ملحمة وطن

نشر في 13-08-2013
آخر تحديث 13-08-2013 | 00:01
ملحمة الوطن تعود من جديد في تحدٍّ من نوع آخر، ففي يوم السبت الموافق السابع والعشرين من يوليو عام 2013، والذي صادف اليوم الثامن عشر من رمضان المبارك عام 1434، وفي الفترة من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساء، هبّ الشعب بكل فئاته ليرسم صورة حضارية رائعة تعبر عن أصالة هذه الديمقراطية وتأصلها في وجدانه.
 يوسف عبدالله العنيزي وأنا أسير في شارع المسجد الأقصى في منطقة بيان متوجهاً للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، لا أدري لماذا رسمت أمامي ملحمة وطن وشعب, ففي الثاني من أغسطس عام 1990 سار في هذا الشارع نساء وأطفال ورجال رافضين الغزو والاحتلال متمسكين بالكويت الأرض والوطن والنظام، رافعين علمها خفاقاً عنواناً للعزة والكرامة، حاملين صور الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وصور الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، طيب الله ثراهما وأسكنهما فسيح جنانه.

 خرجت تلك المسيرة المباركة في تحدٍّ صارخ للقوات الغازية، فلم ترهبها الرشاشات ولا المدافع، فإيمانهم بالكويت الأرض والوطن ونظامها أقوى من تلك الأسلحة، فأسقطوا بصمودهم وعزيمتهم إمبراطورية الخوف والرعب، وخرج الغازي مدحوراً مذموماً، يجر أذيال الخزي والعار.

 وها هي الملحمة تعود من جديد في تحدٍّ من نوع آخر، ففي يوم السبت الموافق السابع والعشرين من يوليو عام 2013، والذي صادف اليوم الثامن عشر من رمضان المبارك عام 1434، وفي الفترة من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساء، هبّ الشعب بكل فئاته ليرسم صورة حضارية رائعة تعبر عن أصالة هذه الديمقراطية وتأصلها في وجدانه منذ تلك اللحظة من عام 1615، التي أجمع فيها أهل الرأي والمشورة على اختيار الشيخ صباح الأول ليكون حاكماً للكويت.

حدث ذلك منذ ما ينوف على ثلاثة قرون، وستبقى الكويت بإذن الله واحة أمن وأمان ورخاء واستقرار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها شاء من شاء وأبى من أبى.

فتهنئة وشكر من القلب إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، الذي أطفأ نار فتنة كادت تحرق أمن وأمان الوطن واستقراره، فتصدى لذلك بكل ثبات وحكمة، وتم إقرار قانون الصوت الواحد الذي نأمل إن شاء الله أن يحقق آمال وطموحات الشعب الكويتي. وتهنئة وشكر إلى هذا الشعب الذي كان دائماً عند حسن الظن به، فخرج لأداء واجبه الوطني على الرغم من الحرارة التي تجاوزت الخمسين, بعد أن أدى واجبه الديني تجاه ربه وخالقه بالصيام والقيام.

ثم تهنئة من القلب لكل من نال شرف تمثيل الأمة، فهل أنت أخي النائب ممن يقدر هذه المسؤولية التي حمّلك إياها ذلك "الشايب" الذي جاء على كرسيه المتحرك ليقول لك نعم؟ وهل أنت من يقدر هذه الأمانة التي حمّلتك إياها تلك العجوز التي نزلت من بيتها بهذا الجو الملتهب لتقول لك نعم؟

 إنها والله ليست بالأمانة الهينة أو السهلة، بل تنوء بحملها الجبال مصداقاً لقوله جل من قائل "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً" صدق الله العظيم.

لا نريد استجوابات عقيمة, لا نريد ظهوراً إعلامياً ينافس أهل الفن، لا نريد طرحاً قبلياً أو فئوياً أو طائفياً بل نريد مجلس أمة كويتي الطعم والصوت والفكر، وليكن عنوان المرحلة القادمة الاستقرار والتعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل الكويت وأهلها، من أجل حاضرها ومستقبلها، من أجل أبنائنا وأحفادنا.

 نتمنى أن نرى خلال هذا الفصل التشريعي مطار الكويت الدولي الجديد وقد أصبح مفخرة ينافس أرقى مطارات العالم, ونتمنى تعليماً يتخلص من الحفظ والتسميع والرفع والنصب ويتجه للعلم الحديث,

ونتمنى أن نرى مدينة طبية تمتد من ثانوية الشويخ على امتداد الساحل، ونتمنى... ونتمنى... وقائمة لا تنتهي من التمنيات، فهل أنت أخي النائب بمستوى هذا الطموح لتحقيقها؟

نتمنى ذلك مع دعائنا بأن يحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top