لا يمر يوم 2 أغسطس من كل عام بدون الشعور بالغصة وبتذكر تلك الأيام الصعبة العصيبة التي مرت على الكويت والتي كانت كارثية بمعنى الكلمة، لا على الكويت وحدها بل على جميع الأمة العربية، وإن كنا في ذاك الوقت أي من قبل 23 عاماً، وحدنا من قاسى وعانى أحلك وأصعب وأمر الأوضاع التي استمرت حتى تم تحرير الكويت على يد القوات الأميركية ودول التحالف التي كانت تحت قيادتها۔

Ad

وكان البعض يقف ضد أميركا، وبالتالي فهذا يعني أنه مع  صدام وضد الكويت، وهذا الأمر سبب خلافات وحزازات كثيرة بيني وبين بعض الأصدقاء من الذين وقفوا إلى جانب الطرف غير المؤيد لتدخل أميركا في حربها على العراق التي انتهت، بإعدام صدام حسين وقتل أولاده وتدمير الجيش العراقي والعراق بشكل عام.

اليوم ومن بعد مرور 23 سنة بان بوضوح تام وبتجل سافر، أن الغزو الصدامي على الكويت كان المفتاح الذي فتح كل الأبواب التي نفذت منها أميركا ومن خلفها إسرائيل إلى الدول العربية، وأدى إلى تدمير قلاع أقوى وأعتى الحكام العرب، عن طريق لعبة أي "جيم" مخطط له، منذ ذاك الوقت الذي كان يتم فيه شحن وتغذية ونفخ بطارية صدام حسين بتصورات الهيمنة الشاملة والكاملة على منطقة الخليج، والتي رسمتها له أميركا عن طريق الإيحاء له باحتلال الكويت، وغذت غروره المريض بالسلطة حتى اندفع بغباء والتقم الطعم الذي قاده إلى نهايته، ودمر الجيش العراقي العظيم، الذي كان يمثل قوة توازي قوة الجيش الإيراني الذي قاسى حرباً طويلة معه لم يستطع أن يهزمه فيها، وتم تحقيق الخطوة الأولى في اللعبة بنجاح باهر، فقد انتهى جيش العراق وتمزق في رقع مع وضد، وامتلأت البلاد بإرهابيين من مختلف الملل، وتم تفتيت الشعب في صراعات عرقية وعقائدية وقبلية وانتهازية كانت من ضمن المخطط المدروس والمعد بمكر فادح، ضمنت فيه أميركا عدم قيام العراق من جديد.

وبدأ الإعداد للخطوة التالية في اللعبة وهي الأهم، سقوط "عتاولة" الدكتاتوريات العربية، المتمكنة والمهيمنة على حكم شعوبها منذ ربع قرن وما يزيد بكثير، وذلك عن طريق إعداد وتدريب شباب من هذه الدول على القيام بذات الدور الذي قام به شباب تم إعدادهم لتدمير دكتاتوريات حكم شعوب أوروبية شرقية مثل رومانيا والبوسنة والهرسك وغيرها، من الذين تم تدريبهم في معسكرات سرية على أفضل الطرق والأساليب للإطاحة بجبروت حكام لن يغادروا كراسيهم إلا بالموت.  

عن طريق هؤلاء الشباب قامت ثورات الربيع العربي التي أطاحت برؤساء وحكام لم يتخيل أحد، أو يتنبأ بسقوطهم بهذه السهولة، فقط عن طريق مسجات في الإنترنت وقيام تظاهرات في الميادين، وفضحها تحت أنظار محطات التلفزة العالمية، هكذا بكل بساطة خلع من كرسيه حاكم تونس، وطار رأس القذافي في مقتل مريع، وتهاوى حكم مبارك وزمرته في سجن طرة، واحترق جسم علي عبدالله صالح في هجوم جعله ينزوي في ركن بعيد.

انتهت غالبية الدكتاتوريات العربية التي حتى في الحلم لم يُتخيل زوالها، فهل تركت أميركا الداعية للديمقراطية والحاملة للواء تحققها، مجالاً لتنعم بها هذه الشعوب؟

طبعا لا، فليس هذا هو هدف اللعبة، ولا هو الغرض منها، لأنه سرعان ما حل أعوانها المتآمرون معها في المخطط العظيم الذي جاء بالإخوان المسلمين ليقتنصوا الفرصة ويبلعوا الثورات لمصلحتهم ومن خلفهم مصلحة أميركا وربيبتها إسرائيل، ولتخطف أحلام هذه الشعوب ومقدراتها ومستقبلها الذي يُخطط له بالتقسيم وبالتفتيت، وهو ما كشفه تصحيح ثورة 25 يناير التي بينت تآمر مرسي وخيرت الشاطر مع الرئيس الأميركي أوباما لبيع 40% من أرض سيناء لتوطين حماس فيها، وبالتالي ضمها إلى غزة ومنها إلى كرش إسرائيل.

بقي آخر قلاع الدكتاتوريات العربية سورية التي تقاتل جيشلً مشكلاً من هويات عديدة، فيهم أصحاب حق وفيهم إرهابيون من مختلف أرجاء العالم، لتعيد لنا أميركا نفس درس الغزو العراقي للكويت، يجب أن نحارب سورية وإلا فإن الجيش الصفوي سوف يبلع الكويت ثم السعودية.

وعلى هذا تبقى الكويت لقمة للبلع في كل مؤامرة لأميركا، ومَن يُرِدْ فهم الموضوع يجب أن يعود لبداية غزو العراق للكويت التي فيها كل المفاتيح.