أمام دير العذراء، الذي يقع في مدينة درنكا بمحافظة أسيوط، قلب صعيد مصر، وقفت السيدة جاكلين، صاحبة العقود الثلاثة، تطلب إذنا بالدخول مع زوجها، قادمين من محافظة المنيا، التي تبعد نحو 110 كم، للوفاء بنذر عليها بعدما شفي ابنها الصغير من مرض لعين.

Ad

ويعتذر الشباب المكلفون بتأمين مدخل الدير الموجود في قلب الجبل، على ارتفاع أكثر من 100 متر، للسيدة، نظرا لصدور قرار بإغلاقه حتى إشعار آخر، على خلفية استهداف العديد من الكنائس في المحافظة، بينما فشلت كلمات وعبارات استعطافها لهم في استثنائها من قرار إغلاق الدير.

غادرت جاكلين غاضبة، بعدما لم تجد اذانا صاغية من الشباب والعاملين في الدير، بينما حاولوا إقناعها بدفع النذر للمسؤول الذي جلس معهم على البوابة، لاستقبال أصحاب النذور، أو وضعها في صندوق العطايا الموجود بجواره، لكن تمسكها بإشعال الشمعة مع وضع المبلغ المالي للنذر، أمام أيقونة الشمع، كان سببا في رفض الاستجابة لها ومغادرتها غاضبة.

يرجع تاريخ المكان إلى عهد الفراعنة، فالمغارة الموجودة بداخله، والتي اختبأت داخلها السيدة مريم العذراء، هي مغارة فرعونية يعود تاريخها إلى أكثر من 4500 عام، بينما تحولت إلى كنيسة في القرن الأول الميلادي، قبل أن تتحول إلى دير كبير في القرن الرابع الميلادي.

وكان الباب الحديدي الضخم والأسوار التي تحيط بمبنى الدير، وسيلتي التأمين الوحيدتين له، بعد غياب مدرعات الجيش والشرطة، رغم ذلك ألغت الكنيسة هذا العام احتفال "نهضة العذراء"، الذي كان مقررا في مثل هذا التوقيت من العام، وهي الفترة التي صعد فيها جسد السيدة مريم العذراء بعد وفاتها وفق الروايات القبطية، ونصوص الإنجيل، في حين تقول روايات أخرى إنها كانت تحرص على صيام تلك الفترة.

وتبدو الحياة داخل الدير طبيعية، فهناك راهبات يقمن بتسلم الأطعمة من السيارات التي تحملها، وصلوات تقام داخل الكنيسة، بينما تتردد الترانيم القبطية عبر السماعات، ويقف أقباط خاشعين يدعون الله من داخل المغارة أمام صورة السيدة مريم.

وقال أمين الدير الراهب القمص لوقا لـ"الجريدة": "الدير عادة ما يستقبل آلاف الزائرين، خلال هذه الفترة، الذين يحرصون على الإقامة بالدير للتعبد والصلاة، لكن هذا العام اعتذرنا لهم، ولم نستطع استقبالهم بسبب هذه الأوضاع، واكتفينا بمن وصلوا قبل تصاعد الأحداث، خاصة مع قرار إلغاء الاحتفالات".