ليبيا في مواجهة التحدي الأمني بعد مرحلة الانتقال

نشر في 16-01-2013
آخر تحديث 16-01-2013 | 00:02
«ارتدادات الربيع العربي» في يومها الثاني

ناقشت ندوة «ارتدادات الربيع العربي» في يومها الثاني محاور تتعلق بعدد من بلدان الوطن العربي، في مقدمتها ليبيا، التي شهدت سقوط أحد الأنظمة الأكثر استبدادا، والتي تواجه تحديات عدة أبرزها التحدي الأمني، وأدار الجلسة الأولى الأكاديمي د. غانم النجار.
قدم الباحث د. محمد الصواني، في الجلسة الصباحية الأولى من ندوة «ارتدادات الربيع العربي» أمس الأول، ورقة بحثية تناقش الأسباب الكامنة وراء الثورة الليبية في 17 فبراير، مؤكدا أن اندلاع التظاهرات الشعبية ضد عقود من حكم القذافي الاستبدادي يأتي احتجاجا على شمولية ودكتاتورية نظام القذافي، وان بدأت احتجاجات حول قضايا السكن في مطلع يناير 2011، لكن ذلك ليس القضية أو السبب الأساسي وراءها، إذ إنها تحمل في طياتها مشاعر سياسية عميقة.

وقال د. الصواني إن هذه الاحتجاجات في نهاية المطاف تصاعدت إلى انتفاضة دعت إلى تنحي القذافي، ومن الأسباب ما يمكن تسميته النظام الأيديولوجي، وهو الذي وصفه الكتاب الأخضر في فصوله الثلاثة الذي يتحدث عن الديمقراطية والعدالة والمساواة، وبذلك يكون النظام الرسمي القائم في البلاد أحد أسباب الثورة، وكذلك النظام غير الرسمي، وهو المتعلق بتلك الترتيبات غير الرسمية التي حرص القذافي على إقامتها في كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.

انسجام وتعاون

واوضح الصواني أن الثورة الليبية قائمة على عاملين، ساعدا في نجاحها وتماسكها، الأول: تحقق الانسجام والتعاون بين قادة المعارضة داخل وخارج البلاد على حد سواء بفعالية، وكانوا متحدين في هدفهم في الإطاحة بالقذافي، والثاني: النجاح الذي حققه المجلس الانتقالي في تولي دور القيادة، وكذلك التنسيق والتواصل بين الداخل والخارج.

وزاد ان المرأة الليبية دخلت عهدا جديدا، إذ أثبتت في كثير من الأحيان أنها مؤهلة وقادرة على المشاركة بفعالية في الاحتجاجات والانتفاضة، مؤكدا أن الثورة في ليبيا كانت شعبية، فالليبيون بدأوا ثورتهم دون أي خبرة سياسية، ودون مؤسسات المجتمع المدني، وبدون خبرة سابقة في الحركات الجماهيرية.

تحديات المرحلة

أما عن تحديات المرحلة الجديدة في ليبيا فذكر د.الصواني أن في مقدمتها التحدي الأمني الذي يمثل أخطر المعوقات، وكذلك تحديات اقتصاد الربيع، مبينا أن الجدل في ليبيا حول القذافي لن ينتهي بسهولة او بالسرعة المأمولة، ليس لأن القذافي مازال يحتل مساحة ذات أهمية ضمن الحيز «السياسي» في ذهنية الليبيين، بل لاستدعاء القذافي صلة بما حدث ويحدث بعد مقتله في (و) بشأن مناطق محددة مثل سرت وبني وليد وتاورغا أو الجبل الغربي.

وتابع ان هذا يتعدى مجرد التدمير او عدد الضحايا الذين سقطوا، كما يتجاوز التهجير الذي تعاني آثاره الباهظة الثمن قبائل او سكان مناطق في الجبل الغربي والشريط الساحلي على السواء.

الواقع والمأمول

من جانبه، قدم الباحث الليبي د. مصطفى أبوالقاسم خشيم ورقة بحثية بعنوان «ارتدادات الثورة الليبية بين الواقع والمأمول»، لكنه غاب عن الحضور، وقرأ الورقة بالإنابة عنه الباحثة لطيفة الاخضر، وتحدثت فيها عن عدد من المحاور من بينها الارتدادات الداخلية، والخارجية لثورة 17 فبراير، ممهدة لذلك بالمسار الأول الذي أدى إلى اندلاع الثورة.

وعلى مستوى البيئة الداخلية، أوضح خشيم أن ليبيا الجديدة تلتمس بالفعل طريقها في الديمقراطية وبناء دولة القانون والمؤسسات، وقد قطعت بالفعل شوطا لا باس به، حيث تم التوافق على إعلان دستوري مؤقت في 3-8-2011، رسم خارطة طريق محددة للتحول الديمقراطي.

أما في ما يتعلق بالارتدادات الخارجية، فإن ليبيا تحولت من دولة تسلطية منبوذة تدعم الارهاب إلى دولة تعمل على تحسين صورتها النمطية في العالم ككل، لكن الصورة ليست في مجملها نرجسية، حيث يلاحظ أيضا وجود ارتدادات سلبية سيتم التعرض لها في ثنايا هذه الورقة.

ومن أبرز الارتدادات الداخلية الإيجابية التي أشار إليها الباحث القضاء على نظام دكتاتوري، وكذلك صدور الإعلان الدستوري المؤقت، وصدور قوانين مكملة بطريقة ديمقراطية تؤسس للتحول الديمقراطي وإجراء أول انتخابات برلمانية ناجحة.

تيار متشدد

وعن الارتدادات الداخلية السلبية زاد د. خشيم انها تتمثل في فوضى انتشار السلاح، ووجود قوة غير رسمية موازية للدولة وبروز تيار سياسي متشدد، إضافة إلى التظاهرات والاعتصامات واقتحام مقار الدولة الليبية.

واستطرد ان الارتدادات الخارجية تتمثل في تقديم المساعدات الانسانية للشعب الليبي، وتشكيل تحالف دولي عرف باسم فجر الأوديسيا، وتشكيل تحالف أممي شاركت فيه دول مختلفة بقياد منظمة دول شمال حلف الأطلسي، مشيرا إلى تقديم هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة العون الفني والإنساني لليبيا الجديدة، ومن امثلة ذلك تدريب وتأهيل كوادر فنية وإدارية لقيادة مرحلة بناء ليبيا الديمقراطية. وحذر الباحث في ختام ورقته من تحوّل ليبيا إلى دولة فاشلة، وهو الأمر الذي يتحفظ عنه كثير من الليبيين، «إلا أن خطورته لاتزال قائمة، إذ إن ليبيا مازالت في المراحل الأولى من بناء الدولة الديمقراطية، فالمدة التي تفصلنا عن إعلان التحرير (23-10-2011) لم تتعد إلا السنة وبضعة اشهر، وبالتالي فمن غير الإنصاف أن نصنف ليبيا الجديدة بأنها دولة فاشلة أو شبه فاشلة وفق أدبيات الموضوع». ووفقا للسيناريو المتفائل، فإن مشكلة الاستقرار مازالت تشكل خطرا كبيرا على مستقبل ليبيا الجديدة، وإذا كانت حكومة د. عبدالرحيم الكيب، التي استمرت أكثر من سنة لم تنجح في التعامل بجدية مع الملف الأمني، حيث انها ورثت حكومة علي زيدان تركة يصعب لكن لا يستحيل التعامل معها في حالة توفر الارادة السياسية والدعم الإقليمي والدولي.

معضلة كبيرة

قال الدكتور حامد التميمي، إن ثورة الشعب الليبي ترجع إلى عدم الإحساس بالرفاهية رغم توافر الموارد الاقتصادية، وهو ما لوحظ خلال التغطية المباشرة للثورة من انعدام البنية التحتية في البلاد، إضافة الى عامل آخر لا يقل أهمية عن ذلك، وهو هروب العمالة الوافدة، وهو ما يذكر بما حدث في الكويت أثناء الغزو العراقي الغاشم، مشيراً إلى أن هناك معضلة كبيرة تواجه ليبيا، وهي ضرورة الاختيار بين الاستمرار في الاعتماد على النظام الرعوي، الذي انتهجه القذافي، أو الاتجاه نحو الخصخصة وتفعيل العمالة الوطنية. 

سياحة وتعليم

أكد الباحث خليل حيدر خلال مداخلة له أن ليبيا تتمتع بإمكانات سياحية خاصة لقربها من أوروبا، داعيا الشعب الليبي إلى التوجه نحو السياحة وكذلك الاقتصاد المنتج من خلال الاهتمام بالتعليم، موضحا أن ذلك ممكن، خاصة بعد أن استطاع الليبيون التخلص من حكم القذافي، الذي كان يعد أحد أسوأ الحكام المتسلطين في العالم.

back to top