بعد عرض الحفلة الأولى {الصدمة} من {ستار أكاديمي 9}، نتأكد من أنّ الحملة الضخمة التي خصصتها المؤسسة اللبنانية للإرسال للبرنامج إعلامياً وإنتاجياً إنما ذهبت هباءً.

Ad

صُدم المشاهدون بـ{نشاز أكاديمي} مساء الخميس الفائت مع بدء إطلالة المشتركين على المسرح واستعراض أصواتهم، وبسرعة قياسية امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات وتعليقات غلبت عليها السخرية والانتقادات اللاذعة.

 خلال السنتين الماضيتين، استمتع الجمهور ببرامج ذي مستوى رفيع، أبرزها {أراب آيدول}، شارك فيها هواة كانوا أقرب إلى النجوم. حتى إن الفنان النجم الذي كان يحلُّ ضيفاً عليها في الحفلات الأسبوعية كان على يقين بوقوفه أمام مشتركين تُحنى لهم القبعة غناءً وحضوراً، فقد أدهشوا الجمهور بأدائهم وأصواتهم التي أعادت بنا الى زمن الفن الجميل فتابع على امتداد أشهرٍ محمد عساف، فرح يوسف، مراد بوريكي، يسرا محنوش، محمد جمال، زياد خوري، وغيرهم ممّن استحقوا ثناء أهل الصحافة وتقدير الجمهور.

ولا يختلف إثنان اليوم على الفارق الشاسع  بين تلك البرامج و{ستاراك} هذه السنة، ولكن إصرار {ستاراك} على ذكر {صدارته} في كلّ لازمة، وافتخاره بتقدمه على البرامج الأخرى وإعطاء نفسه {نيشان المركز الأول} في {صناعة النجم} ادّعاء لا يطاق. وقد شكلت المبالغات في الإطراء الموجه من أعضاء لجنة التحكيم إهانةً لذكاء المشاهد الذي أساساً ملّ الإبهار النظري الذي يقوم عليه البرنامج. كما أنّ اللوحات الراقصة معظمها مكرّر فضلاً عن تراجع {إبهار} برامج {الواقع} وتحوّلها الى {روتين} لا يأتي بجديد وكنا ننتظر من البرنامج البحث عن عنصر قوي للمنافسة وليس اجتراراً لما هو مألوف.

لا يتحمّل المشتركون مسؤولية الإخفاق هذا، بل توجه الاصابع الى القيمين على البرنامج الذي يبدو أنه يريد وبإلحاحٍ شديد تحويل أشخاص أقل من {عاديين} الى {نجوم}، وتلك عادة درج عليها البرنامج، وليست المشكلة هنا، ولكن الفارق هذه السنة هو انعدام مكوّنات النجاح كلها: الصوت والأداء وخفة الدم، فقد شهد البرنامج مشاركاتٍ لأصوات هزيلة ولكن شخصية المشترك كانت كفيلة بجذب طبقة المراهقين على الاقل، إذ لم يكن محمد عطية مثلاً رائع الصوت ولكنه كان خفيف الظلّ، وكذلك صوفيا المريخ التي تابعها الجمهور لجمالها ولأناقتها الملفتة، وأمل بوشوشة التي كانت لافتة بقدراتها الاستعراضية. لا نجد أيّ من المقومات المذكورة موجودة في المشتركين الحاليين، فذهب البرنامج بعكس الإعلان الذي مهّد لانطلاقته حيث ادعى امتلاك {مكونات النجم} لنتفاجأ في ما بعد أنّه لا يملك حتى {التركيبة}، لا بلّ فقد {التركيبة} التي كانت تنقذه من الوقوع في فخ {الفشل} واستبدلها بورقة {المبالغة في عرض العضلات} بوقاحةٍ فجة. فرئيسة الأكاديمية الجديدة كلوديا مرشيليان (والتي حلّت مكان رولا سعد)، والقادمة من عالم الدراما، أغدقت على المشتركين بمدائح فضفاضة رنانة مردّدة عبارة {بيجننو» أكثر من مرة، وجالت الكاميرا على وجوه لجنة الحكم المبهورة بلا سبب وكأنها وقعت على {عجائب» لا نجد مثلها في أرقى أصقاع الأرض، فشعر المشاهد وكأنه في تمثيلٍ مسرحي وليس في تلفزيون {واقع} فمعظم الأصوات جاءت خارج الايقاع، ولا تستحقّ حتى المشاركة في برنامج لهواة {صغار}. أما مدرّب الصوت خليل أبو عبيد والحائز دراسات عليا في الموسيقى فزاد الطين بلة بادعائه: {ستاراك شعاره بصمة الصوت وهذا ما يميزه عن البرامج الأخرى}. بدا البرنامج بأسره مضحكاً مبكياً لضعف الأصوات وغياب {التحكيم الموضوعي} الذي يوحي بالثقة ويكسب احترام المشاهد ولا يستجدي المتابعة.

ولعلّ أكبر عيب فيه أنه تجرأ على الإبحار في أغنيات العمالقة فأبى إلا أن يغني مشتركون {فقراء} صوتاً وحضوراً أغنيات أسمهان، وعبد الحليم حافظ ووردة ووديع الصافي، فجاء الأداء كاريكاتورياً كأننا نشاهد فصلاً من فصول {توم وجيري}، فكيف يغنون لعمالقةٍ حين يفشلون في مشاركة نانسي عجرم الغناء؟

وكلما انتهى مشترك من {قرقعته} انهال عليه أعضاء لجنة الحكم مديحاً فغابت الموضوعية لصالح التبعية لمصدر الرزق، فحتى ماري محفوظ المتخصّصة بأصول الصوت والموسيقى لم تتردّد أو تخجل من التأكيد: {إنّ الأصوات التي سمعناها تخطّت التوقعات ونحن نفتخر بمواهب من هذا النوع!}، تعليقاتٌ مثيرة للاشمئزاز وكفيلة وحدها بتحويل المشاهدين نحو برامج {ترفيهية} أخرى.

أما نحن يا أساتذتنا {الكرام} فلم نتوقع هذا القدر من قلّة الاحتراف!