أكد المتحدثون في ملتقى مجلة العربي الثاني عشر أهمية الرواية الخليجية التي لا تقل شأناً عن مثيلاتها في الدول العربية، ممتدحين بعض الأسماء التي شقت طريقها بثبات نحو الفضاء العربي.

Ad

انطلقت جلسات الندوة الفكرية ضمن ملتقى مجلة العربي «الجزيرة والخليج العربي نصف قرن من النهضة الثقافية» صباح أمس في فندق شيراتون الكويت، وتحدث في الجلسة الأولى «قضايا الرواية والسرد المعاصر في الخليج العربي» الكاتبة ليلى محمد صالح ود. عبدالله إبراهيم ود. محمد الشحات، وأدار الجلسة د. عبدالله المهنا.

 واستعرضت ليلى صالح عبر ورقتها البحثية «فضاءات المكان في الرواية النسوية الكويتية» نشأة الرواية الكويتية، مشيرة إلى أن الكتابات الأولى التي نشرت في عام 1946 في مجلة البعثة الكويتية مهدت الطريق لبدايات السرد، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، شارحة أنها روايات تنتمي إلى القصة الطويلة، معتبرة أن الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بدأ يتصاعد عقب استقلال دولة الكويت في عام 1961.

ولفتت إلى أن الكاتبة الكويتية بدأت رحلة البحث عن التميز والتطور في المشهد الثقافي المحلي، معتبرة أن المرأة حملت الرواية إلى آفاق جديدة في مجال التحرر من القيود والثوابت الجاهزة إلى مستوى الطموح الإبداعي لثقافة المتلقي، وعن المكان في الرواية النسوية، تقول صالح: «ركزت الأعمال الروائية على الصحراء والبحر، لأنهما يشكلان بيئة الكويت المحلية، حيث تشكلت صفات الناس على شريط جميل ممتد بين الصحراء والبحر».

فرصة ثمينة

أما د. محمد الشحات فقد أكد أن الأدب النسائي الخليجي لا يختلف عن إبداع النساء العربيات في المناطق الأخرى، فإذا كانت ظاهرة النسائي العربي قد بدأت مع الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين فإن إبداع المرأة الخليجية بدأ في الستينيات بشكل متواتر، وهناك أسماء خليجية شقت طريقها منذ ذلك الوقت حيث أسهم النفط في إتاحة الفرصة للمرأة الخليجية لتشارك في الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بشكل أعمق، مستعرضاً بعض الأسماء الأدبية في الخليج.

كما قدم الشحات عبر دراسته تحليلا لبعض النماذج المختارة من مدونة الرواية النسائية الخليجية وتحديدا الرواية السعودية والعمانية.

تقنيات سردية

بدوره، يركز أكد د. عبدالله إبراهيم على التقنيات السردية في الرواية الخليجية، مبيناً أن الطرائق الجديدة في التمثيل السردي لم تغب عن الرواية في الخليج، وإن كانت تأخرت زمنياً عن نظائرها في البلاد العربية الأخرى، لكنها سرعان ما وجدت لها مكانا واضحا في تلك المدونة السردية فوعت الإفادة منها في الكتابة الروائية، كما يوضح إبراهيم أن بحثه يتطلع إلى فحص ضروب التمثيل السردي في نماذج دالة من الروايات التي ظهرت في تلك المنطقة خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، لكنها لا تقتصر عليها بل هي ظاهرة واضحة تكاد تشمل معظم الروايات التي صدرت خلال تلك المدة، وهي في عمومها تتصل بالحراك السردي الجديد الذي يشمل الرواية العربية كلها.

جلسة حوارية

وفي الجلسة الثانية، استضافت مجلة العربي الأديب إسماعيل الفهد ضمن جلسة حوارية أدارها الروائي سعود السنعوسي، واستدعى فيها الفهد مراحل منوعة من حياتية الأدبية، مقراً بفشله في كتابة سيرته الذاتية لأسباب مختلفة في طليعتها أهمية التحلي بالصدق والحياد أثناء الكتابة، مبيناً أنه أنجز 200 ورقة لكن لم يتمم هذا العمل، مكتفياً في تقديم ملامح من السيرة الذاتية عبر أعماله الأدبية.

وفي حديث عن تأخر حضور الكويت في أعماله الروائية، عزا ذلك إلى إقامته فترة طويلة في العراق، ثم انتقل إلى بلد آخر، معتبراً أن التماهي مع المكان إبداعياً يأتي بعد الانتماء الحقيقي للفرد، مستذكراً تجربته في الكتابة عن سيرلانكا متجشماً عناء السفر هناك لملامسة الواقع في تلك البقعة من العالم ومعايشة المكان.

وأضاف: «برأيي لا توجد رواية كويتية أو مصرية بل رواية عربية في الكويت أو في مصر».

وبشأن علاقته بالشاعر صلاح عبدالصبور، يقول التقيته في عام 1969 وأهديته نسخة «مخطوطة» من روايتي سماء زرقاء، وقد تكفّل بالاتفاق مع دار نشر في بيروت لطباعتها بعدما صادرت السلطات المصرية والسورية النسخ المخطوطة باليد، إذ لم تكن الطباعة شهدت التطور التقني الذي نعيشه راهنا».

وحول تنوع قراءاته في مجالات متنوعة، يرى أن هذا التنوع يثرى المخزون المعرفي واللغوي لدى الكاتب مستفيداً من تجارب متباينة في البناء اللغوي وقواعد النحو والصرف، كما أن القراءة في الفلسفة تصب في مصلحة القارئ، لأن هذه النوعية من الكتابات تشكل مورداً للمفكرين والمبدعين.

وبحسب الفهد، يرى أن الكتابة وظيفة اجتماعية يعبر فيها عن مكنونات النفس لذلك الكاتب بمنزلة المصلح أو المعارض، مشدداً على أن الكتابة راهناً ضعف تأثيرها المجتمعي.

وتابع الفهد: «نحن نعيش في الخريف العربي لأن ديمقراطيتنا ستتحول إلى فاشية بسبب ما نعانيه من نبذ الآخر».

وعن فترة التوقف عن الكتابة عقب نكسة 1967، اعتبر الفهد أن هذا الانقطاع كان ضرورياً لاسيما بعد انكشاف الحقيقة القاتلة، «فشعرت باللاجدوى من الكتابة وحاولت البحث عن أسباب هذه الحالة».