لماذا لا يحرر صانعو السينما أفلامهم من المواسم؟ لماذا لا تُطرح الأفلام بشكل دوري بمجرد الانتهاء من تصويرها كما كان يحدث في الماضي؟ وعلى أي أساس يختار المنتج موعد عرض فيلمه؟ وهل العرض في أي وقت في صالح العمل أم ضده؟

Ad

يؤكد السيناريست والمنتج محمد حفظي، أحد المشاركين في إنتاج فيلم {أسوار القمر} المؤجل عرضه منذ أكثر من عام، أن الأفلام تحتاج إلى وقت طويل بعد الانتهاء من تصويرها، لتنفيذ المونتاج وتصميم {التريللر} وإطلاق دعاية كافية لها، وتحديد دور العرض التي ستُطرح فيها وغيرها من مراحل ما قبل العرض.

يضيف أن ثمة أفلاماً لا تعرض في وقتها لأغراض عدة، من بينها رغبة القيمين عليها في مشاركتها في مهرجانات عربية ودولية، ما يمنعها من العرض الجماهيري الذي يتم في ما بعد، وفقاً لما يرونه وقتاً مناسباً، كذلك الحال بالنسبة إلى الأفلام المستقلة.

يوضح في هذا المجال: {عموماً يهمني اختيار توقيت ملائم يحقق لأفلامي إيرادات وفرصة عرض جيدة، وهي الطريقة الوحيدة التي تضمن وجود سينما طوال العام من دون مواسم، وجمهور دائم التردد عليها بدل ترك دور العرض لفترات طويلة، ما يؤثر بالطبع على مستوى الإيرادات وإقبال الجمهور. يتوقف ذلك كله على خطة التسويق والتوزيع التي يتبناها الصانعون}.

إيرادات عالية

يرى هاني جرجس فوزي، منتج فيلم «الجرسونيرة» المقرر عرضه قريباً، أن فكرة ارتباط عرض الأفلام بمواسم بعينها قائمة منذ سنوات، ويعزو أسبابها إلى كونها تحقق أعلى الإيرادات، مشيراً إلى أن إجازة نصف السنة التي يستمتع بها الطلاب بعد انتهاء امتحاناتهم ومواسم الأعياد، تشهد إقبالاً من الجمهور على دور العرض، وهو ما يضعه المنتجون في حساباتهم ويؤكد لهم أنهم اختاروا التوقيت الصحيح، فيحرصون على ذلك في ما بعد في تجارب سينمائية تالية.

يضيف جرجس: {في السابق كان لدينا موسمان للعرض هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد ارتبطت بهما أفلام لنادية الجندي وعادل إمام، لكن اليوم تعددت المواسم: إجازة نصف السنة، الأعياد، موسم الصيف، الفترة التي تسبق شهر رمضان، موسم بين الأعياد الذي يحقق إيرادات لا بأس بها، أما خارج هذه الأوقات فثمة موسم ميت}.

يتوقع جرجس أن يحقق الموسم الحالي إقبالا جماهيرياً، لأن ظروف السينما في الفترة الماضية لم تكن جيدة على عكس الحال قبل ثورة يناير، وستعرض فيه أفلام ضخمة مثل {سمير أبو النيل} لأحمد مكي، {تتح} من بطولة محمد سعد، {الحرامي والعبيط} من بطولة خالد صالح وخالد الصاوي، بالإضافة إلى فيلمين ضعيفين لتحقيق موازنة في العرض وتلبية أذواق الجمهور كافة.

يؤكد أن الفيلم الجيد قادر على جذب الجمهور مهما كان توقيت عرضه، مثلما حدث مع {عبده موتة} الذي بلغت موازنته مليوني ونصف مليون جنيه وصُممت دعاية بسيطة له تناسب فكرته، مع ذلك احتلّ المركز الأول في سباق الأفلام وحقق إيرادات بلغت 20 مليوناً، رغم طرحه وسط أفلام لنجوم شباك من بينهم: محمد هنيدي وأحمد مكي وأحمد حلمي.

لا ارتباط

يوضح عبد الجليل حسن، المتحدث الرسمي باسم {الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي}، أن الأفلام لم تعد ترتبط بالمواسم، {فقد أصبح العام بأكمله مواسم متنوعة، كما أن ظروف الثورة والانفلات الأمني والتظاهرات في الشارع المصري، جعلت لزاماً علينا أن نتقبل أي موسم وبأي أفلام، المهم أن تستمر عجلة الإنتاج السينمائي}.

يضيف: {لم تتأثر السينما بمشكلة اختيار التوقيت المناسب، فعدد الأفلام في تزايد، وكسرنا في السنوات الثلاث الماضية قاعدة عرض فيلم معين في موسم معين. في النهاية، يختار المنتج التوقيت الذي يحقق له عائداً كافياً أو على الأقل يضمن له حضور الجمهور في السينما، لكن أن يعرض فيلمه من دون أخذ الظروف المحيطة في الاعتبار، لمجرد مبدأ الطرح بعد انتهاء التصوير، فحتما سيؤدي إلى خسارته}.

بدوره يشير المنتج غابي خوري إلى أنه من حق أي منتج اختيار التوقيت المناسب للعرض بما يحقق له أهدافه ومصلحته المادية، سواء كان ذلك في المواسم المعتادة أو غيرها، {ثمة أفلام يناسبها العرض في الوقت الحالي وأخرى يتم إرجاؤها لأنها قد تفشل، إذا ما عرضت وسط مجموعة معينة من الأفلام لنجوم كبار، فيختار المنتج وقتاً آخر يسمح لفيلمه بالظهور والنجاح}.

توقيت مادي

يرى الناقد د. وليد سيف أن من حق المنتج البحث عن توقيت يجلب له عائداً مادياً كافياً يعوّض ما أنفقه على الفيلم، ويقول: {ثمة نوعية من الأفلام يرتبط عرضها بمواسم معينة، مثلا في الأعياد نجد أفلام كوميديا خفيفة ورومنسية، وفي مواسم أخرى نجد أفلام حركة ومطاردات واجتماعية... كذلك يختلف الجمهور حسب كل موسم، ففي الأعياد يتألف من الصبية والمراهقين، وفي المواسم الأخرى من شرائح المجتمع المختلفة}.

يشير سيف إلى أن الخطورة تكمن في العرض وسط زحمة أفلام، فيخسر الفيلم متابعيه إذا لم يأخذ حظه من العرض، كذلك في حفظه في العلب سنوات، {حتى إذا تناولت وسائل الإعلام المختلفة كواليسه وقصته ونشرت أخباراً عنه، إلا أن المشاهد يشعر عند عرضه بأنه قديم لا جديد فيه}، مستشهدا بفيلم {الجراج} من تأليفه وبطولة نجلاء فتحي وفاروق الفيشاوي، إذ عرض في {مهرجان القاهرة السينمائي الدوليْ عام 1992 وحصل على جوائز ونال إشادة من الحضور، لكن عندما عرض تجارياً في 1994 لم يحقق النجاح.