تبدأ وزارة العدل اليوم رسميا السماح لخريجات كليتي الحقوق والشريعة بالتسجيل في وظيفة باحث قانوني، تمهيدا لتعيينهن في منصب وكيل نيابة، ومن ثم تعيينهن لاحقا قاضيات، للفصل في الدعاوى القضائية.

Ad

وذكرت مصادر مطلعة لـ»الجريدة» أن المجلس الأعلى للقضاء بعدما تنتهي وزارة العدل من إجراءات تسجيل المتقدمين من الذكور والإناث سيقرر قبول بعض المتقدمات بعدد قد لا يتجاوز خمس متقدمات، بهدف التجرية هذا العام، بينما سيتم قبول أكثر من 30 متقدما من الذكور، من خريجي الحقوق والشريعة.

ولفتت المصادر إلى أن النيابة العامة ستعين عددا من الوكيلات ممن سيتم قبولهن بعد عامين من نهاية دورة معهد القضاء في نيابات الأحوال الشخصية والإعلام والأموال والشؤون التجارية، وفي حال انتقالهن للقضاء مستقبلا سيعين في دوائر الإداري والأحوال الشخصية والتجاري.

تطوير العمل النيابي

وبعد قرار وزارة العدل فتح باب التقدم لوكيلات النيابة العامة اليوم تواترت ردود الفعل على هذا القرار الوزارة، إذ أعلنت نقابة المحامين الكويتية عبر رئيسها المحامي خالد الكندري أن قرار مجلس القضاء بتعيين خريجات الحقوق والشريعة في النيابة العامة خطوة كبيرة في تطوير عمل النيابة.

وأكد الكندري أن «خريجات الحقوق أثبتن نجاحهن في مهنة المحاماة، سواء من خلال العمل أو المشاركة أو فتح مكاتب خاصة لهن، كما نجحن في عملهن القانوني في إدارة الفتوى والتشريع وبلدية الكويت، لذلك فإن انضمامهن للعمل في النيابة العامة إضافة جديدة للمرأة الكويتية قد تتطور مستقبلا إلى تعيينهن في القضاء».

أما عضو نقابة المحامين الكويتية المحامي مبارك الخشاب فأشاد بقرار المجلس الأعلى للقضاء، ومن بعده وزارة العدل، بالسماح لخريجات الحقوق والشريعة بالتسجيل في وظيفة وكيل نيابة، لافتا إلى أنه يجب تعيين المرأة في السلطة القضائية سواء في النيابة العامة أو القضاء، استنادا لقواعد المساواة التي نص عليها الدستور.

وأضاف الخشاب أن «المرأة الكويتية عملت في كل المجالات القانونية وأعمال لها طبيعة قضائية كالتحكيم، وبالتالي فإن السماح بتعيينها في النيابة العامة ولاحقا القضاء أمر مهم ويتواكب مع المادة 29 من الدستور التي تؤكد ان الناس سواسية في الحقوق والواجبات وترفض التمييز بينهم».

حقوق وواجبات

من جهته، ذكر أستاذ القانون الدستوري في كلية القانون الكويتية العالمية د. هشام الصالح أن «دخول المرأة في النيابة والقضاء تأخر كثيرا، فبعد ٥٠ عاما من إصدار الدستور، الذي أقر مبدأ المساواة في مادته السابعة، التي نصت على (أن العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع الكويتي)، وفي مادته الـ29، التي نصت على أن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين)، بعد تلك الفترة تم تفعيل هاتين المادتين، اللتين تقضيان على كل صور التمييز، وتكفلان المساواة امام القانون وتولي الوظائف وحق المرأة بهذا المنصب».

وتابع د. الصالح ان «هذا يؤكد ان نصوص الدستور الكويتي لم تلقى تطبيقا كاملا شاملا حتى الآن، وان كنا نشهد بعض الصور والتقدم في تطبيق وتفعيل نصوصه».

وأضاف أن «نجاح المرأة يأتي نتيجة إصرارها ونشاطها وعملها الدؤوب للحصول على حقوقها كلها، فقد انتصرت في قضية تلو الأخرى ابتداء من نجاحها في الحصول على حقوقها السياسية، مرورا بتوليها منصب وزير، ثم دخول مجلس الامة، واليوم توج بدخولها سلك القضاء».

وزاد: «حقيقة ان هذا القرار يجد سنده ايضا في المواثيق الدولية التي ابرمتها الكويت، إذ إن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه بالقانون رقم 1996/12، يكفل المساواة وعدم التمييز بين الرجل والمرأة، وعلى هذا فإن الكويت كانت مخلة بالتزاماتها الدولية لما تضمنته الممارسات السابقة من حرمان المرأة واهدار حقها بالدخول الى سلك القضاء، والواقع ان التجارب الدولية اثبتت نجاح المرأة القاضية».

واردف: «وأخيرا انضمت الكويت إلى قائمة الدول العربية التي سمحت للمرأة بدخول سلك النيابة، ومن ثم اعتلاء منصة القضاء، وهي القائمة التي دشنتها المغرب في اوائل الستينيات من القرن المنصرم، لتضم بعد ذلك العديد من الدول».

خطوة طبيعية

من جانبه، أكد أستاذ القانون العام د. فايز الفضلي أن «المرأة الكويتية سبق لها التعيين كمحققة في الإدارة العامة للتحقيقات، وكذلك مدعية عامة، وبالتالي فإن تعيينها في منصب وكيل نيابة خطوة طبيعية، رغم تأخرها، وتتناسب مع الوضع العام، وليست جديدة على العمل القانوني، لأن الإدارة العامة للتحقيقات سمحت بتعيين خريجات الحقوق للتحقيق في قضايا الجنح والادعاء في القضايا الجزائية في المحاكم».

ولفت د. الفضلي إلى أن «عمل المرأة في الأجهزة القانونية المختلفة أهلها للدخول في المناصب القضائية، فعملها في مهن المحاماة والتحكيم والعقود وإعداد المذكرات في الإدارات القانونية ساعد على رفع مستواها مثل الرجل في العمل بكل مجالات القانون، سواء المحاماة أو القضاء، وهو تطور طبيعي ومهم على الحياة القانونية في البلاد».

وبين أن كثيرا من الدول سبقت الكويت في هذا المجال، مشددا على انه بتعيين المرأة اليوم في النيابة العامة «ستقل الانتقادات الدولية ضد الكويت، بسبب عدم تعيين المرأة في السلطة القضائية، وقد تستكمل مستقبلا بتعيينها قاضية على المنصة إلى جانب الرجل».