الإعلام الحكومي يخرج عن سيطرة الدولة
حالة من الهرج والمرج تسود العاملين في الإعلام الحكومي الرسمي، لخروجهم على تعليمات الإخوان وعدم انحيازهم الأعمى إلى الحكم في تغطية الأحداث. يبدو انهم تعلموا مما حدث لهم في ثورة يناير، فرفضوا أن يكونوا أداة في يد السلطة تستخدمهم للترويج للأخبار التي تريد إيصالها وبث الرعب من المتظاهرين واتهامهم بالفساد وغيرها من اتهامات تنشرها جماعة {الإخوان} عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي أو إطلالات قيادييها على الفضائيات الخاصة.
الطريف أنه رغم إجراء ترقيات للمسؤولين داخل التلفزيون المصري والإذاعة فإن ذلك لم ينجح في احتواء حالة الغضب التي تسيطر على العاملين، لا سيما مع إغداق الامتيازات على الإعلاميين الذين ينفذون الأوامر وترقيتهم إلى مناصب قيادية في وقت قصير وإقصاء آخرين.في هذا الإطار يصرّح المذيعون الشباب الذين يظهرون على الشاشات ويستمع الجمهور إلى أصواتهم عبر موجات الأثير، بأن قيوداً فرضت عليهم بشكل واضح وصريح، في سابقة هي الأولى من نوعها، لعل آخرهم الإعلامي جمال الشاعر الذي قدم استقالته على الهواء مباشرة، بسبب الضغط الذي تعرّض له والترهيب.
أسباب تعسفيةقبل أسابيع أضرب العاملون في إذاعة راديو مصر (الموجة الإخبارية الرسمية) لمدة يومين بعدما أحال وزير الإعلام صلاح عبد المقصود اثنين منهم إلى التحقيق ونقلهما من مواقعهما، وما لبث الاعتصام أن فُضّ بعد وعد الوزير بالتحقيق بما نسب إليهما والتراجع عن هذه القرارات التعسفية في حال ثبوت براءتهما.لكن، بحسب الإعلامية نسرين عكاشة التي تعمل في الإذاعة، طلب وزير الإعلام، المنتمي إلى الإخوان، إعادة التحقيق لخروج النتيجة خلافاً لما يتمنى وهو ما اعتبره إهانة له، مشيرة إلى أن ثمة غموضاً في الموقف، لا سيما أن وعد الوزير بإعلان نتيجة التحقيق في أسرع وقت لم يتحقق.كانت نسرين فوجئت بإعادة المحطة بث خطاب الرئيس مرسي قبل موعد برنامجها، مساء الخميس الماضي، بمدة غير كافية، فتقلصت مدة برنامجها {وسط البلد} إلى الربع، ما دفعها إلى الاعتذار، على الهواء مباشرة، عن تقديم الحلقة إلى المستمعين لوجود إعلانات وأغان يفترض إذاعتها خلال المدة المتبقية، الأمر الذي يصعّب عليها مناقشة أي موضوع. في تصريح إلى {الجريدة} توضح نسرين أن الإعلاميين تعرضوا لمضايقات في الأيام العشرة الأخيرة التي سبقت 30 يونيو، بالإضافة إلى تنبيهات مباشرة من رئيس التلفزيون ومدير الإذاعة بالتزام الحيادية وعدم انتقاد الرئيس وجماعة {الإخوان المسلمين}، إلى درجة أنهم ضاقوا بما يحدث لهم.تضيف أن المذيعين، في غالبيتهم، صرحوا بذلك بشكل أو بآخر، بعدما اتفقوا في ما بينهم، مشيرة إلى أن إدارة المحطة لم تتخذ إجراءات عقابية ضدهم لتكتّلهم مع بعضهم البعض وتوحيد كلمتهم رفضاً لما يحدث لهم، ما ينذر بمشكلة في المستقبل القريب، إذا لم تحدث التظاهرات تغييراً جذرياً يؤدي إلى تغيير الإدارة واتباع سياسة جديدة في التلفزيون المصري.ضيوف الرئاسةتشير نسرين إلى أن قائمة الضيوف في برامج عدة في المحطة جاءت من رئاسة الجمهورية مباشرة، عبر مدير مكتب الرئيس أحمد عبد العاطي الذي حدد موضوعات البرنامج على مدى أيام، واختار ضيوفاً إما ينتمون إلى جماعة {الإخوان المسلمين} أو مؤيدين لها، ما أدى إلى وجود مضمون إعلامي محدد.هذا الواقع بالذات دفع الإعلامي جمال الشاعر (أحد كبار المذيعين في التلفزيون المصري) إلى تقديم استقالته على الهواء مباشرة، احتجاجا على تدخل وزير الإعلام في محتوى برنامجه {كلم مصر}، إذ أعلن للمشاهدين في نهاية الحلقة أن الوزير اتصل بمخرج البرنامج طالباً إليه إنهاء الحلقة قبل موعدها بأكثر من 30 دقيقة.يضيف الشاعر أنه تحمل على مدى عام الضغوط والفشل، لكن أن يصل الأمر إلى إلغاء برنامجه خلال بثه على الهواء فهو غير مقبول، لذا قدّم استقالته على الهواء متهماً وزير الإعلام الإخواني بأنه يدير التلفزيون من خلال سياسة فاشلة.