موقفنا من البوكر العربية للرواية لم يتغير، ولم يتحسن أداء القائمين على الجائزة ولا أعتقد أنه سيتحسن لأسباب سنتتحث عنها فيما بعد، ونوجزها في نقطتين سنفتحهما للنقاش الواسع فيما بعد. الأولى في اختيار أعضاء لجان التحكيم والتي لا تماثل قرينتها، هذا اذا كانت فعلا قرينتها البريطانية في اختيار لجنة التحكيم. ونؤمن أن دور النشر تفرض كتبها في القائمة الطويلة فقط وليس من المعقول أن رئيس اللجنة أو أحد أعضائها قرأ 113 رواية في عام واحد واستنبط أفضلها. أما اذا كان رئيس اللجنة رجلا مثل د. جلال أمين صاحب العقلية الاقتصادية وبحوث الاقتصاد فيبدو قراءة هذا العدد من الروايات مستحيلا. النقطة الاخرى، وهي نقطة تؤكد ما سنقوم بالتعرف اليه أكثر فيما بعد رواية الزميل والصديق محمد علوان «القندس» وهي رواية قرأتها اهداء منه سنة صدورها في 2011. نقول ذلك الآن وليس قبل اعلان النتائج حتى لا يتهمنا أحد بأننا ضد الزميل الذي كنت أتمنى فوزه أو سعود لاعجابي بالعملين.
من أجل سعود سنؤجل كل ذلك الى ما بعد الاحتفاء به لأننا نريد أن نفرح به لأسباب كثيرة. سعود السنعوسي وبثينة العيسى هما المحصلة الجميلة لسنوات طويلة كنا نبحث فيها عن صوت روائي حقيقي في الكويت، ليس صوتا شابا فقط ولكن روائي حقا. فبعد اسماعيل فهد اسماعيل لم يتمكن روائي من طرح رواية فنية بمستوى عربي ولا أقول عالمي سوى هذين الاسمين المهمين في الرواية. ذلك ليس انتقاء عبثيا أو تمجيدا خطابيا لأن ما يربطني بغيرهما أكبر مما يربطني بهما، ولكن ذلك رأيا نقديا كتبته من قبل تفصيلا عن رواية بثينة «عروس المطر»، التي أعتقد بأنها ظلمت نقديا لأن مجمل الثيمات التي طرحتها تخص الرواية العالمية وثيماتها. رواية سعود السنعوسي التي كتبنا عنها في هذه الصفحة مقالا سابقا لم يمنحنا الفرصة الكاملة للدخول لثيماتها وأكرر هنا ما قلته سابقا للتأكيد: خصوصا في النصف الأول منها وهو أجمل ما قرأت ويشمل ذلك فكرة غلاف الرواية واللعبة الفنية عالية المهارة التي قدم فيها نصه. هذه الثيمات لا أعتقد أن القائمين على الجائزة انتبهوا لها وكان واضحا تركيزهم على المستوى الأول من القراءة والجانب الاجتماعي منه. ولا نلومهم في ذلك وسببه بالتأكيد يعود لما بدأنا فيه هذه المقالة.الأهم بالتأكيد أن سعود السنعوسي أدخل لنا فرحا جميلا ليس لأنه فاز بالجائزة فقط، فالعمل يستحقها بالفعل ولكن لأن سعود أنار لكثير من الشباب الكويتيين أمثاله طريقا مهما يمنحهم الثقة بأعمالهم ويؤكد لهم أن العمل الروائي ليس حدوتة نسمعها فنكتبها وانما جهد بحثي في أكثر من مجال من مجالات الحياة. يؤكد سعود أن العمل الروائي هو أكثر الأجناس الأدبية تعبا وعرقا وجهدا ربما يؤدي بصاحبه الى الوحدة أو الجنون أحيانا.مبروك لسعود كصديق خلوق وأتذكر رده على نقدي السابق وانتفاء حساسية الروائي أو الأديب التى كنا نعانيها في السابق حين ننتقد عملا ما. كان يدرك الفرق بينه كشخص وبينه كروائي. وقال لي بكل بساطة: سترى أننى أتعلم بسرعة وسأكون أروع في الأعمال القادمة وستكتب ذلك عني. أعجبني جدا اصراره الجميل على عمله القادم وليس على التمسك برأيه تجاه عمله الحالي. قلت له انني كتبت مرة في مقدمة رواية عاشقة الثلج أنني أحلم برواية كويتية لها فرسانها وتحقق جزءا من حلمي.مبروك لسعود مرة أخرى، وسأبقى مؤمنا بأنه قادر فعلا على تجاوز نفسه أكثر من مرة وان لم يفعل فسنغفر له تحت وطأة فرحنا به.
توابل - مزاج
من أجل سعود
28-04-2013