شارك الفنان محمد الشقنقيري في إنتاج مسلسل «في غمضة عين» الذي عرض على شاشة إحدى القنوات الفضائية خلال شهر يناير الماضي، وهو يصف هذه التجربة بأنها جديرة بالاحترام، وخففت الحمل على القنوات والمشاهدين في الشهر الكريم، مطالباً بتفعيلها لأنها ستفتح أسواقاً جديدة للدراما المصرية، بعدما تراجع دورها أمام السورية والتركية.

Ad

يضيف الشقنقيري: «تحتاج هذه التجربة إلى مزيد من الوقت والجهد وتكاتف الجميع لتصبح ناجحة، وتغيير قناعة أصحاب القنوات الفضائية والمعلنين ومن قبلهم المنتجين حول الدراما وتوقيت عرضها»، مشيراً إلى أنه رغم الصعوبات التي واجهها فإنه مقتنع بأن هذه الفكرة ستلقى النجاح المنشود، عندما تتساوى الأعمال المعروضة خلال شهر رمضان مع المسلسلات الجديدة المعروضة في باقي أشهر السنة.

«يستحيل إقامة مواسم درامية أخرى غير شهر رمضان»، برأي إبراهيم أبو ذكري، رئيس اتحاد المنتجين العرب، باعتبار أن العوامل المتوافرة في رمضان لا توجد في أي وقت آخر، «ثمة ترتيب رباني خلال هذا الشهر، إذ يجتمع الناس على موائد الطعام في مواعيد محددة مثل الإفطار والسحور، أما باقي أشهر السنة فلا يتّفقون على أي موعد».

يتهم أبو ذكري الداعين لهذا الموسم بالجهل قائلاً لهم: «آتوا لنا بشهر رمضان آخر نعطيكم موسماً درامياً آخر»، موضحاً أن السبل كافة تصل بنا إلى أن رمضان هو الموسم الوحيد، بشهادة الرعاة الذين أجروا دراسات للسوق الإعلاني في مصر، واكتشفوا أن %75 من المشاهدين يتجمعون أمام الشاشة خلال هذا الشهر، وبالتالي تكون أكبر نسبة للإعلانات في هذا التوقيت، لافتاً إلى أن هذا الكلام عملي ولا داعي لأي مزايدة.

فشل ومهزلة

يعزو المنتج الدكتور أحمد أبو بكر فشل فكرة الموسم الدرامي الموازي إلى التلفزيون المصري وقطاع إنتاجه وحملهما مسؤولية المشاكل التي تعانيها الدراما المصرية، يقول: «يتضمن مبنى ماسبيرو العريق إمكانات بشرية وفنية ومادية، لكنه خرج من حلبة المنافسة الدرامية، وابتعد التلفزيون المصري عن السوق الإنتاجي، علاوة على عدم اهتمامه بما يقدمه، سواء تسويقياً أو فنياً، ولا يسعى إلى ترويج أعماله أو اختيارها بالشكل الدقيق الذي يحقق لها النجاح».

يضيف أبو بكر: «كان يفترض أن يغطي الموسم الدرامي الموازي الأعمال التي لم تعرض في رمضان، وأن يتساوى العرض بين رمضان والموسم الجديد، إلا أن شركات الإنتاج حرصت في السنوات الأخيرة على أن تكون منتجاً مشاركاً أو منفذاً لقطاع الإنتاج أو مدينة الإنتاج، بسبب ارتفاع الكلفة المالية والمبالغة في أجور النجوم والفنيين، ما أدى إلى ابتعاد الشركات الخاصة، بعدما تخلت الدولة عن عملها الأساسي كمنتج، وفضّلت أن تكون منتجاً مشاركاً أو منفذاً، وهذا بحد ذاته مهزلة».

بدوره يوضح المنتج صفوت غطاس أنه إذا ظلت الأمور كما هي فلن نرى موسماً درامياً في رمضان المقبل كما اعتدنا، مشيراً إلى «أن الموسم الدرامي الموازي الذي كان مرصوداً له أن يكون في بداية يناير من كل عام، تزامناً مع إجازة منتصف العام الدراسي، أصبح في عداد المفقودين، باعتبار أن الأعمال التي لم تعرض خلال شهر رمضان قليلة ولم يكتمل تصويرها بعد، علاوة على أن الإعلانات والرعاة في موسم رمضان كانوا قلة مقارنة بالسنوات الماضية، ما يضعنا أمام مشكلة وهي أن القنوات لا تشتري الأعمال إلا عندما تضمن الإعلانات، وهذه المعضلة بالذات ستواجه الموسم الدرامي الموازي في حال تمّ تفعيله».

يطالب غطاس الجميع بالتدخل لحلّ هذه الأزمة، موضحاً أن البعض فرح عندما منع عرض الأعمال التركية، «مع أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى ازدهار المسلسلات العربية، بل ستفتح علينا باباً جديداً على الدراما الروسية والصينية»، مؤكداً أن الحل الوحيد هو إيجاد مخرج لكل هذه الأزمات، حتى لا نفاجأ بأن الدراما المصرية قد انتهت، بعدما أصبح المعلِن هو المتحكم الوحيد بمصيرها وابتعدت الدولة عن دعمها ومراقبتها.

عروض ثانية

ترى الناقدة الفنية ماجدة موريس أنه يوجد، بالفعل، مواسم عرض غير شهر رمضان، لكنها ليست للعروض الحصرية بل للعرض الثاني، وضربت مثلاً على ذلك مسلسلات «موجة حارة»، و{ذات»، و{بدون ذكر أسماء» التي عرضت حصرياً على إحدى القنوات المصرية الخاصة في شهر رمضان، وبعد نجاحها عرضت في أكثر من قناة كعرض ثان.

تضيف موريس أن أصحاب القنوات الخاصة يشترون في موسم رمضان مسلسلين أو ثلاثة، ثم ينتظرون انتهاءه ليشتروا الأعمال التي نجحت وتركت بصمة لدى الجمهور، وظلمت بسبب كثرة الأعمال المعروضة في الشهر الكريم وعدم تركيز المشاهد عليها، موضحة أن صاحب القناة يستفيد كونه يشتري هذه الأعمال بثمن  أقل من ثمنها كعرض حصري.

توضح موريس أن أزمة الموسم الدرامي الموازي لا تتوقف على المنتجين فحسب، «ذلك أن أكثر من طرف يدخل في هذه اللعبة مثل قنوات العرض والمعلنين والرعاة، لا سيما أن المنتجين يجهزون أعمالهم ويتصلون بالقنوات التي بدورها تنتظر المعلنين والرعاة الذين سيمولون العرض، ما يدفعنا إلى الطلب من المعنيين بالشأن الدرامي، سواء منتجين أو أصحاب قنوات أو معلنين، أن يجتمعوا ويتكاتفوا لإنقاذ هذه الصناعة».

أخيراً يرى الناقد الفني رامي عبد الرازق أن هذا المشروع الذي يسمى «الموسم الموازي» ظلم عندما تم تقييمه من خلال «في غمضة عين»، المسلسل الوحيد الذي عرض فيه وهو فقير إنتاجياً وإخراجياً وأداءً تمثيلياً، ولم يتم التحضير له بشكل جيد، مشيراً إلى أنه كان يفترض الترويج لهذا الموسم ليكون نواة لمواسم أخرى، كما يحدث في العرض السينمائي الذي يشمل مواسم عدة.

يضيف: «على القيمين على الدراما أن يعلموا جيداً من هي الشريحة المستهدفة في هذا الموسم، ذلك أن العرض الرمضاني لا يمكن تحديد شريحته، كون الجميع يتابع المسلسلات المعروضة وتكون إعلاناته وفيرة ونسبة مشاهدته عالية، أما الموسم المزعوم فيحتاج إلى مجهود لنصل إلى الحالة المنشودة بعد أن نحدد شريحتنا المستهدفة».