الأمير: المتغيرات تفرض تحصين مجتمعاتنا وتحقيق الازدهار

نشر في 25-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 25-12-2012 | 00:01
سموه أكد أمام قمة المنامة ضرورة إقرار صيغ العمل المشترك لتعزيز مسيرة التعاون الخليجي

حدد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد موقف الكويت من الملفات الخليجية والتطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، حيث دعا سموه إلى احتواء تداعيات هذه التطورات، من خلال تحصين المجتمعات الخليجية وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوبها. وطالب سموه، في الكلمة التي ألقاها أمس في مؤتمر قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المقام في البحرين، بضرورة إقرار صيغ العمل المشترك، بما يكفل تعزيز مسيرة التعاون الخليجي.

 وتطرق سمو الأمير إلى الملفات الإقليمية الساخنة، خصوصاً ما يتعلق بالقضايا الفلسطينية والسورية والإيرانية, مؤكداً حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة، وحق السوريين في بلوغ تطلعاتهم المشروعة، مشيراً إلى موافقة الكويت على استضافة مؤتمر المانحين للشعب السوري نهاية يناير المقبل. وأعرب سموه عن أمله أن تقبل إيران التحكيم الدولي لمعالجة قضية الجزر الإماراتية، وأن تفي بمتطلبات الوكالة الذرية إزاء ملفها النووي ضماناً لسلامة دول المنطقة وشعوبها من أي آثار إشعاعية محتملة.

وفي ما يلي كلمة سموه:

"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

صاحب الجلالة الأخ الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة، أصحاب الجلالة والسمو، معالي الأمين العام، أصحاب المعالي والسعادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

يسرني أن أتقدم لأخي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وإلى حكومة وشعب مملكة البحرين الشقيقة بجزيل الشكر والامتنان على ما أحاطونا به من حسن وفادة وكرم ضيافة وإعداد متميز لهذا اللقاء الذي يأتي متزامنا مع الاحتفالات التي يشهدها أشقاؤنا في كل من مملكة البحرين، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر بمناسبة أعيادهم الوطنية، متمنيا لقياداتها موفور الصحة ولشعوبها الشقيقة كل التقدم والازدهار.

وإننا لعلى يقين بأن حنكة ودراية جلالته ستشكل إضافة تثري دون شك تعزيز مسيرة التعاون، مشيدا بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية الشقيقة خلال ترؤسها أعمال دورتنا السابقة، والتي أسهمت في تعزيز عملنا الخليجي المشترك، وأضافت جهودا مشهودة ومقدرة إلى صرحه الشامخ. كما لا يفوتني هنا أن أتوجه إلى الباري عز وجل بالحمد والثناء على سلامة أخي العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، متقدما بأخلص التهاني إلى أخي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وإلى الشعب السعودي الشقيق، مبتهلا إلى الله جلت قدرته أن يديم على خادم الحرمين الشريفين نعمة الصحة والعافية ليكمل مسيرة الخير والنماء لشعبه ووطنه وأمته.

تحصين المجتمعات

أصحاب الجلالة والسمو نجتمع اليوم في لقاء الخير على أرض مملكة البحرين الشقيقة في ظل استمرار الظروف والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم بأسره بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، الأمر الذي يتطلب استمرار تشاورنا ويؤكد على أهمية لقائنا لمراجعة ما تم اتخاذه من خطوات وتدابير لمواجهة تلك الظروف، بما يكفل تحصين مجتمعاتنا ويحقق تطلعات شعوبنا في الأمن والاستقرار والازدهار ورغد العيش، فلاتزال أمامنا صيغ عديدة لعملنا المشترك تستوجب منا تحقيق الفاعلية لها وصولا إلى أهدافنا المنشودة وبما يكفل تعزيز مسيرة تعاوننا الخليجي المشترك.

أصحاب الجلالة والسمو، احتفلنا قبل أسابيع بحصول دولة فلسطين على صفة مراقب في الأمم المتحدة وهو نجاح دبلوماسي مميز حققته عدالة القضية بما يستوجب استغلاله في حث المجتمع الدولي ومجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية للاضطلاع بمسؤولياتهما التاريخية بالضغط على إسرائيل لحملها على القبول بالسلام والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة بموجب قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

إن العدوان الهمجي الإسرائيلي الذي وقع على غزة مؤخرا وما خلفه من قتل ودمار يؤكد ما نقوله دائما بأن هذه المنطقة لن تنعم بالأمن والسلام ولن تشعر شعوبها بالعدالة دون حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة وإذعان إسرائيل لهذه الحقيقة الجلية.

أصحاب الجلالة والسمو، إن مما يدعو إلى الآسى والألم أن الجرح السوري مازال ينزف وآلة القتل تتواصل لتقضي كل يوم على العشرات من الأشقاء في سورية فلم ترحم تلك الآلة وهن من هو طاعن في السن أو براءة طفل أو قلة الحيلة لامرأة ثكلى، حيث أحالت العمار إلى دمار، وأدى تواصل القتل إلى تحطيم آمال وتطلعات أبناء الوطن الواحد في بنائه وتعميره.

مؤتمر المانحين

ومما يضاعف من الأسى والألم أن الدلالات على قرب نهاية هذه المأساة مازالت بعيدة المنال رغم الجهود الإقليمية والدولية، لتتضاعف بذلك معاناة الشعب السوري الشقيق في الداخل والخارج، مما يستوجب معه أن يتحرك المجتمع الدولي، بشكل فاعل وسريع، لوضع آليات يتحقق من خلالها دعم إنساني يخفف من معاناة الأشقاء ويضمد جراحهم.

ويسرني في هذا الصدد، أن أعلن لمجلسكم الموقر واستجابة لعرض معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بعقد مؤتمر دولي للمانحين لدعم الشعب السوري، أن دولة الكويت قد وافقت على استضافة هذا المؤتمر في نهاية شهر يناير المقبل ليتولى تقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدا أن دعمكم لهذا المؤتمر وإسهامكم في فعالياته سيكون عاملا حاسما في تخفيف المعاناة التي نسعى إلى رفع وطأتها عن الشعب السوري الشقيق.

إن وحدة المعارضة السورية التي تحققت مؤخراً بالإعلان عن إنشاء الائتلاف الوطني السوري، والذي حصل على مباركة واعتراف إقليمي ودولي واسع يعد خطوة هامة تسهم دون شك في تمكين أبناء الشعب السوري الشقيق من توحيد صفوفه، وسعيه إلى تحقيق تطلعاته المشروعة.

موجبات إيران

أصحاب الجلالة والسمو، نجدد الدعوة إلى الأصدقاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاستجابة إلى دعواتنا لهم بإنهاء القضايا العالقة بين دول المجلس والجمهورية الإسلامية الايرانية، لاسيما قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، وموضوع الجرف القاري، وذلك من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، كما ندعوهم إلى الوفاء بمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتجاوب مع الجهود الدولية المبذولة لتجنيب الشعب الإيراني والمنطقة بكاملها أسباب التوتر وعدم الاستقرار، لتنصب الجهود والإمكانيات جميعها لتعزز الاستقرار والتنمية في دول المنطقة.

إن القلق الذي انتاب دول المنطقة جراء ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا عن الخلل التقني الذي أصاب محطة بوشهر النووية يؤكد أهمية ما ذكرناه سابقا، من حتميَّة تعاون الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والالتزام بمعاييرها وشروطها ضمانا لسلامة دول المنطقة وشعوبها من أي آثار إشعاعية محتملة، لا سمح الله.

أصحاب الجلالة والسمو، أتقدم بخالص الشكر والتقدير لمعالي الأخ الأمين العام عبداللطيف راشد الزياني على ما بذله هو والعاملون في الأمانة العامة من جهود كبيره للإعداد لهذا الاجتماع.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أكرر الشكر لأخي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والشعب البحريني الشقيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

back to top