قصة فساد مدوية تناقلتها الوكالات ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا، وتكونت في الواقع من شقين. تمثل الشق الأول في تلقي تومسون رويترز صفعة من قبل النائب العام في نيويورك إريك شنيدرمان بسبب ممارستها الغريبة المتمثلة في بيع معلومات مبكرة تتعلق بنتائج دراسة تجريها الوكالة شهرياً حول ثقة المستهلكين بالتزامن مع جامعة ميتشغان، حيث تبين أنك اذا دفعت الى «رويترز» رسوم اشتراك إضافية تصل الى بضعة آلاف من الدولارات فإنها سوف تمكنك من الوصول الى معلومات ثقة المستهلكين قبل ثانيتين من وصولها الى بقية المشتركين – عند الساعة 9:54:58 صباحاً بدلاً من 9:55 على وجه الدقة. 

Ad

وعلقت «رويترز» ذلك النشاط بطلب من شنيدرمان الذي أصدر بياناً حول هذا الجهد الصفيق المتمثل في عملية بيع منهجية لمعلومات داخلية. وقالت صحيفة لوس أنجلس تايمز: تستطيع معلومات ثقة المستهلكين تحريك الأسواق المالية، وقال مكتب شنيدرمان «إن ميزة الثانيتين أكثر من فترة كافية من الوقت بالنسبة الى هؤلاء التجار والمتداولين للحصول على ميزة غير عادلة عبر حصولهم على تلك المعلومات وهم ينجزون كميات ضخمة من التداولات في غمضة عين».

وقال شنيدرمان «إن أسواق الأسهم يجب أن تكون ملاعب متساوية لكل المستثمرين ونشر معلومات مبكرة تحرك السوق يقوض اللعبة العادلة في الأسواق». 

ويسمح الانطلاق المسبق المتمثل في ثانيتين للمتداولين من ذوي السرعة العالية بالدخول الى الأسواق جملة والتراجع من جديد قبل أن يشهد معظم العالم هذه المعلومات الاقتصادية المؤثرة على الأسواق – بحسب ما جاء في تقرير صدر عن سي ان ان. 

وهذه الثواني التي تسبق نشر الدراسة الى العملاء الآخرين عند الساعة 9:55 صباحاً تماماً يمكن أن تفضي الى رفع أحجام التداول حتى 20 مرة فوق مستوياتها العادية وبعد وقت طويل من عمل الحواسيب على الأرقام وعودة الأحجام الى وضعها العادي. 

وكما قال صديقي إريك سالزمان مازحاً فإن السبق المتمثل في ثانيتين هو خطة استخلصت من «ذي ستنغ» حيث حصل «الكلاب»على وصول مبكر الى نتائج سباق للخيل – وكل ما فات في عرض روبرت شو هو رهانه: «5 آلاف دولار للربح. دان المحظوظ».

ويوجد سبب وراء كون التداول العالي الوتيرة تجارة مجزية. فمع أقل قدر من الانطلاق عبر معلومات تحريك السواق يستطيع المتداول المبرمج عبر الحاسوب تحقيق كميات ضخمة من الأموال. وكما أبلغ آخرون، فإن دراسة وكالة رويترز حول ثقة المستهلكين ليست الوسيلة الوحيدة للمعلومات الاقتصادية التي تمكن المتداولين من شراء قدرة وصول مبكرة. 

وتقوم البورصة الألمانية ببيع معلومات الى بارومتر شيكاغو للأعمال التجارية قبل ثلاث دقائق الى كل من يرغب في دفع مبلغ متواصل يصل الى 2000 يورو في السنة. 

وفي غضون ذلك، اشترك معهد ادارة التموين مع رويترز أيضاً لبيع نوع من المعرفة المحسنة لنتائج دراسة شهرية لمديري الشراء (التي تقيس صناعات التصنيع وغير التصنيع معاً) ويقوم المعهد بنشر المعلومات الى الجميع عند الساعة العاشرة صباحاً مرة في الشهر، غير أن اولئك الذين يدفعون مبالغ اضافية يحصلون عليها في صورة أسهل بالنسبة الى الحواسيب لقراءتها واستيعابها. وإعلان ذلك ينطوي على مايكفي من السوء. 

أما الشق الثاني من هذه القصة فهو أن أحداً ما لم يعد يخجل من مثل هذه الفضائح على الإطلاق. وفي حقيقة الأمر فإن رويترز نشرت نسخة مكتب العلاقات العامة المستهجنة بعد أن قطع شنيدرمان مصدر مواردها. وقد رفضت الشركة أن تنهي بشكل دائم هذه الممارسة وأصرت بتحد على حقها في بيع المعلومات الى كل من تريد وفي أي وقت تريد، ويقول بيان صحافي: تعتقد رويترز بقوة ان شركات الأخبار والمعلومات تستطيع بصورة قانونية توزيع معلومات غير حكومية وأنباء حصرية من خلال خدمات توفرها الى مشتركي دفع. 

والمفهوم على نطاق واسع أن شركات الأخبار والمعلومات تتنافس على أنباء حصرية ومضمون مختلف لمساعدة عملائها على تحقيق تداول أفضل اطلاعاً وعلى اتخاذ قرارات تتعلق بالإستثمار.  صحيح أن ثمة فائدة اجتماعية عبر مساعدة عملائك على «تحقيق تداول بمعلومات أفضل واتخاذ قرارات تتعلق بالاستثمار من خلال التقدم بثانيتين عن العملاء الآخرين – ومن الواضح أن من يرغب في ذلك يهدف الى تحليل أكثر وعياً لمعلومات السوق وليس التقدم على بقية المستثمرين عبر استخدام حواسيب عالية السرعة. 

من المدهش كيف أن هذه القصص التي تخدع الأسواق تمضي من دون نهاية. وبشكل عملي توجد بين اليوم والآخر أنباء نشرت في الآونة الأخيرة إما حول فضيحة تحديد أسعار فاسدة (دفعت هيرشي قبل عدة أسابيع غرامة لقاء التلاعب بأسعار الشوكولاتة في كندا)، أو عن خطة سرقة بيانات مثل هذه.  

 

* (Reader-supported-news)