لطالما اختلفت مصر عن سائر الدول من حولها، حيث تميز هذا البلد عن سائر بلدان المنطقة في كل شيء تقريباً؛ ثقافياً وعلمياً وأدبياً، حتى في رائحة رغيف الخبز وطعم الماء الذي يجري في نيلها ليصل إلى عروق كل من أحبها.

Ad

وعندما جاءت ثورة ٢٥ يناير خلال فترة مسلسل "الربيع العربي" لم يتغير هذا الأمر، فَلم يتلوث جسد هذه الثورة بأمراض الطائفية التي فرزت بعض المجتمعات، وأظهرت الازدواج الفكري للبعض الآخر من خلال تقييمهم الطائفي للثورة في كثير من الدول.

إلا أنه بعد سقوط نظام حسني مبارك (ولا نقول بعد نجاح الثورة)، جاءت الانتخابات الرئاسية، وأسفرت عن وصول الدكتور محمد مرسي إلى سدة الرئاسة ممثلاً عن جماعة "الإخوان المسلمين"، تلك الجماعة التي عانت الظلم والقمع والاضطهاد خلال العهد البائد.

وسواء اختلفت أو اتفقت مع مبادئ هذه الجماعة، لم يكن أمام المصريين سوى احترام نتائج الديمقراطية وانتظار الإصلاحات في المجالات كافة.

إلا أن الجماعة تناست الوعود والالتزامات واجتهدت في مشروع "أخونة" الدولة، كما أنها تغاضت عن الخطابات التحريضية ضد الأقليات، بل شاركت فيها أحياناً، كما أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فسالت الدماء وانتهكت حقوق الإنسان، الأمر الذي نتج عنه ثورة مصرية جديدة أراد الشعب المصري من خلالها تصحيح مسار الثورة الأولى.

يبقى كل ذلك شأناً مصرياً خاصاً، إلا أننا نستغرب ما يحصل هنا في الكويت للجماعة إياها من ازدواجية معايير، واستماتة في التبرير لإنقاذ رئيس "ساقط شعبياً" في مصر بحجة أنه "منتخب"، بينما هم نفسهم استماتوا هنا في الكويت لإسقاط مجلس "منتخب" بحجة أنه "ساقط شعبياً"!

كما أني استغربت من تصريح الدكتور جمعان الحربش على "تويتر" عشية يوم ٣٠ يونيو، حيث قال "بانقضاء اليوم ومع عجز المعارضة والفلول على إجبار الرئيس محمد مرسي على التنحي وقدرته على حشد الملايين فإن معارضيه في غير هذا اليوم أعجز"!

فبنفس قياس الدكتور "الحدسي"، يمكن القول إنه بعد أكثر من سنتين، يكون "بشار الأسد" أكثر الحكام في هذا العالم ثباتاً على الكرسي!

ختاماً:

متى يتم احترام إرادة الشعوب، كل الشعوب، دون الالتفات إلى المصالح الحزبية والطائفية؟

ومتى تنظرون إلى الإنسان كإنسان وتتعاملون مع الإنسانية بمسطرة واحدة، وتعتبرون كل الناس "إخوان"؟!