ماذا نتوقع؟
تفاءل البعض بالتغيير النسبي في تركيبة المجلس الجديد، ودخول بعض العناصر الشبابية، وسقوط بعض صقور المال السياسي والتطرف الطائفي، لكن هل هنالك مدعاة للتفاؤل؟ فرغم دخول بعض العناصر الشبابية التي نتوسم فيها الخير إلا أنهم مازالوا أقلية ضمن أكثرية منتفعة. ففي كل الدوائر الانتخابية نجح نواب المعاملات باكتساح، وكذلك المدعومون بالمال السياسي والمنتفعون المقربون من أبناء الأسرة. عادت بعض الوجوه القديمة بنفس الصراعات والتحالفات والخطابات، فهل نتفاءل؟لن نتوقع تغييراً جذرياً في أداء المجلس الحالي، لا من حيث ترتيب الأولويات، ولا من حيث الأداء والإنجاز. لن نتوقع ارتقاء في الطرح ولغة الخطاب، ولا في التعامل مع الملفات الحساسة. لن نتوقع التغير في الأداء لأننا لم نغير معاييرنا للاختيار. ذهب البعض إلى صناديق الاقتراع محملين بنفس طائفي بغيض أو بولاء عائلي وقبلي، وذهب آخرون إلى الصناديق كي يدفعوا فواتير الخدمات أو الرشاوى أو التنفيع فنجح ممثلو هؤلاء بأغلبية ساحقة. بينما ذهب القلة كي يختاروا الأكفأ والأصلح للبلد وليس لهم شخصياً فنجح ممثلو هؤلاء بأقلية متواضعة. وقاطع آخرون ممن ينشدون التغيير فلم يوصلوا من يمثلهم. إذاً فالمعادلة بسيطة جداً، توجهات الناخب تحدد تشكيلة المجلس، فإذا لم تتغير توجهات الناخب ومعاييره في الاختيار فلن تتغير تركيبة المجلس وإن تغيرت بعض الوجوه.
ونفس المنطق ينطبق على الحكومة، فماذا عسانا أن نتوقع؟ لقد أثار التشكيل الحكومي الجديد سخط البعض، وأكثر الناقمين على التشكيل يعترضون على توزير سبعة من أبناء الأسرة، والبعض الآخر تفاءل بسبب التغيير في تشكيلة المجلس ودخول بعض العناصر الشبابية ثم أحبط بتغيير محدود في التشكيلة الحكومية. هل المشكلة الحقيقية هي في توزير سبعة من أبناء الأسرة وليس خمسة؟ هل المشكلة تكمن في انتمائهم العائلي؟ وكيف يختلف توزير ممثلي فروع الأسرة المختلفة عن توزير ممثلي القبائل والطوائف المختلفة؟ أبناء الأسرة هم جزء من النسيج الاجتماعي كما هم أبناء القبائل والطوائف والعوائل، متى ما توافرت فيهم الكفاءة فلا مانع من توزيرهم. المشكلة الحقيقية هي ليست في الأسماء بقدر ما هي في نهج ومعايير الاختيار، وكذلك في نهج الإدارة وأسلوب عمل مجلس الوزراء. متى ما استمر النهج القديم فلن نتفاءل بالتغيير بغض النظر عن أسماء الوزراء أو انتماءاتهم العائلية.إن العقلية التي تدير الشأن السياسي لم تتغير، والعقلية التي تتفاعل مع الشأن السياسي لم تتغير، لذا ينطبق على المجلس ما ينطبق على الحكومة فـ«هذا سيفوه وهذي خلاجينه». عزاؤنا الوحيد هو أن تثبت العناصر الشبابية والقلة من النواب الوطنيين وجودهم ويقودوا المجلس رغم قلة عددهم، وقيادة المجلس تبدأ من كرسي الرئاسة. كل التوفيق للنائب مرزوق الغانم فمن بين المتنافسين هو بلا شك الأكفأ.