يعترض المؤلف تامر ابراهيم على مصطلح «مقتبس»، معتبراً أن العبارة الأدق هي «مستوحى من»، موضحاً: «إذا كان فيلم «على جثتي» مسروقاً بالكامل لتمحورت قصته حول فتاة تخشى عيش قصة حب، لكنها عندما تدخل في غيبوبة نتيجة حادث سير تتحول إلى شبح وتغرم بمستأجر شقتها وعندما تستيقظ تستمر قصة حبها له وتتزوجه، بينما أحداث  «على جثتي» مختلفة تماماً»، لافتاً إلى أنه ليس ضد فكرة الاقتباس عموماً.

Ad

السيناريست خالد دياب الذي اقتبس فكرة فيلمه «ألف مبروك» من فيلم groundhog day لا يمانع من اقتباس أفكار أفلام أجنبية شرط أن تظهر من خلالها قدرة المؤلف والمخرج على الابتكار، لافتاً إلى أن جوائز أوسكار تمنح للأفلام المقتبسة وتحديداً المختلفة عن الأفلام الأصلية، ما يعني أنها ليست ضعيفة.

شرف الاعتراف بالاقتباس

يرى السيناريست نادر صلاح الدين ألا حدود للاقتباس من الأفلام الأجنبية، موضحاً: «عندما تعجبني فكرة فيلم أجنبي أتلاقى معها ذهنياً وأكتبها من وجهة نظري وبما يتناسب مع العرض السينمائي المصري».

يضيف أن ثمة فرقاً بين النقل والاقتباس؛ فالأول يعني نقل أحداث وشخصيات وتتابع مشاهد، بينما الثاني هو اقتباس علاقات وأماكن مع تغيير الأحداث، لتحقيق أغراض مناسبة للقصة الجديدة وملائمة للعرض العربي.

من جهتها لا تمانع الناقدة ماجدة موريس من الاقتباس شرط ذكر المصدر في شارة الفيلم من باب تعريف المشاهد بذلك، وهو ما يسمى بـ «شرف الاعتراف بالاقتباس». تضيف: «لا بد من أن يراعي المؤلف ظروف البيئة المصرية؛ فإذا استطاع تحقيق معادلة موضوعية فتظهر القصة الغربية من صميم الواقع المصري من خلال إيجاد خط مشترك بين المجتمعين العربي والغربي فسيكون بالتأكيد عملا ناجحاً».

تأخذ موريس على فيلم «على جثتي» ليس كونه مقتبساً من فيلم أجنبي بل افتقاده إلى المنطق في تتابع أحداثه وعدم وضوح فكرته، إذ لم تتبين طبيعة المرض الذي يعانيه البطل، هل هو الألزهايمر أم حالة نفسية؟ وهل علاقته بالشخصية التي يجسدها حسن حسني هي تلاقي أرواح بعد الموت أم مجرد علاقة خيالية؟

وتلفت إلى أن المشاهد لم يخرج بأي معلومة كاملة من الفيلم، مشيرة إلى أن تصريح المؤلف بأنه مقتبس عذر أقبح من ذنب لجأ إليه بعدما فشل في توضيح أجزاء غامضة في الفيلم، وتبرير اختفاء بعضها الآخر.

تعتبر موريس أن كثرة الأفلام العربية المقتبسة تدل على استسهال المؤلفين واستغلالهم لنجاح الفيلم الأجنبي وتقديمه بنسخة عربية، من دون أن يكلفوا ذهنهم عناء التفكير في استخراج فكرة من مجتمعهم أو حتى طرحها برؤية جديدة.

تمصير أم سرقة؟

يشترط الناقد رفيق الصبان تمصير الفكرة الغربية عند تناولها في السينما المصرية، فتظهر كأنها خارجة من أدق تفاصيل حياتنا، «لكن للأسف، ثمة نقل كامل للأفلام وهذه سرقة».

ويعزو هذه الظاهرة إلى أسباب أهمها «عقدة الخواجة»، إذ يعتقد المؤلف أن الأفكار الأجنبية متميزة ورائعة وتستحق التقديم من خلال فنانين عرب، علماً أن ثمة أفكاراً أجنبية سيئة وأخرى جيدة، «في حين أنه يفترض الاعتماد على ذاتنا في أفلامنا، ذلك أن السنوات الأخيرة أفرزت أحداثاً يمكن استخراج قصص كثيرة منها، لماذا الاقتباس إذاً؟»

يذكر الصبان مجموعة من الأفلام العربية التي اقتبست من أفلام أجنبية وتم تمصيرها بشكل جيد، من بينها: «البؤساء» و»نهر الحب» و»أمير الانتقام» الذي عُرضت أحداثه بشكل مقنع كما لو أنها كانت في عهد المماليك.

بدورها تلفت الناقدة حنان شومان إلى أن تاريخ السينما المصرية قائم على الاقتباس بل أعظم أفلامها مقتبس من أعمال  أجنبية، على سبيل المثال: أعمال المخرج حسن الإمام مأخوذة من الأدب الفرنسي، أعمال كثيرة للمخرج كمال الشيخ مقتبسة، كذلك روائع يوسف وهبي ونجيب الريحاني، ومعظم أفلام الستينيات الكوميدية من بينها: «صغيرة على الحب» لسعاد حسني، قصته مقتبسة من فيلم أجنبي، إنما تم التعامل معه من منطلق الواقع العربي فخرج بصورة لا يمكن لأي مشاهد اعتبارها غير مصرية، كذلك «آه من حواء» من بطولة رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز، وهو مأخوذ عن رواية «ترويض النمرة» لشكسبير.

تضيف شومان أن السينما الأميركية ذاتها تقتبس من أفلام يابانية، لا سيما أفلام الرعب وتعيد إنتاجها بشكل سلسلة أفلام، وتوضح أن «الاقتباس  بحد ذاته ليس عيباً ولا شيء يمنعه، لكن مع الأخذ في الاعتبار ألا يشعر المشاهد العربي بأن الفيلم بعيد عن مجتمعه، مثل العلاقات بين الشباب والفتيات وحدودها وغيرها من أمور نختلف فيها عن المجتمع الغربي. باستطاعة المؤلف الاستعانة بقصة أجنبية، لكن مع إضافة طابع محلي  في عرض الأحداث ولغة الحوار أيضاً».

تؤكد شومان أن المعيار الحقيقي لصحة الاقتباس هو الفيلم في شكله النهائي، وغالباً لا تنجح الأفلام المتطابقة مع أعمال أجنبية، «حتى إن حققت نجاحاً جماهيرياً فسيبقى في الذهن أنها قصة مسروقة أو مقتبسة حسب طريقة تعامل المؤلف معها».

تدعو شومان إلى الاقتباس من الأدب المصري والعربي الذي غالباً ما تخرج منه أعمال عظيمة، وإن كان فيلم «عصافير النيل» المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب إبراهيم أصلان قد فشل جماهيرياً، لكنه يندرج ضمن حالات استثنائية.