«أذاكر... وأنجح؟!»
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
وها هي الأنياب تبرز بوحشيتها في مصر، لتنغرز في رقاب الناس قاطعة عنهم الكهرباء والماء وضروريات الحياة، لتستدير، وقريباً مغيرة على الحريات التي لن ينتبه إليها الناس، ولن ينعاها أحد بعد أن ضاعت أساسيات الحياة الكريمة. تلك هي الأنياب التي ذاق عذاب انغراسها الإيرانيون، ليفقد بلدهم عريق الحضارة روحه المتمثلة بالحرية والمساواة بين المواطنين. ذات الأنياب أعملت تقطيعها في الجسد التونسي، وإن كان إلى الآن الأكثر صموداً ومقاومة، إلا أن المفاجأة الكبرى كانت ظهور أنياب أردوغان وحزبه قبل الأوان، حيث كان من المتوقع أن تستمر تمثيلية العلمانية الدينية لفترة أطول لحين أن يستتب الأمر لتركيا في قلب الاتحاد الأوروبي سياساً ومجتمعياً، إلا أن صبر أردوغان قد نفد، فكشّر عن أنيابه تجاه مجموعة بيئيين ليتفجر وضع راكمته سياسات أردوغان شبه الدينية التي أخذت تزحف على وجه تركيا العلمانية وليتكرر ذات الحوار، وتتهافت ذات التهديدات، وتتوالى ذات الأساليب، فلم تنفع بودرة العلمانية ولا أحمر شفاه الليبرالية التي طالما وضعها أردوغان على وجه حزبه.في كل واحدة من الدول المذكورة أعلاه، حاولت الأحزاب السياسية أن تُبقي على مظهر متطور لامع؛ حوارات تقدمية، إعجاب بالعلمانية، "محبات وقبلات" لأصحاب الأديان المختلفة، إشراك للمرأة وإبراز لدورها، إلا أن كل هذه المحاولات الرامية لإبراز التقدمية لا تلبث أن تنكفئ على قفاها أمام الاختبارات الصعبة، لتنفلت الأعصاب دفاعاً عن "الحق"، ولتظهر الأهداف الحقيقية ويتجلى الخطاب الواقعي، وتنفتق اللثة عن النابين يعملان حديهما في كلام الليل لنصحو عليه ميتاً في نهار الحقيقة الحارقة المرعبة.في عالمنا العربي الإسلامي المنكوب نحن دوماً بين خيارين، فإما حكومات فاسدة تقتلنا باسم الخوف من الأحزاب الدينية، وإما أحزاب دينية تقتلنا باسم الخوف من حكومات دكتاتورية، فرصتنا الوحيدة في الاختيار هي اختيار على يد من نريد أن نموت، أما أن تكون لدينا حكومة وصالحة في ذات الوقت فصعب، على رأي سعيد صالح: "أذاكر... وأنجح؟!" صعب جداً.