«أبل» تريد التميز عن منافسيها ببقائها «مجنونة» و«متمردة»
لم تعد «أبل» الرجل الخاسر الذي كانت عليه عام 1997، وهي تحاول ترسيخ نفسها بأن تكون عاملاً مؤثراً في قلب الاتجاه السائد في السوق، كما تسعى لأن تكون العلامة التجارية السائدة والجذابة للمستهلكين اليوم.
حاول تيم كوك الأسبوع الماضي تسوية جدل حول ما إذا كانت شركة أبل قادرة على الاستمرار في الابتكار، وكشف النقاب ليس فقط عن منتجات جديدة وإنما عن بيان جديد حول الكيفية التي سيقود بها "أبل"، صانعة "آيفون".في المؤتمر العالمي السنوي للمطورين في سان فرانسيسكو، عرض كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، أجهزة ماك الجديدة، وخدمة راديو إنترنت جديدة، وإعادة تصميم جذرية لنظام التشغيل "آي أو إس" الذي يشغل "آيفون" و"آيباد".لكن في بداية ونهاية العرض الذي استمر ساعتين، عرضت "أبل" فيلمين قصيرين قال عنهما كوك إنهما يوضحان "القيم التي نعيش بها".وقال صوت المعلق في أحد الإعلانات، أثناء عرض صور بطيئة الحركة لأطفال مدارس يستخدمون "آيباد"، وعشاق شباب يلتقطون صوراً لأنفسهم باستخدام "آيفون"، وأجداد يشاهدون عرض شرائح على كمبيوتر ماك بوك: "نحن نقضي وقتاً طويلاً على عدد قليل من الأشياء العظيمة".ويقول الفيديو الآخر، وهو عبارة عن رسوم متحركة بالأسود والأبيض، وكان هو الفيلم الذي افتتح المناسبة: "تصميم شيء ما يتطلب التركيز. هناك ألف لا مقابل كل نعم". وينتهي كل فيلم من الفيلمين بشعار تكون فيه الإعلانات أشبه بتوقيع فنان: "صممت من قبل شركة أبل في كاليفورنيا".انفصال عن الماضيوالإعلانات هي علامة على الانفصال عن الماضي، لكن أيضا محاولة للاستفادة من تاريخ شركة أبل. والقيم التي تم نقلها – كالتركيز على عدد قليل من المنتجات بدلا من الاعتماد على العديد من الأجهزة المنتَجة على عجل ودون تدبر، والاهتمام بالتفاصيل – لم تشهد تغيراً يذكر عن المبادئ التأسيسية التي وضعها الراحل ستيف جوبز.لكن إعلان أبل حاول بشكل تقليدي التدليل عليها من خلال منتجاتها لخلق ما وصفه التنفيذيون باسم "شبق" لأحدث مبتكراتها بدلا من الحديث عنها صراحة.ويقول ريجيس ماكينا، الذي عمل مستشارا للاتصالات لستيف جوبز: "لقد كانت هذه رسالة ملهمة تفيد بأن الأمور تغيرت قليلا في أبل. لديهم بالتأكيد صوت مختلف، لكنهم كانوا يحاولون إظهار أنهم ليسوا أقل تركيزاً ولا أقل ابتكاراً (...) كان ذلك لوضع علامة تفيد بأن أبل مازالت على قيد الحياة وبصحة جيدة وأنها ستستمر في الابتكار".وكانت آخر مرة حاولت فيها "أبل" نقل مثل هذه الرسالة حول نفسها وليس حول منتجاتها في حملة "فكر بطريقة مختلفة" التي جرت في عام 1997. وكان جوبز هو من طلب إعداد تلك الإعلانات التي أظهرت صوراً بالأسود والأبيض لمشاهير مثل توماس أديسون وبوب ديلان وألبرت أينشتاين لحشد ثقة الناس بأبل، وكان ذلك بعد أن عاد لقيادة الشركة في الوقت الذي كانت فيه تترنح وعلى حافة الإفلاس. شركة مختلفةوقال ماكينا: "حاول ستيف جوبز توظيف الناس في ذلك الوقت، وهم الذين لم يشاهدوا أي منتجات جديدة، وكان يحاول أن يقول لموظفي شركته: نحن مختلفون".ويضيف: "أعتقد أن تيم كوك عانى خلال سنة من بيئة معادية وصعبة، وكان هذا الإعلان موجهاً للعاملين في أبل بقدر ما هو موجه لأي واحد من غيرهم. وكان يريد أن يقول من نحن ومن سنكون في المرحلة المقبلة".وواجهت "أبل" انتقادات من المساهمين والسياسيين، وبقي سعر سهمها أقل كثيرا من الذروة التي بلغها في السابق. وقد فازت شركة سامسونغ، أقرب المنافسين لها في مجال الهواتف الذكية، بحصة من السوق. ويعود ذلك جزئياً إلى حملتها الإعلانية النشطة التي استهدفت زبائن "أبل" المتعصبين في الغالب.ولأن "أبل" تمتلك اليوم في ميزانيتها العمومية أموالاً نقدية تقارب 150 مليار دولار، يلاحظ كين سيغال، وهو محرر ومؤلف شارك في كتابة ونشر إعلانلات "فكر بطريقة مختلفة" في وكالة تي بي دبليو ويرلدوايد، أن أبل اليوم في أفضل حالاتها المالية. ويقول: "الأيام مختلفة جداً والأسباب أيضاً مختلفة جداً. احتاجت "أبل" في عام 1997 إلى رفع معنوياتها وإلى طريقة جديدة للتركيز وإلى رؤية جديدة. أما اليوم فإن الناس في أبل في حالة ممتازة".وعلى الرغم من ذلك يرى سيغال "نوعاً من الإحباط" بسبب الانتقادات التي تتلقاها "أبل" لعدم إطلاقها منتجات ثورية جديدة، مثلما فعل رئيسها السابق جوبز، مع منتجاتها الاصلية، مثل "آيبود" و"آيباد" و"آيفون" والنغمة "الدفاعية" التي تسود إعلاناتها.استعداد للهجوموكانت تلك بالتأكيد إحدى القراءات لأحد البيانات الصوتية التي لا تنسى من عرض يوم الاثنين. فقد صاح فيل شيللر، رئيس التسويق في "أبل"، وهو يكشف عن جهاز الكمبيوتر الجديد ماك برو الذي أعيد تصميمه بطريقة ثورية: "تظن أننا لا نستطيع ابتكار المزيد؟ بعيد عن عينك!".ويشير قرار "أبل" الذي يؤكد جذور الشركة الضاربة في كاليفورنيا، إلى أن صانعة "آيفون" متوجهة للهجوم، لتميز نفسها بشكل واضح عن سامسونغ كوريا الجنوبية وبلاكبيري كندا ونوكيا فنلندا. ولم تعد "أبل" الرجل الخاسر الذي كانت عليه عام 1997، وهي تحاول ترسيخ نفسها بأن تكون عاملاً مؤثراً في قلب الاتجاه السائد في السوق. إن ضمان أن تكون العلامة التجارية السائدة من أبل جذابة للمستهلكين اليوم، مثلما كانت العلامات "المجنونة" و"المتمردة" التي احتفت بها حملة جوبز التسويقية، أمر مهم تماماً كجزء من دور كوك باعتبارها شركة تخلق منتجات جديدة مبتكرة.* (فايننشال تايمز)