العدوان الجوي الإسرائيلي على سورية يوم الأربعاء الماضي ليس الأول الذي يتم دون أي ردّ ودون -حتى- العض على الشفة السُّفلى أو على اللسان والتهديد بتلقين "العدو الصهيوني الجبان" درساً لن ينساه ما دام أنه على قيد الحياة، فقد حصل هذا يوم اخترقت المقاتلات الإسرائيلية جدار الصوت فوق قصر بشار الأسد في منطقة اللاذقية، ويوم هاجمت معسكراً للفدائيين الفلسطينيين في منطقة عين الصاحب بالقرب من دمشق ويوم دمَّرت المنشأة النووية السورية في منطقة الجزيرة بالقرب من الحدود التركية-العراقية.

Ad

لقد صَمَتَ ناطق نظام بشار الأسد (الرسمي)، الذي لم يتوقف عن "اللعلعة" ولا يوماً واحداً على مدى اثنين وعشرين شهراً منذ انطلاقة ثورة الشعب السوري الباسلة. في البداية صَمت أهل القبور على آخر حلقات مسلسل الإهانات التي بقيت إسرائيل توجهها إلى سورية وشعب سورية وجيش سورية على مدى سنوات حكمه "الميمون"! وكان يمكن أن يواصل صمته لولا أنه رأى أنَّ الفضيحة قد أصبحت في "السُّوق" فاضطُرَّ للاعتراف بغارة على مختبر عسكري في ضواحي دمشق بكلام "متلعثم" غير مفهوم لم تَرِدْ فيه أي إشارة للغارة الإسرائيلية التي استهدفت رتل سيارات كانت تحمل أسلحة لـ"حزب الله" داخل الأراضي السورية.

وبالطبع وبما أن الناس على دين "أسيادهم"، كما يُقال، فإن حزب الله قد أصيب بداء "اللعثمة" أيضاً فهو لم يذكر شيئاً عن نصيبه من هذه الغارات الإسرائيلية "الجبانة"! في حين أن "المجاهد الأكبر" حسن نصر الله ما كان ليفوِّت هذه الفرصة ويسارع إلى إطلالة تلفزيونية جديدة مثل إطلالاته الكثيرة المُزمجرة السابقة لو أنَّ إحدى سيارات رتله هذا اصطدمت بدراجة هوائية لأحد أبناء قرى شمالي لبنان المتداخلة حدودياً مع الأراضي السورية.

"يا عيب"... ألَمْ يكن بإمكان بشار الأسد أن يوجه ولو طائرة واحدة، إلى مواقع الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية المحتلة لترد على غارات الطائرات الإسرائيلية على إحدى ضواحي دمشق...؟! ألم يكن أشرف له أن يوقف غارات طيرانه المقاتل الذي بقي يقصف مدن سورية وقراها وبقيت صواريخه وشظايا قذائفه تمزق أجساد الأطفال السوريين على مدى نحو اثنين وعشرين شهراً وأن يعلن لـ"شعبه" أنه "عفا الله عمَّا سلف"، وأنه يطلب منه السماح والمغفرة ويعلن المغادرة ويترك لهذا الشعب العظيم أن يضمد جراحه ويبدأ بإعادة بناء ما تهدم ويبدأ مسيرة جديدة يقرر خلالها مصيره بنفسه ويبني وطنه وفقاً لمواصفات العصر من جديد.

"أسدٌ عليَّ..." وإلا لماذا بقيت جبهات القتال مع محتلي هضبة الجولان وجبل الشيخ صامتة صمت أهل القبور كل هذه السنوات الطويلة، ولماذا بقي الرد على الإهانات التي ظل الإسرائيليون يوجهونها إليه وإلى سورية منذ عام 1973 بالتحلي بـ"الروح الرياضية"، وبالقول :"إنَّ الرد المناسب سيكون في الوقت المناسب". لماذا يا ترى لم يترك ردَّه على "شعبه" إلى الزمن المناسب وإلى الوقت المناسب؟! ولماذا لم يتحلَّ بهذه الروح الرياضية تجاه ما كتبه أطفال درعا بطباشيرهم على جدران مدرستهم؟!