قال نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الكويتي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح ان اقتصادات الدول العربية لا تزال تواجه مخاطر وتحديات كبيرة في ظل استمرار الاضطرابات التي يشهدها عدد من دول المنطقة وما نتج عن ذلك من حالة عدم اليقين من تطور الأوضاع في هذه الدول من جهة إلى جانب تداعيات تباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي من جهة أخرى.

Ad

وأضاف الشيخ سالم في كلمة القاها الليلة الماضية نيابة عن المحافظين العرب في الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين ان التطورات في المنطقة العربية تحظى اليوم باهتمام المجتمع الدولي لما لها من أثر كبير على الاستقرار والازدهار في العالم.

وذكر "لقد انعكس كل ذلك في تراجع معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة وتحديدا بين الشباب وتضاؤل الحيز المالي المتاح وهو الأمر الذي يبدو أكثر وضوحا لدى الدول العربية التي تمر باضطرابات أو تحولات سياسية".

وأكد ان ذلك دفع بعض هذه الدول حرصا منها على الاستجابة للضغوط الاجتماعية إلى زيادة نفقات الدعم والأجور مما عمق من الاختلالات المالية لديها.

وأضاف "لا يخفى عليكم الانعكاسات السلبية الكبيرة لهذه الأوضاع والتطورات على معيشة المواطنين في هذه الدول ومعاناتهم والتي لا أشك في أنها تمثل مصدرا للقلق لنا جميعا في المجتمع الدولي".

واشار الشيخ سالم الى ان الدول العربية تدرك الحاجة في هذا الإطار لمزيد من العمل والجهود لمواجهة التحديات على المدى المتوسط والبعيد بما يشمل تعميق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز فرص التعاون والتكامل الاقتصادي الإقليمي وزيادة الاندماج في الاقتصاد العالمي.

ورأى ان ذلك يتطلب المزيد من الجهود لتنويع قواعد الإنتاج والموارد الاقتصادية وتعزيز الاحتياجات في المجالات الحيوية مثل الغذاء والطاقة والمياه والبنية الأساسية إلى جانب إصلاح النظم التعليمية لتلبية الطلب على العمالة المؤهلة والمنتجة مع تهيئة أسواق العمل لتوفير فرص عمل جديدة ومناسبة للشباب.

ولمقابلة هذه التحديات شدد الشيخ سالم على ان الدول العربية تدرك الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه شركاء التنمية العالميون بمن فيهم المؤسسات المالية الدولية لتوفير الدعم للاصلاحات اللازمة كمكمل للجهود والمبادرات والمساعدات المالية الإقليمية.

وقال "لا شك أن الأمر يحتاج لمزيد من التعاون والعمل المشترك لإيجاد الحلول المناسبة ونحن نتطلع بكل تأكيد لجهود ومشاركة أكبر من المجتمع الدولي في هذا الشأن".

وأضاف "أود في هذا السياق أن أشير الى جهود العديد من الدول العربية في مواصلة تقديم المساندة لدول المنطقة سواء من خلال الدعم المالي المباشر أو عبر تحويلات العاملين إلى جانب ضخ رؤوس الأموال والاستثمارات".

واكد ان هذه المساعي تأتي حرصا على دعم جهود التعافي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في هذه الدول.

وذكر الشيخ سالم ان الدول العربية المانحة تواصل القيام بدورها في تقديم مساعدات كبيرة على المستوى الدولي سواء بشكل ثنائي أو من خلال المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية.

واشار إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول العربية المصدرة للنفط في المحافظة على مستويات إنتاج تدعم استقرار أسواق النفط العالمية من جهة وتستجيب من جهة أخرى لاحتياجات الدول المستوردة.

واضاف "أود وزملائي التأكيد على الأهمية الكبرى لتوسيع نطاق التعاون بين حكوماتنا وكل من صندوق النقد والبنك الدوليين على صعيد الأولويات والتحديات التي تواجه منطقتنا العربية والتشاور فيما بيننا حول أفضل السبل لمعالجتها".

وقال "وإذ ننوه في هذه المناسبة بالاستراتيجية الجديدة لمجموعة البنك الدولي معربين عن دعمنا لها في السعي لاستئصال الفقر المدقع وتعزيز فرص الازدهار للجميع فإننا ندعو في الوقت نفسه البنك الدولي للعمل على تحويل هذه الرؤية الاستراتيجية الجديدة إلى برامج تنموية محددة في منطقتنا العربية تركز على تحقيق نتائج ملموسة قابلة للقياس".

وانطلاقا مما تقدم اضاف الشيخ سالم انه و"بالاستناد إلى أوضاع المنطقة أشير لثلاثة محاور من القضايا التي يتعين التركيز بشأنها يتناول الأول منها وهو الأهم دور صندوق النقد والبنك الدوليين في المنطقة العربية ويتطرق الثاني إلى موضوع مراجعة صيغة الحصص في الصندوق ويتعلق الثالث بالأهداف الإنمائية للألفية الجديدة ما بعد 2015".

وبخصوص دور صندوق النقد والبنك الدوليين قال الشيخ سالم "إننا وإذ ندرك الدور بالغ الأهمية الذي تلعبه المؤسستان لتشجيع التصحيح والإصلاح الاقتصادي في المنطقة سواء عبر توفير المشورة بشأن السياسات المناسبة أو عبر تقديم الدعم المالي والمساعدة الفنية إلا أننا ندرك أيضا أن هناك حاجة حقيقية اليوم لزيادة الدعم المقدم منهما".

واوضح ان ذلك الدعم يشمل دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز قدرات ومتانة اقتصادات دول المنطقة في مواجهة الصدمات الناتجة عن الصراعات والاضطرابات السياسية التي تمر بها.

ودعا المؤسستين وتحديدا البنك الدولي إلى تكثيف الدعم لهذه الدول ولا سيما اليمن ومنطقة القرن الأفريقي اضافة للدول المحيطة بسوريا بما يساعد على مواجهة هذه التحديات بالصورة المناسبة.

وحث المؤسستين على ابداء اهتمام ومرونة أكبر في التعامل مع الدول العربية التي تشهد تحولات سياسية بما يأخذ في الاعتبار الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها هذه الدول.

وقال "صحيح أن صندوق النقد والبنك الدوليين كثفا عملهما التحليلي في منطقتنا خلال العام الماضي ولا سيما في مجالي معالجة الدعم العام من جهة والحماية الاجتماعية وتوظيف العمالة من جهة أخرى إلا أنه وإذ نقدر هذه الجهود فأننا نرى أن المجال لا يزال متاحا لمزيد من المشورة والدعم الذي يتعين أن يراعي اعتبارات عوامل الاقتصاد السياسي لهذه المنطقة.

واعرب عن اعتقاده بأنه يتعين على المؤسستين الاستمرار في تقوية عملهما التحليلي في المجالات ذات الصلة بالمنطقة بما في ذلك معالجة تحديات البطالة المرتفعة بين الشباب وشبكات الأمان الاجتماعي وإدارة موارد المياه والطاقة على أساس قابل للاستمرار إلى جانب قضايا الأمن الغذائي وتعميق القطاع المالي.

والمح الى انه يتعين في هذا الإطار أن يتم التركيز على المساعدة الفنية لتنفيذ وتقديم حلول عملية طويلة المدى بحيث لا يقتصر الأمر على إجراء التحليل وإعداد الدراسات مشيرا الى ان البنك ساهم في قيادة الجهود لإنشاء صندوق التحول لتوفير الدعم الفني للدول العربية التي تشهد تحولات سياسية إلا أن المزيد من الجهود مطلوبة وتحديدا من قبل المجتمع الدولي لتوفير التمويل لهذا الصندوق لمقابلة الاحتياجات الكبيرة للدعم الفني لدى هذه الدول.

وأكد أن احتياجات التمويل الرسمية تبدو اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى لمساعدة المنطقة على معاودة النمو في الصادرات والاستثمارات الخاصة على المدى المتوسط.

ورأى انه إلى جانب الدعم الفني فان هناك احتياجات ملحه لتقديم مساعدات مالية واسعة النطاق لهذه الدول التي تشهد تحولات سياسية معتبرا انها تحتاج لدعم مباشر من صندوق النقد والبنك الدوليين والمشاركة في صياغة خطط وبرامج محددة على المدى القصير والطويل الأجل لتحقيق الاستقرار والتنمية وفقا لنتائج قابلة للقياس تمثل حافز لتوفير الدعم المالي على نطاق أوسع.

وشدد على "اننا نعلق أهمية كبيرة على الدور الذي يضطلع به كل من صندوق النقد والبنك الدوليين في تعبئة الدعم المالي اللازم".

وفي هذا الإطار أكد الشيخ سالم على أن الدول العربية المانحة والمؤسسات العربية والإقليمية الأخرى على أتم الاستعداد للعمل والتعاون الوثيق مع المؤسستين في هذا الصدد.

ورأى انه من المناسب أيضا أن يكون كل من صندوق النقد والبنك الدوليين همزة وصل تربط بين المنطقة العربية والمجتمع الدولي وأن يستخدما قدراتهما المالية والفنية والأهم منها قدراتهما التوفيقية لمساعدة المنطقة وهذه الدول المعنية على تجاوز هذه الفترة الانتقالية الحرجة معتبرا ان إتاحة قدر أكبر من موارد البنك والصندوق تعتبر أمرا ضروريا في بعض الحالات للاستمرار في عملية التكيف وتعزيز ثقة المستثمرين في هذه الاقتصادات.

كما دعا مجموعة البنك الدولي الى توجيه قدر أكبر من مواردها للمنطقة العربية سعيا لإرساء مقومات الاستقرار والازدهار مطالبا ايضا بايلاء تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية الأهمية اللازمة كتلك التي حظيت بها منطقة اليورو.

وأمل أن يعمل الصندوق والبنك على تكثيف جهودهما معا للمساعدة في تعبئة التمويل الخارجي من الشركاء الآخرين لتوفير المزيد من المساعدة لدول التحول العربية التي تمر بأزمة وصعوبات اقتصادية.

وقال اننا ندعو في هذه المناسبة شركاءنا وأصدقاءنا في مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي لبذل المزيد من الجهود والمشاركة في توفير التمويل بشكل أكثر تكافؤا ومماثلا للدعم الذي توفره دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الصدد.

كما دعا مجموعة دول الثماني العاملة في إطار شراكة (دوفيل) إلى تكثيف مشاركتها في جهود الإصلاح في المنطقة بما يعزز من دور هذه الشراكة وجعلها منبرا داعما للإصلاحات المناسبة على نحو متوازن تسانده مستويات كافية من التمويل الخارجي.

وقال "لا يخفى عليكم أن شراكة (دوفيل) لم تحقق المأمول منها حتى الآن إلا أن الأمل لا يزال يحدونا من أنها تستطيع تحقيق أغراضها التي أنشئت من أجلها إذا ما عززت دول مجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي معا تعاونهم الوثيق في هذا الشأن وذلك بالطبع بدعم ومشاركة من كل من صندوق النقد والبنك الدوليين.