البحث عن كوة ضوء في ليل بهيم!
-1-ماذا يفعل باقي العرب الآن من المسلمين الصامتين، وهم الأغلبية الصامتة لكي ينقذوا الإسلام مما هو فيه من محنة على يد الخاطفين والسارقين له، والمنتفعين به؟
على معظم العرب الآن، أن يعترفوا الآن بأنهم ابتعدوا عن الإسلام الحقيقي القويم، والإسلام الحنيف بريء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، حماية وصيانة لشرف الإسلام الحنيف، ولكي يفوّتوا على الغرب اتهام "الإسلام العربي" بالإرهاب، ولكي تبقى الحقيقة ساطعة وهي أن العرب- بعيداً عن الإسلام- هم الإرهابيون، وليس الإسلام ورسالته الإنسانية التي لم تعرف الإرهاب. ومن هنا أقرَّ المؤتمر الدولي للإرهاب الذي عُقد في الرياض في فبراير 2005 بألا علاقة للدين بالإرهاب.-2-فالمسلمون من غير العرب ليسوا إرهابيين، والأتراك ليسوا إرهابيين، ولم يمارسوا الإرهاب في الغرب، وكذلك الباكستانيون، والإندونيسيون، والماليزيون، والبنغاليون، وكافة مسلمي العالم. وما جرى في تركيا، والباكستان، وإندونيسيا، ليس من فعل المسلمين الآسيويين، ولكنه من فعل العرب المسلمين، وبأموالهم، وبتخطيطهم، كما كشفت التحقيقات بعد ذلك. فتركيا وشعوب آسيا المسلمة، لم تعرف الإرهاب قبل ظهور "جماعة الإخوان المسلمين" في مصر، وقبل انتشار العُربان الأفغان في العالم.-3-إن الجرائم الإرهابية الفظيعة، التي ارتُكبت في الجزائر، والمغرب، والسعودية، واليمن، والأردن، ومصر، والعراق، وروسيا، وإسبانيا، وأميركا، وفرنسا، كانت من تدبير وتنفيذ عرب مسلمين، وليس من تدبير مسلمين من غير العرب، وإن هذه البلاد التي انتُكبت بالإرهاب الدموي، لم تعرف الإرهاب على هذا النحو من العنف والوحشية (باستثناء مصر) قبل أن يخطف العرب الإسلام ويكوّنوا "التنظيمات السرية الخاصة"، ويهربوا به إلى تورا بورا وكهوف أفغانستان.فهل ما زال العرب مسلمين إسلام الرسول محمد الكريم عليه الصلاة والسلام؟-4-لا يغُرنّك هذا العدد الكبير من المساجد في العالم العربي، ولا يغُرنّك هذا العدد الهائل من رجال الدين، وهم الأكثر عدداً من "الخبراء" في العالم العربي! ولا يغُرنّك هذه الملايين من المسلمين التي تملأ المساجد كل يوم جمعة، ولا هذه الملايين التي تفد إلى الحج كل عام، ولا هذه الملايين التي تُصلّي التراويح في كل ليلة من ليالي رمضان.ولا يغُرنّك الآلاف من كُتب اجترار الدين دون جديد يذكر، التي تصدر كل عام في العالم العربي، والتي يتغرغر بها "المسلمون" غرغرةً، دون تفكير، أو تأمل، أو تدبّر. لقد تحوّل الإسلام عند هؤلاء من قيم أخلاقية، وواقعية سياسية، وعقل، وتدبّر، ودين حوار، وقبول، ورضا بالفكر الآخر، إلى تعاويذ، وسحر، وشعوذة، وفتاوى سياسية مدفوعة الثمن، وإلى دين شعائر وطقوس، تؤدى كما تؤدى الألعاب الرياضية الروتينية المفروضة، في طوابير الصباح على طلبة المدارس.-5-نحن نعلم أن محمداً الكريم عليه الصلاة والسلام، كان خاتم الأنبياء والمرسلين، وكان ذلك الختام ذا معنى كبير، وهو أن البشرية قد شبّت عن الطوق بعد ذلك، وبلغت سنَّ الرُّشد، وأن الإسلام جاء بأفضل ما جاءت به الحضارات السابقة من فضائل، ونهي عن الرذائل، وتنظيم لحياة الإنسان. ولم يعد هناك من جديد يقال قبل 15 قرناً.ولكنا اكتشفنا نحن العرب الآن، أننا ما زلنا قُصَّراً، ولم نبلغ سنَّ الرُّشد بعد، وأننا رُددنا إلى أرذل العمر، وهو إما الشيخوخة أو الطفولة، وأننا بحاجة إلى رحمة من الله لإنقاذ دينه من سوء ما فعلنا به.فهل يبعث الله فينا محمداً الكريم عليه الصلاة والسلام من جديد، لكي يحارب هذه الجاهلية التي نحن فيها، كما حاربها من قبل 15 قرناً؟علماً أن الجاهلية الحالية التي تحدث عنها الأخوان سيد ومحمد قطب في كتابيهما، والتي نشاهدها الآن على مستويات مختلفة أشد جهلاً من الجاهلية الأولى التي سبقت الإسلام قبل 15 قرناً!وهل يبعثُ الله فينا محمداً الكريم عليه الصلاة والسلام من جديد، لكي يحارب أصنامنا وطواطمنا الجديدة، كما حارب أصنام وطواطم الجاهلية الأولى؟هل يبعث الله فينا من يُجدد له دينه، ويُعيده من سارقيه، ومختطفيه، ومشوهيه، ومزوّريه، ومن المرتزقة، ويصفّيه من الإرهاب والاستغلال، وينقّيه من المتاجرة وطلب السلطان؟نحن الآن، بحاجة الى ردِّ هذا الدين الحنيف من غربته، ومن مختطفيه في الجبال، والكهوف، والسراديب، دون هجرة، ودون قطع لطريق قوافل المشركين، ودون غزوات، ودون هدر دماء.نحن الآن، بحاجة إلى عقد صلح حضاري جديد مع "الكفار"، كما عقدنا قبل 15 قرناً "صُلح الحديبية" مع مشركي قريش، رغم اعتراض بعض الصحابة.نحن الآن، بحاجة الى السخرية ممن يريدون رفع راية الإسلام فوق قصر بكنغهام في لندن، وفوق البيت الأبيض بواشنطن، وإقامة الخلافة الإسلامية هناك!نحن الآن، بحاجة إلى التأمل والتفكير، فيما قاله الشيخ الراحل والمصلح الكبير محمد عبده قبل أكثر من قرن من الزمان، بأننا مسلمون، ولكن بدون إسلام.* كاتب أردني