دخلت القاهرة أمس لعبة السيارات المفخخة، عقب استهداف موكب وزير الداخلية محمد إبراهيم، في محاولة لاغتياله، إلا أن الحادث يشير إلى تنامي العنف في الشارع، في ظل أزمة سياسية ممتدة إلى أكثر من شهرين، مع عودة العمليات الإرهابية الضخمة إلى قلب العاصمة.
في تطور خطير لمنحى الأزمة في مصر، دخلت البلاد أمس في مواجهة قوية مع الإرهاب، بمحاولة استهداف موكب وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، في أعنف عملية إرهابية منذ التسعينيات، ما يشير إلى مرحلة جديدة من العنف، في ظل أزمة سياسية دخلت شهرها الثالث. ونجا وزير الداخلية من محاولة الاغتيال، التي لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنها بعد، والتي استخدم فيها عبوة ناسفة انفجرت حال مرور موكب الوزير صباح أمس بشارع مصطفى النحاس بضاحية مدينة نصر شرقي القاهرة، ما أسفر عن وقوع 11 إصابة بين طاقم الحراسة المكلف بحماية الوزير، فضلاً عن سقوط 10 جرحى بينهم سائحة أجنبية وطفل صغير، إلا أن الوزير لم يصب بسوء. وقال مصدر أمني لـ»الجريدة» إن التفجير حدث من خلال عبوة تم تفجيرها عن بعد، مشيراً إلى أن إجراءات أمنية مشددة جرت في محيط الحادث، من أجل الوقوف على ملابسات الواقعة والكشف عمن يقف خلفها. وقالت وزارة الداخلية، في بيان لها، إن المؤشرات الأولية تُشير إلى تورط عناصر إرهابية في ارتكاب الحادث، الذي يحتمل أن يكون تفجيراً انتحارياً نجم عن عبوة شديدة الانفجار، وضعت داخل حقيبة إحدى السيارات في طريق موكب الوزير، ما أسفر عن سقوط جرحى، فضلاً عن تحطيم واجهة العقار المطل على موقع الانفجار، وأكد بيان الوزارة أن الأجهزة المعنية عثرت بمكان الحادث على أشلاء آدمية يجري التحقق من هويتها. وظهر وزير الداخلية، عقب الحادث مباشرة وأدلى بتصريح إعلامي، قائلاً: «إن ما حدث يعد بداية لموجة من الإرهاب تستهدف البلاد»، واصفاً إياها بـ»الخسيسة»، مشيراً إلى عزم قوات الشرطة على مواجهة الإرهاب والتصدي لأي عملية تخريبية. محاولة اغتيال إبراهيم، جاءت بعد تصريحات إعلامية له مطلع الأسبوع الحالي، قال فيها إنه «يوجد مخططات لاغتيالي، وهناك بعض الجهات الخارجية تريد استهدافي، ولكني لا أخاف طالما الشعب معي»، ويحمل استهداف إبراهيم طابع الثأر بعد ثلاثة أسابيع من فض قوات الشرطة اعتصامات أنصار «الإخوان» في ميداني «رابعة العدوية» و»النهضة»، وسط تهديدات لقيادات الجماعة بإشعال البلاد. إدانة واسعة على الفور، أجرى الرئيس المؤقت عدلي منصور اتصالا هاتفيا للاطمئنان على سلامة إبراهيم، بينما قال رئيس الحكومة حازم الببلاوي إن «محاولة اغتيال وزير الداخلية لن تمنعنا من مواجهة الإرهاب». القوى السياسية المدنية في مصر اتفقت على استنكار الحادث، بينما وجه عدد من الشخصيات العامة والسياسية أصابع الاتهام إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، مطالبين بتصنيفها كـ»تنظيم إرهابي»، وهو ما عبّر عنه صراحة النائب البرلماني السابق محمد أبوحامد متسائلاً عن سبب تأخر الحكومة في تصنيف «الإخوان» كتنظيم إرهابي. من جهته، قال مدير مركز «ابن خلدون» للدراسات، الدكتور سعد الدين إبراهيم، لـ»الجريدة»: «إن من حاولوا اغتيال وزير الداخلية ظنوا أنهم يستطيعون بذلك حماية حركة الإخوان المهزومة وإعادتها للحياة، فهي محاولة انتقامية لن تكون الأخيرة، لأن فلول الجماعة تملأهم روح الغضب، وسيلجأون إلى مثل هذه المحاولات مع عدد من رموز الدولة، ولكنها ستعجل بنهاية الإخوان إلى الأبد». هجمات سيناء محاولة اغتيال وزير الداخلية، تزامنت مع نشاط الجماعات التكفيرية في الهجوم على قوات الجيش والشرطة في سيناء؛ حيث استهدف مسلح يرتدي قناعاً ويحمل سلاحا آلياً أمين شرطة في مدينة العريش الساحلية، ما أسفر عن مقتل الأخير، بينما أطلق مسلحون مجهولون قذيفتي «آر.بي.جي» على كمين أمني تابع لقوات الجيش بالمدينة ذاتها دون وقوع إصابات. في الأثناء، قال مصدر عسكري مسؤول لـ»الجريدة» إنه تقرر إقامة «منطقة أمنية» بعمق كيلو متر واحد، داخل الحدود المصرية الشرقية، كإجراء تأميني من شأنه تحقيق أقصى درجات التأمين للأمن القومي للبلاد. وأوضح المصدر أن ذلك من شأنه العمل على منع وجود أية فتحات للأنفاق خارج هذه المنطقة، حفاظاً على السيادة وعدم التعرض لأية انتهاكات مستقبلية للأمن القومي، مشيراً إلى أن الجانب الفلسطيني يقيم مثل هذه المنطقة الأمنية على مسافة كيلومترين ونصف الكيلومتر داخل قطاع غزة. وشدد المصدر على اعتزام قوات الجيش والشرطة ملاحقة وتتبع كل العناصر الإرهابية، قائلاً إنه تم خلال اليومين الماضيين الكشف عن 38 نفقاً وتدميرها داخل 28 منزلاً بالقرب من الشريط الحدودي داخل مدينة «رفح» المصرية، والتي يتم استخدامها في التهريب والهجرة غير الشرعية والتسلل.
دوليات
الإرهاب ينتقل إلى القاهرة بمحاولة اغتيال وزير الداخلية
06-09-2013