بالعمل والعطاء ومازال عطاؤهم مستمراً.

ويعلم الله أني لا أحب أن أقارن الكويت بأي بقعة في العالم، فهي مهوى القلب، ومسرى الدم، والوطن الذي تهفو إليه الروح، لكنه الواقع المرّ... فحبنا للكويت يحتم علينا أن نضع تحت المجهر ما وصلت إليه حالنا على أمل الإصلاح، فليس هناك شك في أن الجميع يرغب في ذلك والسؤال من يبدأ؟ ومن أين نبدأ؟!  فالشق عود وأنا على يقين بأن هناك من الأحبة من سيقول :

قد أسمعت لو ناديت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

لكم كان مؤلماً عندما غادرنا مطار دبي الدولي وخلال ساعة ونصف هبطنا في مطار الكويت الدولي، ولم أستطع أن أمسك دمعة ألم نزلت على ما شاهدته من مأساة وبدون شعور صرخت أحقاً هذا مطار الكويت الدولي؟ أحقاً نحن في الكويت؟ أحقاً هذه هي الكويت الحبيبة؟ أحقاً عدنا إلى آخر الركب بعد أن كنا قادته؟!

لن أصف تلك المأساة بل أتمنى، كما يتمنى معي كل المخلصين لهذا الوطن، أن يقوم سمو رئيس مجلس الوزراء بزيارة إلى المطار بكل صالاته "القادمين" و"المغادرين" و"المستقبلين"، و"أم المآسي" مواقف السيارات، وأنا على يقين بأن سموه سيشعر بالأسى والألم لما وصلت إليه حالنا في كل مكونات الدولة بلا استثناء.

ترى من المسؤول؟ ولماذا؟ ترى من يقود البلاد إلى المزيد من الانحدار؟ متى سنحطم القيود التي أسرتنا عقوداً من السنين؟ متى ندرك قيمة الإنسان؟ ومتى ندرك قيمة الوقت؟ متى نتخلص من شعار "العجلة من الشيطان" الذي رفعته خطة التنمية حتى الآن؟ لماذا البحث دائماً عن الأرخص ونضيع فى دورة مستندية لا معنى لها، ومجالس أمة يكاد الصراخ فيها يدمر أركان الدولة، وتداس مصالح الوطن بين أقدام مصالحهم، وحكومات لا يكاد الوزير يفتح أدراج مكتبه حتى يغلقها لتأتي حكومة أخرى؟!

كلمة أخيرة:

كل الشكر والتقدير للصديق والأخ العزيز مصطفى العتيق مدير عام وحدة إدارة المنشآت في شركة "اتصالات" الإماراتية على كرم الضيافة وحسن الوفادة، مع دعائنا له بالتوفيق والنجاح في المشاريع التي تنوي الشركة القيام بها... مع انتظارنا له في بلده الكويت التي يعشقها.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top