تفاقمت الأزمة السياسية في تونس أمس، مع إصرار المتظاهرين الرافضين لحكم الإسلاميين على إسقاط الائتلاف الحاكم بقيادة حركة «النهضة» وحل البرلمان الذي يواجه موجة انسحابات تهدد استمرار أعماله، وذلك في أعقاب احتجاجات فجرها اغتيال محمد البراهمي.
وسط انشغال قادة تونس باتفاقية جديدة لاقتسام السلطة تكون بمثابة مخرج للأزمة السياسية التي باتت تهدد إسلاميي حركة «النهضة» وحلفائها في الحكم، تجددت المواجهات فجر أمس، بين محتجين يطالبون بإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي من طرف وأنصار رابطات «حماية الثورة» الموالية للحكومة الإسلامية، فيما أطلق رجال الأمن الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق الاشتباك ومنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر المجلس. وكان الآلاف من المحتجين زحفوا ليل السبت- الأحد على ساحة باردو قبالة مقر المجلس التأسيسي للمطالبة بحله والإطاحة بالحكومة المؤقتة التي يرأسها القيادي في «النهضة» علي العريض بمشاركة حزبين علمانيين. وقال شهود إن أنصار الرابطات، الذين تصفهم المعارضة بالذراع الميدانية لحركة «النهضة»، بدأوا بإلقاء المقذوفات والقوارير على المحتجين مما أدى الى وقوع اشتباكات وتراشق بالحجارة بين الطرفين. وألقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين وإخلاء ساحة باردو. لكن المحتجين عادوا في ما بعد لاستئناف الاعتصام أمام المجلس التأسيسي، الذي دخل العشرات من أعضائه المنسحبين الذين وصل عددهم أمس إلى 70 من بين 217 نائباً، في اعتصام مفتوح. كر وفر واستمرت المواجهات بين المحتجين من الفريقين وتبادل الاتهامات بينهما من جهة وقوات الأمن من جهة أخرى لفترة طويلة في عمليات كر وفر، أدت إلى إصابة العشرات بينهم النائب المعارض بمنجي الرحوي وعدد من الصحافيين والمصورين. ووصلت تعزيزات أمنية كبيرة أمس أمام مقر المجلس تحسباً لتواصل توافد الحشود من المتظاهرين. وكانت الدعوات انطلقت بمقبرة الجلاز فور الانتهاء من مراسم دفن محمد البراهمي، الذي اغتيل الخميس بالرصاص أمام منزله وهو الاغتيال الثاني خلال ستة أشهر بعد مقتل المعارض شكري بلعيد بنفس الطريقة. وشهدت أيضاً عدة مدن تونسية مسيرات احتجاج ليلية لإسقاط النظام، ففي مدينة سيدي بوزيد مسقط رأس البراهمي وقعت مساء أمس الأول مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين، فيما نفذ عدد من المدن والمحافظات التونسية أمس مواكب جنازات رمزية للبراهمي رفع خلالها المتظاهرون شعارات تنادي أيضاً بإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي. وكان رئيس المجلس مصطفى بن جعفر طالب أمس الأول، في كلمة توجه بها إلى الشعب التونسي، الحكومة المؤقتة باتخاذ إجراءات عملية لطمأنة الرأي العام ومن بينها أساساً إنهاء العنف وحل رابطات حماية الثورة. كما تعهد بإنهاء مهام المجلس التأسيسي المنوطة بعهدته خلال شهرين بما يتوج المرحلة الانتقالية في البلاد بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. مخرج سياسي في هذه الأثناء، وبينما واصل شركاء حزب «النهضة» في الحكومة الائتلافية أمس محادثاتهم للتوصل لاتفاقية جديدة لاقتسام السلطة في محاولة لوقف الاضطرابات، بدأت المعارضة التونسية مشاورات لتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وأوضح القيادي في الائتلاف الحزبي اليساري المعارض «الجبهة الشعبية» الجيلاني الهمامي، في تصريحات للصحافيين على هامش مشاركته في اعتصام النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي، ان هذه المشاورات ستتمحور حول اختيار رئيس جديد للحكومة التونسية «يكون من الشخصيات الوطنية المعروفة بكفاءتها واستقلاليتها». وبحسب الجيلاني الهمامي، فإن «جبهة الإنقاذ الوطني» قرّرت تنفيذ العصيان المدني السلمي في كل الجهات و»احتلال مقرات المحافظات والاعتصام بها بعد أن فشلت حكومة الترويكا في إدارة شؤون البلاد على جميع الأصعدة». يُشار إلى أن «جبهة الإنقاذ الوطني» تأسست يوم الخميس الماضي في أعقاب الإعلان عن اغتيال المعارض محمد براهمي، وهي تتألف من 30 حزباً سياسياً ومنظمة أهلية، أبرزها «الجبهة الشعبية»، والاتحاد من أجل تونس. (تونس- أ ف ب، رويترز، د ب أ)
دوليات
تونس: الأزمة تتفاقم وسط إصرار على إسقاط حكم «الإسلاميين»
29-07-2013