حسمت لجنة التحقيق الدائمة في محكمة الوزراء مصير خمسة بلاغات مقدمة ضد رئيس الوزراء وعدد من الوزراء السابقين والحاليين، وقررت حفظ البلاغات، لانتفاء الجريمة أو لملاءمة القضايا المشكو منها مع السند القانوني.

Ad

قررت لجنة التحقيق الدائمة في محكمة الوزراء أمس برئاسة المستشار علي بوقماز وعضوية المستشارين بدر الهدلق وخالد البصيري، حفظ خمسة بلاغات مقامة ضد رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك وأربعة وزراء آخرين هم وزير الداخلية السابق أحمد الحمود، ووزير الإعلام ووزير الشباب الشيخ سلمان الحمود، ووزير التربية والتعليم العالي د. نايف الحجرف، ووزيرة التخطيط د. رولا دشتي.

وانتهت اللجنة، التي تعتبر قراراتها نهائية ولا تقبل الطعن عليها أمام القضاء، إلى حفظ ثلاثة بلاغات مقامة من الناشط عبدالله فيروز، الأول مقام ضد سمو رئيس الوزراء ووزير الداخلية السابق الشيخ أحمد الحمود بشأن تسريب مستندات خاصة به بإدارة الجنسية لجريدة "السياسة"، والبلاغ الثاني مقام ضد وزيرة التخطيط د. رولا دشتي لتعيينها وافداً بوزارة التخطيط، والبلاغ الثالث مقام ضد وزير الإعلام وزير الشباب الشيخ سلمان الحمود، على خلفية صرف وزارة الشباب مبالغ مالية لإنشاء شعار للوزارة.

وقررت اللجنة حفظ البلاغين اللذين ضد رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزيرة التخطيط لعدم جديتهما، بينما قررت حفظ البلاغ المقام ضد وزير الشباب لعدم وجود شبهة الجريمة.

كما قررت لجنة التحقيق الدائمة حفظ البلاغات المقامة من عضو هيئة التدريس في جامعة الكويت والرئيس السابق لهيئة الشباب والرياضة د. فؤاد الفلاح ضد وزير التربية والتعليم العالي د. نايف الحجرف لعدم جديته، وذلك على خلفية تعيينه في جامعة الكويت وإحالته إلى التقاعد.

وفي البلاغ الأخير قررت لجنة التحقيق الدائمة حفظ البلاغ المقام من فهد البراك شقيق النائب السابق مسلم البراك ضد وزير الداخلية السابق الشيخ أحمد الحمود، على خلفية اقتحام رجال القوات الخاصة منزله في منطقة الأندلس بحثاً عن شقيقه النائب السابق، تنفيذاً لحكم محكمة الجنايات الصادر بحبس البراك 5 سنوات على جريمة المساس بالذات الأميرية، والذي تم إلغاؤه لاحقاً من محكمة الاستئناف الجزائية.

فيروز والجنسية

وتتلخص وقائع البلاغات، التي حصلت "الجريدة" على نسخة منها في أن البلاغ الأول مقام من الناشط عبدالله فيروز ضد سمو رئيس الوزراء والوزير السابق الشيخ أحمد الحمود، على خلفية اتهامهما بتسريب معلومات حول جنسية الشاكي إلى جريدة "السياسية" بقصد الإساءة لسمعته.

وقالت لجنة التحقيق في محكمة الوزراء إن "اللجنة تلقت مذكرتين من سمو رئيس الوزراء والحمود ينفيان فيهما صحة الواقعة المبلغ بها، وقالا إن المستند الذي يدعي المبلغ تسريبه لجريدة "السياسة" متداول بين الجهات الإدارية والقضائية، ولا يوجد ثمة دليل على ارتكابهما ما نسب إليهما".

وأضافت اللجنة في حيثيات القرار الذي أصدرته بحفظ البلاغ لعدم الجدية، أن الجهة التي أصدرت القرار بشأن عدم استيفاء الجنسية الكويتية للمبلغ لم تضف على القرار صفة السرية، ولا يرتب الاستشهاد به وجود أضرار بمصالح تلك الجهة أو يحقق مصلحة خاصة لأحد، الأمر الذي تنتفي معه الجريمة، فضلاً عن أن الأوراق خلت من أي دليل على أن كلاً من المبلغ ضدهما رئيس الوزراء ووزير الداخلية قاما بتسريب المستند محل البلاغ، لاسيما أنهما ليسا المنوط بهما حفظه، وإنما يدخل ضمن اختصاص موظفين آخرين.

شعار «الشباب»

وفي البلاغ الثاني المقام من فيروز ايضا ضد وزير الاعلام وزير الشباب، والذي قررت اللجنة حفظه لعدم الجريمة، على خلفية قيام الوزارة بإعطاء جائزة قيمتها خمسة آلاف دينار كمكافأة للشباب لمن يقوم بوضع تصميم للوزارة من حسابها.

وقالت لجنة التحقيق إن اللجنة تلقت ردا من وزير الشباب الشيخ سلمان الحمود بأن الاتهام المنسوب له غير صحيح، وقرر ان الجائزة موضوع البلاغ تم تمويلها مساهمة منه من ماله الخاص، نظرا لان الوزارة لا يوجد بها اي اعتمادات مالية لهذا الغرض، دعما منه لمسابقة تستهدف قطاعا عريضا من الشباب لتصميم الشعار المقترح بوزارتهم، وهو ما كان له الاثر الايجابي في تحفيز اكثر من الف شاب للتقدم للمسابقة باقتراحاتهم وتصميماتهم.

وأضافت اللجنة ان البين من الاوراق ودفاع الوزير، الذي تطمئن اليه اللجنة، ان الوزير دفع قيمة الجائزة لموضوع البلاغ من ماله الخاص، كمساهمة منه ودعما لجهود الشباب لحثهم على المشاركة في تصميم شعار وزارتهم، وقد انتجت ثمارها بالفعل، الامر الذي تنتفي معه الجريمة التي اثارتها الاوراق، ما يتعين حفظ التحقيق نهائيا لعدم وجود جريمة.

الفلاح والحجرف

وفي البلاغ الثالث المقام من عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت د. فؤاد الفلاح، الرئيس السابق للهيئة العامة للشباب والرياضة، ضد وزير التربية وزير التعليم العالي، لعدم السماح له بالتدريس بالجامعة لبلوغه سن الـ65 عاما قالت لجنة التحقيق في محكمة الوزراء، التي قررت حفظ البلاغ نهائيا لعدم جديته بحق الوزير الحجرف، إن الاتهامات المنسوبة للوزير غير صحيحة بشأن تعيينه اكثر من 200 عضو هيئة تدريس في الجامعة تجاوزوا سن الـ65 عاما، وهو يعد استيلاء للمال العام.

وتابعت اللجنة ان المسؤول عن التعيين في الجامعة، بموجب القرار الصادر من وزير التربية وزير التعليم العالي رقم 1 لسنة 1967، هو مستشار التعليم العالي بالجامعة، الذي اصطلح على تسميته مدير الجامعة، وهو المسؤول وحده عن تنفيذ قوانين التعليم العالي ولوائحه، وتعيين اعضاء هيئة التدريس وانهاء تعيينهم، ومن ثم ينحسر دور الوزير عن مباشرة هذه المهام، وتضحى الاتهامات الموجهة اليه في هذا الشأن، وعلى فرض صحتها، قائمة على غير اساس من الواقع او القانون، بما ترى معه اللجنة حفظ البلاغ قبله لعدم جديته.

البراك والحمود

وفي البلاغ الرابع، المقام من محمد البراك، شقيق النائب السابق مسلم البراك ضد وزير الداخلية السابق الشيخ احمد الحمود، على خلفية دخول القوات الخاصة مسكنه في منطقة الاندلس، واقتحام القوة بحقه وتهديد الموجودين بالقتل، قالت اللجنة في قرارها: "وردنا رد من وزير الداخلية السابق الشيخ احمد الحمود، قال فيه ان الاتهامات المنسوبة له لا اساس لها من الصحة، وان الوقائع المشار اليها بالبلاغ تتعلق برمتها بتنفيذ حكم قضائي صادر بالحبس مدة خمس سنوات ضد مسلم البراك شقيق المبلغ، وان المكان الذي كان مسرحا للواقعة ليس منزل المبلغ، كما يزعم في بلاغه، وانما ديوان البراك المحاذي لمنزل المبلغ".

وقال الحمود، في مذكرته للجنة التحقيق، انه اصدر اوامر شفوية للقوات القائمة على تنفيذ الحكم بدخول الديوان لتعقب المحكوم عليه داخله، على ضوء الابعاد السياسية التي اراد الاخير ان يلبسها لعملية التنفيذ، لأنه نائب سابق بمجلس الامة، ويتزعم بعض التظاهرات التي عرفتها البلاد في الايام الاخيرة".

وأضاف: "كانت هناك محاولات لاعاقة تنفيذ الحكم من خلال حثه لانصاره بالتجمهر والتظاهر واثارة الفوضى لاثناء المختصين بالوزارة عن القيام بواجباتهم القانونية حيال تنفيذ هذا الحكم، الامر الذي حدا به الى اصدار اوامره الشفوية باتمام التنفيذ انطلاقا من الواجبات المنوطة به، وحرصا منه على تطبيق القانون، وارفق بالمستندات صورة من حكم الجنايات بحبس مسلم البراك حضوريا خمس سنوات مع الشغل والنفاذ".

واردفت اللجنة ان القانون سمح بارتكاب بعض الافعال في ظل توافر مثل هذه الظروف اذا ما اقترنت بفعل جردته من معنى العدوان الذي هو سبب بداية التجريم، ويترتب على توافر سبب من اسباب الاباحة عدة آثار اهمها ان الفعل الذي شكل في الحالات العادية جريمة يعد فعلا مباحا، ما ينفي كل مسؤولية عنه سواء جزائية او مدنية، ويستفيد من اسباب الاباحة كل من ساهم في الفعل، وان على صاحب السكن او من يوجد به ان يسمح له بالدخول، وان يقدم له جميع التسهيلات المعقولة لاجراء البحث عن المطلوب القبض عليه، واذا رفض او قاوم فلمن يقوم بتنفيذ القبض اقتحام المنزل او المسكن عنوة، واستخدام القوة في الحدود المرسومة بالقانون.

واجب وظيفي

وزادت اللجنة ان قيام رجال الشرطة بتنفيذ الاحكام القضائية واجب فرضه القانون عليهم بالاجراءات المرسومة فيه، وفي حدود سلطاتهم الوظيفية، وان تقاعسوا عن ادائه اعتبروا مقصرين في تنفيذ واجباتهم الوظيفية المنوطة بهم تفصيلا، ويصل الى حد المسؤولية الجنائية، فضلا عن مسؤوليتهم الادارية.

واستدركت انه لما كان البين من الاوراق ومن دفاع الوزير المبلغ ضده الوارد بمذكرة دفاعه المرفقة بالاوراق، والذي تطمئن اليه اللجنة، والمؤيد بالمستندات المقدمة منه، ان الوقائع التي اثيرت بالبلاغ المطروح تتعلق بواقع تنفيذ الحكم الجزائي الصادر من محكمة الجنائيات في القضية رقم 15 لسنة 2012 امن دولة ضد المحكوم عليه مسلم محمد البراك شقيق المبلغ بالحبس لمدة خمس سنوات مع الشغل والنفاذ.

ولفتت الى ان المكان الذي كان مسرحا لواقع الضبط ليس منزل المبلغ كما يزعم في بلاغه، انما ديوان البراك المحاذي لمنزل المبلغ، وانه اصدر اوامر شفوية للقوات القائمة على التنفيذ بدخول الديوان لتعقب المحكمة عليه بداخله، لانه ولكونه عضوا سابقا بمجلس الامة اراد ان يضفي على عملية الضبط ابعادا سياسية بالايعاز الى بعض انصاره بالتجمهر والتظاهر واثارة الفوضى لاثناء افراد القوة عن تنفيذ الحكم.

وذكرت ان ما زعمه المبلغ المذكور من تعدي قوات الضبط على المتواجدين بالمنزل، وتهديدهم وانزال الضرر بهم واتلاف بعض المحتويات لا يعدو ان يكون قولا مرسلا يفتقر الى الدليل المعتبر على صحته، لاسيما ان المبلغ صور الواقعة -على خلاف الواقع- على انها واقعة اقتحام لمنزله دون مبرر وبغير وجه حق، في حين ان حقيقة الواقعة انها لم تكن سوى تنفيذ لحكم قضائي.

تعيينات رولا مطابقة للقانون

في البلاغ الخامس، الذي قررت لجنة التحقيق الدائمة بمحكمة الوزراء حفظه لعدم الجدية، اعتبر عبدالله فيروز أن وزيرة التخطيط وزيرة الدولة لشؤون مجلس الأمة د. رولا دشتي أضرت بالمال العام لتعيينها وافداً (غير كويتي) بوظيفة باحث اجتماعي بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط براتب شهري قدره ألفا دينار.

وقالت لجنة التحقيق إن وزيرة التخطيط ردت على الاتهام بمذكرة أرسلتها إلى لجنة التحقيق بأن الاتهام المنسوب غير صحيح، وأن تعيين الشخص موضوع البلاغ تم وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً وفي حدود صلاحياتها، ولحاجة العمل، وبعد موافقة ديوان الخدمة المدنية على التعاقد بموجب العقد الثالث بالمسمى الوظيفي والمكافأة  الشاملة المقدرة بمبلغ ألفي دينار.

وقالت لجنة التحقيق الدائمة بمحكمة الوزراء إن اللجنة رأت أن تعاقد الوزيرة مع الموظف الوافد تم بشكل صحيح، وطبقاً لقرار مجلس الخدمة المدنية، ولحاجة العمل بوزارة التخطيط وفقاً لهذا التخصص، وفي حدود الصلاحيات الوظيفية القانونية، مما تنتفي معه شبهة جريمة الإضرار بالمال العام التي أثيرت بالأوراق، لاسيما أن المبلغ الوارد بالبلاغ جاء مجرد قول مرسل ومن دون دليل ويستند إلى مجرد خبر قرأه على حساب الوزيرة المبلغ ضدها على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) ولا يسانده دليل في الأوراق، وإنما هو اتهام قائم على الظن والتخمين الذي لا يصلح الاستدلال به.