شهدت الساحة البرلمانية الأسبوع الماضي تحولات لافتة على مستوى التعاطي مع الاستجوابات النيابية، إذ صوّت أعضاء مجلس الأمة على تأجيل مناقشة استجوابي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود ووزير المواصلات سالم الأذينة إلى دور الانعقاد المقبل، الأمر الذي فتح ملف علاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية على مصراعيه، ووضع العلاقة النيابية – النيابية على المحك.
عدم التعاونونجحت الحكومة في تغيير دفة مناقشة الاستجوابات من منصة دور الانعقاد الحالي إلى دور الانعقاد المقبل، بعد أن لوحت بعدم التعاون مع المجلس واستيائها من التصعيد «غير المبرر» عبر تصريحات رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك ورسائل نقلت إلى رئيس مجلس الأمة علي الراشد الذي آثر الحفاظ على استمرارية المجلس واجتمع مع النواب في وقت متأخر عشية جلسة الاستجواب للخروج باتفاق التأجيل المطول.ورغم أن دور الانعقاد الحالي لا تبدو على ملامحه أي مساءلة نيابية قادمة، وهو ما يعني «افتراضاً» فتح طريق التشريع دون الرقابة، فإن العلاقة بين الحكومة والنواب تعرضت لهزة بدأت الساحة تتلمس ارتداداتها من تصريحات النواب المستجوبين، فالنائب حسين القلاف فتح نيران تصريحاته تجاه الحكومة ورئيس مجلس الأمة لتصل به إلى إعلان مبكر لاستجواب رئيس الوزراء في دور الانعقاد المقبل.جيب الحكومةوعلى طريق موازٍ، كان للنائب سعدون حماد، الذي قدم استجواباً لوزير النفط هاني حسين، موقف لافت بعد أن أدرك أن مصير استجوابه لن يختلف عن سابقيه بالتأجيل، فدعا أمير البلاد إلى حل مجلس الأمة بعد أن أصبح في «جيب» الحكومة، على حد تعبيره، كما أن النائب نواف الفزيع هو الآخر حذر أن يكون مصير استجوابه لوزير المالية التأجيل.هذه المواقف لا شك أنها ستلقي بظلالها على ما تبقى من عمر دور الانعقاد الحالي –والذي ينتهي أواخر يونيو المقبل– خاصة بعد أن وجهت الاتهامات إلى الحكومة بالتهرب من المساءلة، ويتساءل المراقبون في هذا الشأن: هل تأجيل الاستجوابات سيعطي ضوءاً أخضر للتعاون وإقرار القوانين؟ أم أن ما حدث في جلسة التأجيل سيكون سبباً لمزيد من التأزيم في العلاقة بين السلطتين؟العلاقات النيابيةأما على صعيد العلاقة النيابية– النيابية، فبات واضحاً أن أعضاء البرلمان في طور إعادة تشكيل خارطة تحالفات جديدة، سواء داخلياً أو خارجياً بعد جلسة التأجيل، فضلاً عن انقسامات أخرى، خاصة بعد تقارب الأصوات المؤيدة والمعارضة للتأجيل، وتأتي بوادر هذه الانقسامات من الاتهامات المتبادلة بين النواب، فمن مجلس «طراطير» إلى مجلس «لا يشمخ» كما وصفه بعض النواب المستجوبين، إلى عودة مصطلحات «نواب التأزيم»، ولعل أشدها الاتهامات التي وجهت إلى بعض النواب بأن استجواباتهم «مدفوعة».ويرى مراقبون أن هذا الصراع لن يكون بعيداً عن محيط الحكومة، إذ إنها ستكون هدفاً لنواب لإحراج نواب، وكلما اشتد الصراع النيابي- النيابي اشتد الهجوم على الحكومة ووزرائها.يبقى القول إن الحياة السياسية في الكويت، وأزماتها المتتالية اليوم أصبحت أنظارها موجهة إلى أكثر من جهة، بعد أن كانت تنتظر حكم المحكمة الدستورية بشأن الطعون في مرسوم الصوت الواحد، فهي اليوم، وبالإضافة إلى «الدستورية» باتت تتابع أيضاً تطورات الأزمات بين السلطتين من جهة، وبين النواب أنفسهم من جهة أخرى.
محليات
تحليل سياسي: تأجيل الاستجوابات... ضوء أخضر للتعاون أم التأزيم؟
23-02-2013