لماذا لا نعطي النظام فرصة؟

Ad

سؤال مشروع يطرحه البعض في مصر وخارجها، وهم يرون الأمور تتدهور من سيئ إلى أسوأ، بين فصيل يحكم مصر لأول مرة، بعد سنوات طويلة من العمل تحت الأرض، وأحياناً على السطح، وفصائل اجتمعت وتجتمع على طلب واحد هو رحيل الفصيل الذي يحكم، ومقاليد الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والأمنية بيده، فصيل استمر يعمل في السر وفي كل العهود، في ظل تنظيم هرمي وتسلطي، قائم على الاختيار المحكم لعناصره التي تتسم بالولاء المطلق لعقيدته، التي ترفض الآخر.

سؤال مشروع... ولكن

سؤال مشروع، ولكن هذا الفصيل لا ينتظر ولا يتمهل مستبداً بالقوة التي استطاع وهو يعمل في السر أن يوفر لها عناصر بأسها من سيطرة كاملة على أفراده، ومن تدريب حصلوا عليه لسحق معارضيهم، والتنكيل بهم عند الاقتضاء.

فالفصيل الذي يحكم لم يعط الفرصة لقوى الثورة والقوى السياسية الأخرى، عندما أصرت جماعته على إجراء التعديلات الدستورية في التاسع عشر من مارس سنة 2011، وعلى الإسراع في إجراء الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة، قبل أن تلتقط هذه القوى أو تلك أنفاسها بعد الثورة.

وعندما تولى هذا الفصيل سدة الحكم أصرّ على إعداد دستور دائم للبلاد دون توافق من القوى السياسية الأخرى وفئات الشعب وطوائفه وأطيافه المختلفة، وعلى الإسراع في الاستفتاء عليه في الخامس عشر من ديسمبر من العام الماضي قبل أن يجف مداده أو يُجرى حوار مجتمعي حوله، فجاءت كل النتائج ثمرة فجة غير ناضجة.

مخطط لدولة شمولية

وهو ما كشفت عنه صحيفة "الجريدة"، من أن 3500 مستشار، سوف يصدر قانون بعزلهم من مجلس النواب القادم، في الحديث الذي أدلى به لـ"الجريدة" المرشد العام السابق للإخوان المسلمين مهدي عاكف.

والذي يمعن في هذا الحديث، ويجترّ الماضي القريب، يجد أن المخطط يسير بخطى سريعة لإقامة الدولة الشمولية التي تشكل مجتمعاً تفرض فيه الدولة على كل أفرادها نزعتها إلى الإيمان بما تعتقده وتراه صواباً، ورفض الآخر ورفض معتقداته التي تخالف شرع الله!

وذلك من خلال مخطط جرى ويجري تنفيذه، وأنه ليس من سبيل إلى وقفه وهو:

1- دستور حجم المحكمة الدستورية، لتحصين القوانين التي تجسد عقيدته، بتحديد عدد أعضائها برئيسها وعشرة أعضاء، الأمر الذي عزل معه ثمانية من مستشاريها الأصغر سناً والذين يزيدون على هذا العدد، وهو دستور أقره الشعب في الاستفتاء سالف الذكر.

2- قانون سوف يصدر من مجلس النواب القادم يخفض سن تقاعد رجال القضاء من السبعين إلى الستين، وهو قانون سوف يعزل 3500 قاض.

3- أن هذا القانون سوف يحصد كل أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، الذين بدوا مناوئين للنظام عندما طلبوا من الرئيس إعادة النائب العام السابق د. عبدالمجيد محمود، بعد عزله أول مرة، وعندما طلبوا من النائب العام الجديد، أن يترك منصبه ويعود إلى القضاء، بعد صدور حكم محكمة الاستئناف بإلغاء قرار تعيينه.

4- أن هذا القانون سوف يحصد تسعة من مستشاري المحكمة الدستورية، ولا يتبقى في المحكمة إلا عضوان، وأحكامها لا تصدر بأقل من خمسة أعضاء.

5- أن هذا القانون سوف يشق صف رجال القضاء، لأنه سوف يلقى ترحيباً من البعض الذي يتطلع إلى الترقي للمناصب الرئيسية التي حجبها عنهم زملاؤهم الأكبر سناً.

6- أن قراراً جمهورياً سوف يصدر بتعيين تسعة مستشارين يثق بهم النظام ويستكمل بهم عدد أعضاء المحكمة.

7- وبطبيعة الحال فإن المحكمة الدستورية بتشكيلها الجديد، سوف تحصن القانون الذي صدر بعزل قضاتها، وعزل باقي رجال القضاء، لأن القضاة بشر، وهم يستمدون ولايتهم من الآثار التي ترتبت على هذا القانون، فكيف يقضون بعدم دستوريته؟!

8- أن هذا التشكيل الجديد للمحكمة الدستورية الذي سوف يختاره النظام بعناية فائقة، سوف يكون صمام أمن للنظام الحاكم، يحصن القوانين التي تحقق نزعته في تشكيل مجتمع يؤمن ويعمل وفقا للأيديولوجية التي يفرضها النظام.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.