بعد حكم المحكمة الدستورية، الذي أبطل البرلمان الحالي وأقر صحة مرسوم الضرورة القاضي بالتصويت باستخدام الصوت الواحد، وأدى بذلك إلى إعادة الناس إلى صناديق الاقتراع مجدداً وفقاً للآلية ذاتها، فإن الحراك المعارض بات يواجه مفترق طرق جديداً سيضيف مشكلة عويصة أخرى إلى قائمة مشاكله واختلافاته السابقة التي لم يتمكن، وما كان أصلاً سيتمكن، من جسرها. وبالفعل، ها هي قد بدأت تتعالى الأصوات ما بين مؤيد للمشاركة في الانتخابات القادمة ومعترض مطالب بمقاطعتها، وما بين داعٍ للتهدئة ومنادٍ بالتصعيد، انقسم القوم لذلك بدؤوا بالتراشق بالاتهامات وعبارات التخوين!
لكن الحقيقة، ولا أكشف سراً هنا، أن هذا الانقسام الجديد ليس بالشيء المستغرب، فالحراك المعارض لم يكن يوماً نسيجاً واحداً ولم يتفق أبداً على رؤية مشتركة وأهداف محددة جاء ليعمل لأجلها فينضوي الناس من المؤيدين والأتباع جميعا تحت مظلتها، وبالتالي فإن تعرضه لانقسام جديد اليوم ما هو إلا تحصيل لحاصل بدهي متوقع.الحراك المعارض، ومن يومه الأول، هو في الواقع عشرات الأجنحة المتباينة. هناك جناح النواب السابقين الذين يختلفون عن بعضهم بعضاً أصلاً فيما يريدونه من انخراطهم في المعارضة، فمنهم من كانت وما زالت أقصى أمانيه العودة إلى المجلس، أي مجلس والسلام، ومنهم من يشمخ قليلاً فيريد العودة إلى مجلس الأصوات الأربعة، ومنهم من "زعم" بشعاراته التي رفعها أنه يريده مجلساً يقوم على الحزبية والتعددية وتشكيل الحكومة المنتخبة، وهناك أيضاً جناح الشباب الذين يختلفون بدورهم في سقوف تطلعاتهم وطموحاتهم، فمنهم البسيط التابع لجناحه المفضل من النواب، ومنهم المتقدم جداً الذي وصل إلى السقف الأعلى للمطالبات، فذهب يطالب بكامل الحزمة الديمقراطية من ملكية دستورية ودستور جديد وأحزاب وحكومة منتخبة، ومنهم من يسقط في حالة وسيطة، غير واضحة المعالم غالباً، في ما بين البينين!هذا التباين الفاقع اللون، الذي لا يسر الناظرين، اللهم إلا السلطة بطبيعة الحال، لا يمكن أن ينتج عنه اتفاق مثمر، بل سيقود إلى أن يتخذ كل جناح موقفه المنفصل، وسينعكس ذلك على الانتخابات القادمة حتماً، وإن نحن أضفنا إلى هذا المشهد مواقف القبائل تجاه المشاركة أو مقاطعة الانتخابات، وهي التي حرصت السلطة خلال الفترة السابقة على خطب ودها بشكل واضح، فإننا سنخلص إلى نتيجة واحدة، وهي أن السلطة قد تمكنت اليوم وباقتدار من كسر شوكة الحراك المعارض من خلال شرذمته وحلحلته في المجمل، وإعادة أغلب أسمائه راغمة إلى المسار السياسي الذي قامت برسم صورته وفرضه عليها!
مقالات
هل ستنكص المعارضة على عقبيها؟!
18-06-2013