أعطنا كتاباً لنقرأ
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
مكان قدمها الغليظة/ كان عكازها/ ومكان عكازها/ كانت روحها تضرب الأرض/ في الغرفة المجاورة/ تاركة حفرا صغيرة/ هي ما أسميه حياتي هذا التكون الذي يقدمه الشاعر لمشروع الحياة الأول كبداية للفتى الذي "حينما أراد أن يضرب/ جاءت ضربته خارج الطاولة/ فاهتز توازنه/ وسقطت حياته كلها في اليأس". قاده بؤسه القدري أن يكون مولعا بالكتب والكلمات ودخان السجائر وكأنه يخسر عقله ورئتيه، ويضيق الهواء ذرعا بتنفسه كما يجب. يعيش تجاربه الغريبة دون أن يشير إليها بفج الكلام المباشر والتصوير البليد الذي مارسه الشعر العربي لفترات طويلة حتى انتفض أخيراً على يد مجموعة من شعراء الحداثة يبحثون عن قارئ نوعي في مقابل من استسهلوا كتابة قصيدة النثر، وتوهموا أن الأمر ليس سوى خواطر البدايات.بدأت غربة الشاعر بحثاً عن حياة جديدة في مكان آخر بعيداً عن حفر صغيرة في أرض عكاز والدته. "كانت موجة مفاجأة/ تتجمع أسفل رئتيه/ وتلقي بجسده إلى الوراء/ هكذا رأى نفسه وهو يسقط /مثل كومة ثياب/ في طريقها إلى المغسلة". هل هي حقاً في طريقها إلى المغسلة؟ ربما كانت إجابة القارئ مغايرة تماماً لما اعتقده الشاعر، وربما كان الشاعر أكثر تهكماً مما يظن القارئ. ففي كل نص هناك توجس مخيف للعزلة التي فرضها المكان ليضيق بصاحبه ويوكله أبداً إلى جدران غرفة هي سريره ومكتبته وجسد زوجته ومنفضة سجائره، هي عالمه بأكمله بعيداً عن الآخر الذي يتناوله كأنه خصمه في الحياة.جميلة تجربة مهاب نصر، وحامضة مكثفة كشراب ثقيل تتناوله دفعة واحدة "في صحة مانولي" لتنسى الماضي الذي رهنته وراءك كفراغ في كم الذراع المقطوعة (الصورة للشاعر). لا أقول إنها تجربة كاملة ولكنها ناضجة، ومهاب نصر من شعراء التسعينيات أصدر ديوانه الأول عام 1997، وعمله الحالي هو الثاني له، وربما لم يحسن اختيار عنوانه كما نفعل جميعاً أحياناً.