حملة «ناطر» الشبابية
أدرك الشباب أهمية تحركهم الميداني من أجل تحقيق مطالبهم المستحقة، وذلك من خلال تكوين جماعات ضغط شبابية مثل مجموعة «ناطر بيت» (أنتظر سكناً) التي لن تكتفي بالانتظار السلبي بل ستطرح حلولاً وتضغط على الحكومة لتبنيها، ثم تفضح عجزها عن إيجاد حلول عملية للمشكلة الإسكانية.
طالما هنالك بشر فهناك حراك مجتمعي، فالمجتمعات البشرية في حركة دائمة لا تعرف السكون لأن السكون يعني الفناء، والتغيرات الاجتماعية المستمرة لا يلاحظها من يكتفي بالتحليل السطحي لحركة المجتمع، بل يفاجأ في لحظة ما بانفجار الغضب الشعبي الذي قد يأخذ شكل الاحتجاجات أو الانتفاضة أو الثورة، وبالطبع فإن التغيرات التي تطرأ على المجتمعات البشرية ليست صورة طبق الأصل في كل مكان وإن تشابهت في بعض المعطيات العامة أو النتائج لأن لكل مجتمع ظروفه الخاصة وطبيعة حراكه التي تعتمد على عوامل كثيرة ذاتية وموضوعية.على هذا الأساس فمن الوهم تصور أن الحراك الشعبي والشبابي المطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية قد توقف، أو أن درجة الاستياء الشعبي من فشل النهج الحالي لإدارة الدولة وتخبط السياسات الحكومية قد تراجعت، فكل المؤشرات تدل على عكس ذلك، لا سيما أن الجميع، وبالذات الشباب الذين يمثلون النسبة الأعلى من المواطنين، أصبحوا يلمسون وبشكل مباشر نتائج استشراء الفساد السياسي، وفشل السياسات الحكومية المتعلقة بالتعليم والإسكان والصحة وقضايا الشباب والرياضة وغيرها رغم الإمكانات الهائلة للدولة، خصوصا الإمكانات المالية الضخمة التي تدار حاليا بشكل سيئ إلى درجة أن هناك مؤشرات قوية على عجز الحكومة خلال السنوات القليلة القادمة عن دفع رواتب موظفيها إذا ما استمرت أولويات المالية العامة للدولة وتوجهاتها على ما هي عليه الآن، حيث إن المشكلة ليست نقصاً في الثروة بل سوءاً في إدارتها وتوزيعها.
بالإضافة إلى ذلك فإن قطاعاً واسعاً من الشباب بدأت تتكون لديهم قناعة بعدم جدوى العمل البرلماني بعد نظام الصوت الواحد، حيث تم تهميش دور مجلس الأمة كمؤسسة تشريعية ورقابية، فأضحى وكأنه جهاز حكومي.لهذا فقد أدرك الشباب أهمية تحركهم الميداني من أجل تحقيق مطالبهم المستحقة، وذلك من خلال تكوين جماعات ضغط شبابية مثل مجموعة "ناطر بيت" (أنتظر سكناً) التي لن تكتفي بالانتظار السلبي بل ستطرح حلولاً وتضغط على الحكومة لتبنيها، ثم تفضح عجزها عن إيجاد حلول عملية للمشكلة الإسكانية، وهو الأمر الذي سيشجع الشباب في المستقبل القريب على تشكيل جماعات ضغط أخرى بعد أن سئموا مماطلة الحكومة وفشلها المستمر. وبالنظر لنوعية المشاكل العامة التي يواجهها مجتمعنا خصوصا فئة الشباب، فمن المتوقع أن تأخذ جماعات الضغط الشبابية الجديدة مسميات مثل "ناطر قبول جامعي" و"ناطر وظيفة" و"ناطر موعد وسرير بالمستشفى" و"ناطر استاد رياضي وأماكن ترفيهية" و"ناطر تنمية"، و"ناطر إصلاح سياسي وديمقراطي وعدالة اجتماعية وتوزيع عادل للثروة".