شبكات التواصل الاجتماعي تفتح سوقاً جديداً أمام المحامين

نشر في 06-10-2013 | 00:02
آخر تحديث 06-10-2013 | 00:02
• محاكم الجنايات والجنح تشهد يومياً محاكمات لمغردين ومستخدمي الحسابات

• غياب التشريعات المنظمة للجرائم الإلكترونية لم يمنع المحاكم من إصدار العقوبات

برزت سريعاً على سوق عمل المحاماة قضايا شبكات التواصل الاجتماعي المتهم فيها عدد من المغردين والمشتركين، وهو ما فتح للمحامين مجالاً جديداً للعمل والتخصص في هذا النوع الجديد من الجرائم.

فتحت شبكات التواصل الاجتماعي، تويتر وانستغرام والفيسبوك، سوقا جديدا للعمل القانوني أمام المحامين بسبب كثرة القضايا التي تقام على المغردين أو منهم بسبب ما يكتب من عبارات على تلك الشبكات أو ما يعرض من صور فيها.

وعلى الرغم من القصور القانوني الذي تعانيه تلك القضايا بسبب غياب التشريعات المنظمة إلا أن جهات التحقيق استعانت بالنصوص العامة الواردة بقانون الجزاء لملاحقة المغردين والمدونين على شبكات التواصل الاجتماعي لترمي بدورها كرة الاتهام أمام ساحات القضاء ليقرر أمره بين أمر الإدانة أو البراءة وفق الأدلة المعروضة أمامه والتي غالبا ما تستند إلى التحريات التي تجريها إدارة المباحث الجنائية على تلك القضايا.

وبينما فتحت تلك القضايا أساليب جديدة للدفاع من قبل المحامين بهدف إخراج موكليهم من المغردين الذين يعتصم الأغلب منهم بالانكار إلا أن المحاكم بدورها تتعامل مع كل قضية وفق وزن الأدلة المعروضة أمامها وهو ما يعرض المغردين لصدور أحكام ضدهم بالحبس أو الغرامة أو حتى البراءة إذا ما عرضت تلك القضايا بأدلة ضعيفة لا تحتمل وزر الإدانة.

بدوره، يقول نائب رئيس نقابة المحامين الكويتية المحامي وسمي الوسمي إن قضايا شبكة التواصل الاجتماعي التي تقام على المغردين أو غيرها من شبكات التواصل الاجتماعي بدأت في تكاثر بسبب عدد المشتركين في تلك الشبكات، لافتا إلى أن تلك القضايا فتحت بابا جديدا للمحامين للعمل في تلك القضايا سواء بتقديم شكاوى عن المجني عليهم على المغردين أو المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي أو حتى بالدفاع عن المغردين أمام المحاكم.

تفاوت كبير

ويضيف الوسمي قائلا ان هذا النوع من القضايا وعلى الرغم من حداثته إلا اننا شاهدنا تفاوتا كبيرا بطبيعة الأحكام الصادرة في هذا النوع من القضايا فضلا عن إصدار المحاكم للعديد من المبادئ القضائية بسبب الاجتهاد القضائي من المحاكم وذلك بسبب غياب التشريعات المنظمة لهذا النوع من الجرائم.

ويبين الوسمي أن على المشرع الكويتي ضرورة العمل على إصدار التشريعات المنظمة لهذا النوع من الجرائم مع مراعاة حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور في مواده، وأفرد نصوصا تؤكد على حق الأفراد في ممارستها لأهميتها لما تمثله تلك الحريات للأفراد من أهمية حقيقية للتعبير عن آرائهم وحقهم في نقد السياسات العامة وهو ما أسمته المذكرة التفسيرية بالدستور برقابة الرأي العام.

بينما يقول عضو مكتب أركان للاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي ان ارتفاع عدد الشكاوى التي تقام على المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي هي نتيجة طبيعية لكثرة عدد المشتركين في تلك الشبكات، موضحا أن تلك الشبكات أصبحت اليوم إحدى وسائل الاتصال الحديثة ومن الطبيعي أيضا أن يتم استخدامها بالسلب أو الإيجاب مما قد ينتج عن استخدامها العديد من ارتكاب الجرائم سواء كانت جرائم للسب أو القذف أو التشهير.

ويضيف الفضلي قائلا: ان لجوء عدد من المغردين أو المشتركين لشبكات التواصل الاجتماعي للمحامين للدفاع عنهم وذلك لدرء الأحكام التي قد تصدر بحقهم سواء بالإدانة أو البراءة بسبب تطبيق المحاكم لنصوص قانون الجزاء والتي تعاقب على من يرتكب جرائم السب والقذف سواء وفق قانون الجزاء أو حتى للتشريع المجرم لإساءة استعمال الهاتف والاتصال يتضمن عقوبات مغلظة تصل إلى عقوبة الحبس.

إثبات الإهمال

ويبين الفضلي أن الواقع العملي يشهد بأن محاكم الجنايات أو الجنح تحاكم وبشكل يومي قضايا للمغردين أو المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي بتهم السب والقذف أو حتى بتهم المساس بذات الأمير، بل ووصل الأمر إلى توظيف عدد من المحامين في قضاياهم لبعض الحسابات في شبكات التواصل الاجتماعي العائدة لخصومهم في قضايا الأحوال الشخصية لإثبات سوء سلوكهم أو حتى إثبات إهمالهم لإسقاط الحضانة عنهم أو لإثبات يسارهم المالي وهو ما يتم في قضايا النفقات تحديدا.

قضايا التواصل

بينما يقول المحامي فيصل النومس ان المحاكم شهدت ومنذ عامين قضايا لشبكات التواصل الاجتماعي بكثرة بسبب سوء الاستخدام بكثرة أو بسبب الكيدية بحق البعض الآخر وذلك بعد ثبوت تأثير تلك الشبكات على الواقع المحلي، لافتا إلى أن الاحكام التي أصدرتها المحاكم في تلك وإن كان الأغلب منها انتهى إلى أحكام البراءة لتشكك المحاكم بطبيعة الاتهام الموجهة إلا أن ذلك لا يعني التسليم بالنصوص التي تقوم المحاكم بتطبيقها لكونها عامة ولا تواكب الطبيعة الحقيقية لتلك الجرائم المتطورة والتي تحتاج إلى نوع خاص بالإثبات لاسيما ان الشركات المزودة لتلك البرامج تمتنع عن تقديم أي معلومات عن أصحاب الحسابات وتحديدا إن كانت حسابات وهمية.

ويضيف النومس قائلا ان العديد من الزملاء المحامين نجحوا بالتخصص في هذا النوع من القضايا رغم أن لها طبيعة خاصة تستلزم قدرا من الفهم لطبيعتها وتحصلوا على العديد من أحكام البراءة عن المغردين أو المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام.

ويقول النومس إن طبيعة عمل المحامي تستلزم منه التكيف سريعا مع نوعية القضايا التي تثار بشكل مجدد كالقضايا التي تقام على شبكات التواصل الاجتماعي والسرعة على تفهم طبيعتها، مضيفا أن المحاكم بدورها نجحت هي الأخرى في رسم صورة أوضح لطبيعة تلك الجرائم التي تعد حديثة على المحاكم.

تشريعات منظمة

أما المحامي محمد دشتي فيقول ان على المشرع الكويتي سرعة العمل على إصدار التشريعات المنظمة للجرائم التي تقع على شبكات الإنترنت بشكل عام لكون النصوص الحالية لا تناسب طبيعة الجرائم الالكترونية، لافتا إلى أن النصوص التي تطبقها المحاكم على الجرائم الإلكترونية وضعها المشرع الكويتي في قانون الجزاء على معاقبة المتهمين المرتكبين  لجرائم السب والقذف بشكل عام.

ويضيف دشتي قائلا ان تطبيق القواعد التجريمية العامة لا يمكن أن يصلح تطبيقه على كل الأفعال إلا إذا كانت متشابهة، بينما إذا كانت للجرائم طبيعة خاصة فيجب على المشرع إصدار نصوص تشريعية تواكب تلك الحالات الخاصة، خصوصا إذا ما تطلبت تلك الجرائم طبيعة خاصة بالاثبات كالجرائم الإلكترونية.

العديد من الجرائم

ويوضح دشتي قائلا انه على الرغم من غياب التشريعات المنظمة لهذا النوع من الجرائم إلا أن المحاكم تشهد وبشكل يومي نظر العديد من هذا النوع من الجرائم بسبب كثرتها وبطبيعة الحال يتولى العديد من الزملاء المحامين أمر الدفاع عن بعض المغردين أو عن بعض الشاكين على هؤلاء المغردين، إلا أن المحامين الذين يتولون الدفاع عن الشاكين يواجهون صعوبة في إثبات الجريمة على خصومهم المغردين من أجل المساهمة في إصدار أحكام ضدهم إذا نجح المغردون في عدم ترك أثر لهم للإثبات، وكذلك يواجه المحامون المدافعون عن المغردين صعوبة في الدفاع عن موكليهم للحصول على أحكام البراءة إذا ما كانت أدلة الإثبات بحقهم تتضمن قدرا كبيرا من الجدية، وبكل الأحوال فتح هذا النوع من القضايا بابا جديدا للمحامين في العمل بها رغم حداثتها.

back to top