يعكس ألبوم «فارس كرم 2013» شخصية فارس كرم من خلال الشعراء والملحنين الذين تعاون معهم، ومن خلال عناوين الأغنيات: «العاصمة»، «ابراهيم»، «بدها عصفورية» التي تصوِّر شاباً عاشقاً للمغامرات، و{عم دور عاعروس»، وكان يفضّل أن تكون الأغنية الأخيرة عنوان الألبوم ليغير فارس الصورة النمطية التي تكونت عنه، وهي شاب عاشق للنساء.  

Ad

يندرج الألبوم ضمن سلسلة أعمال كرم التي شكلت علامة فارقة في الأغنية اللبنانية، كونه الوحيد الذي تجرأ على ذكر تعابير لم يستخدمها أحد قبله، وهذا ليس غريباً عنه، فهو المغامر الذي قدم ألبوماً غنائياً في الظروف الصعبة.

 بطبعه يهوى كرم التحدي، وهذا جزء من تركيبته، لذا قدم ألبوماً يحتوي على 12 أغنية، مع يقينه بأنه سيلقى نجاحاً لأنه متفرد باللون الذي يقدمه، في وقت يحرص مطربو الصف الأول على تقديم أغنيات منفردة، ليقينهم بأن النجاح يكتب لأغنية او اثنتين من مجموع أغاني الألبوم.

مغامرة وتحدٍّ

بعد عامين من الصمت، قدّم الفنان ناصيف زيتون ألبومه الأول «يا صمت» متحدياً الظروف الصعبة التي تواجه بلده سورية، ورغم ألمه لمعاناة شعبه إلا أن قناعته بأن الحياة يجب أن تستمرّ دفعته إلى إصدار الألبوم في هذا التوقيت بالذات ليخفف بعضاً من جروح الشعب السوري.

يتضمن الألبوم أغنية «يا عاشقة الورد» للموسيقي الرائد زكي ناصيف التي أعاد زيتون تقديمها بصوته. ومع أنه يكنّ حباً لـ «الكبير» وديع الصافي ويعتبره مثاله الأعلى إلا أنه فضل تقديم أغنية لناصيف، لأنه تأثر بكلماتها الشفافة وألحانها منذ طفولته ويرددها في المناسبات. كذلك يتضمن الألبوم «صوت ربابة» وهي أغنية مهرجانات بكل ما للكلمة من معنى.

في ما يتعلق بتصوير أغانٍ من الألبوم، قال ناصيف إنه لم يختر بعد الأغنية التي سيصورها في الفترة المقبلة، على عكس فارس كرم الذي اختار الأغنيات التي سيصورها.

أما كارول سماحة فضمنت ألبومها ثلاث أغنيات لفنانين كبار أعادت تقديمها بصوتها: «بدي شوفك كل يوم يا حبيبي» للفنان محمد جمال، «خدني معك» للفنانة سلوى القطريب، «وحشاني بلدي» وهي التحدي الأكبر لأنها وضعت كلمات في حب الوطن على لحن المقدمة الموسيقية لأغنية «ليلة حب» لعبد الوهاب بصوت أم كلثوم. لا نعلم ما إذا كانت كارول جددت تلك الأغنيات كتحية لأصحابها الأصليين أو لشح في الكلمات والألحان، ورفض تقديم لحن مقتبس أو كلمات لا لون لها ولا معنى.

قد لا يكون الجيل الجديد سمع المقدمة الموسيقية لأغنية «ليلة حب» ولا يعلم أن هذه النغمات الجميلة هي لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، إلا أن الطريقة التي قدمت بها كارول الأغنية جعلتها بعيدة عن أجواء «ليلة حب»، إذ أضفت عليها أجواء وطنية تحاشياً للمقارنة بين الأغنيتين. توضح سماحة أنه من الطبيعي أن يقدم الفنان أعمالاً جديدة باستمرار ليثبت حضوره على الساحة الفنية شرط أن يتمّ ذلك بإتقان ودراسة عميقة.

كارول محقة في قولها لأن ثمة ألبومات ظهرت قبل ما يسمى بالربيع العربي ومرت مرور الكرام، لذلك اتبع الفنانون في معظمهم سياسة طرح أغنيات منفردة كونها الطريق الوحيد لإثبات الاستمرارية والنجاح، خصوصاً أن تلك الألبومات لم ينجح منها سوى أغنية أو أغنيتان، باستثناء إليسا التي تسجل أكبر نسبة أغنيات ناحجة في ألبوم واحد.

أصداء جيدة

يعزو النقاد والمحللون الصدى الإيجابي الذي تلقاه الألبومات الثلاثة إلى حالة الهروب التي يعيشها المواطن العربي من الضغط النفسي والعصبي الذي تسببه الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط به، بدليل أن الألبومات الثلاثة تسجل نسبة مبيعات مرتفعة في لبنان والأردن ودول المغرب العربي.

 في هذا الإطار، يوضح  ممتاز فارس، أحد مسوؤلي منافذ البيع في بيروت، أن الألبومات الثلاثة هي الوحيدة الموجودة في الأسواق في ظل غياب عاصي الحلاني، راغب علامة، عمرو دياب، نوال الزغبي، نجوى كرم، وغيرهم من نجوم الصف الأول، وهذه خطوة ذكية من الفنانين الثلاثة لأنهم اختاروا وقتاً لا يتوافر فيه أي عمل فني متكامل بل أغانٍ منفردة فحسب.

يضيف أن الظروف الراهنة تدفع المواطنين إلى شراء تلك الألبومات للخروج من حالة الملل التي يعانون منها، وأن ألبوم ناصيف زيتون يقبل الشباب على شرائه لأنه شاب وخريج «ستار أكاديمي» وهو برنامج يمكن وصفه بأنه شبابي بامتياز، فيما يقبل جمهور من الأعمار المختلفة على شراء ألبومي فارس كرم وكارول سماحة.

مهما كانت الأسباب والنتائج لا بد لنا من الإشادة بالفنانين الثلاثة الذين قرروا أن يخطوا خطوة غير محسوبة ولكن يبدو أنها مدروسة، بدليل أنهم كسبوا الرهان، ويتحدث الجمهور اليوم عن «فارس كرم 2013» و{إحساس» و»صمت»، فنحن أمام ثلاثة ألبومات مختلفة شكلا ومضموناً، ذلك أن كل واحد من الفنانين الثلاثة يقدم صورة صادقة عنه وعما يريد إيصاله إلى الناس.